عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - حقق نتنياهو وحزبه الفوز المثقل بالمنافسة مع تكتل "كاحول لافان" بزيادة مقعد، حيث حصل على 36 مقعدا مقابل 35 مقعدا لمنافسه، لكنه مع قوى وكتل اليمين واليمين المتطرف يحصد تقريبا 66 مقعدا في حال تمكن من شراء ذممهم بالمال والتنازلات السياسية والأمنية والاجتماعية والدينية والتعليمية/ الثقافية. وعليه يعتبر زعيم الليكود الأوفر حظا في تشكيل الحكومة الخامسة حتى الآن. رغم أن رؤبين ريفلين، الرئيس الإسرائيلي سيدعم تشكيل حكومة "وحدة وطنية"، إلا ان هذا الخيار ليس مؤكدا، وأعتقد انه لا يقبل الآن القسمة على حسابات رئيس الوزراء الفاسد.
وتمكن بنيامين نتنياهو من البقاء في صدارة المشهد الإسرائيلي بفضل عدة عوامل ارتباطا بالشروط الذاتية والموضوعية الماثلة في الواقع، منها: أولا عدم قناعة المجتمع الإسرائيلي بوجود بديل منافس لزعيم الليكود، وغياب فعلي لوجود قائد أو قيادات صهيونية مؤثرة في الشارع الإسرائيلي؛ ثانيا المزاج العام الإسرائيلي انحرف بشكل متسارع في العقد الأخير نحو اليمين واليمين المتطرف، ولم يعد مقتنعا بالتلاوين الأخرى، نتيجة نجاح قوى اليمين العنصرية والفاشية في ضخ كم هائل من المقولات والتعاليم والمعارف الشيطانية الفاسدة والاستعمارية، بالإضافة لإبقاء سيف الترهيب والتخويف من خيار السلام مسلطا على رؤوس المجتمع الصهيوني، وتكريس مقولة "عدم وجود شريك فلسطيني"، ورفع مكانة الأمن فوق كل اعتبار بما في ذلك خيار السلام، وارتباطا بذلك الفوائد الاقتصادية والمالية، التي يجنيها المجتمع الصهيوني من مواصلة العملية الاستعمارية، والأهم بلوغ القوى الصهيونية الصعود إلى الذروة في استكمال مشروعها الاستعماري الإستراتيجي ببناء "دولة إسرائيل الكاملة" على كل فلسطين التاريخية؛ ثالثا انهيار وتلاشي قوى ما يسمى "اليسار" والوسط نتيجة إفلاسها، ومنافستها نتنياهو في ساحته اليمينية واليمينية المتطرفة، مما افقدها القدرة على التميز عنه، مما وضع الشارع الإسرائيلي أمام خيار وحيد، هو التصويت لنتنياهو، رغم كل قضايا الفساد، التي تطارده؛ رابعا الدعم والتماهي غير المسبوق من قبل ادارة دونالد ترامب وفريقه الصهيوني المعني بالملف الفلسطيني الإسرائيلي، الذي بات ينفذ صفقة القرن منذ نهاية 2017، عندما اعترف الرئيس الأميركي الحالي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتابع خطوته المتناقضة مع خيار السلام، بخطوات أخرى تمثلت بملاحقة ملف اللاجئين الفلسطينيين من خلال شطب وكالة غوث وتشغيل اللاجيئن الفلسطينيين، ووقف المساعدات المالية عن موازنة السلطة، وحتى عن المستشفيات في القدس الشرقية، العاصمة الفلسطينية، وأخيراً منحه جائزة الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، مع إمكانية الاعتراف بالسيادة الاستعمارية على باقي الضفة الفلسطينية مستقبلا، وهو ما بشر به فريدمان؛ خامسا الجائزة الروسية، التي قدمها الرئيس بوتين وحكومته لنتنياهو بإعادة رفات الجندي زخاريا عشية الانتخابات ؛ سادسا زيارات عدد من رؤساء وزارات العديد من الدول، وفتح ممثليات تجارية دبلوماسية لدولهم في القدس العاصمة الفلسطينية؛ سابعا تهافت البعض العربي الرسمي على التطبيع مع دولة الاستعمار الإسرائيلية بشكل علني وسري، ساهم في منح نتنياهو الفرصة لتضخيم هذا الجانب أمام الجمهور الإسرائيلي؛ ثامنا ضعف القوى الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، وتفكك القائمة المشتركة، وتراجع نسبة التصويت في الوسط الفلسطيني، مما ساعد نتنياهو وأقرانه في اليمين لتحقيق تقدم ملموس على حساب الفلسطينيين والقوى الإسرائيلية الأخرى، هذة الروافع الذاتية والموضوعية منحت نتنياهو وحزبه التفوق، والبقاء متسيدا على الساحة السياسية الإسرائيلية، واضعفت خصومه، وهو ما يشير إلى ان فوز زعيم الليكود، لم يكن مرتبطاً بالدعم الداخلي فقط، بل بالدعم والهدايا والإقليمية والدولية، وهو ما يشي بأن هناك تورطا للعديد من الأقطاب والدول بصفقة القرن.
وهو ما يفرض ضرورة البحث الجدي في التطورات الجارية، والعمل على الشروع في التنفيذ الفعلي لقرارات المجلس الوطني وقرارات دورات المجلس المركزي للتصدي للمخطط الصهيو أميركي وعنوانه صفقة القرن. 
[email protected]

الحياة الجديدة