وكالات - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - بشكل مفاجئ حتى لشركائه في الحزب والحكومة، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت عن انتهاء ولاية الحكومة وحل الكنيست والذهاب لانتخابات، وفقط قبل ساعات معدودة أبلغ شريكه ورئيس الحكومة البديل يائير لابيد عن قراره، وكذلك فعل مع زملائه في حزب «يمينا» الذين فوجئوا بالقرار السريع الذي اتخذه بينيت. ومع أنه غير واضح تماماً ما الذي دفع بينيت لهذا القرار بهذه السرعة وهو قد منح الائتلاف برهة من الزمن حتى نهاية الشهر، إلا أنه على ما يبدو وصل لقناعة بأنه لا يوجد ما يمكن فعله لإنقاذ الحكومة، خاصة بعد أن أجرى مكالمة هاتفية مع عضو الكنيست نير أورباخ (من حزبه) وأوضح له الأخير بصورة لا تقبل الجدل بأنه سيصوت مع حل الكنيست، ويظهر ان هذا كان موقف عضو الكنيست من حزب «ميرتس» غيداء ريناوي- زعبي. وعليه فقد قرر أن يفعل هذا بنفسه ولا يسمح لزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو بأن ينجح في إسقاط الحكومة في تصويت يبادر إليه.  
من الواضح أن فشل الحكومة في تمرير قانون «المستوطنين» الذي يمنحهم وضعاً مختلفاً عن الفلسطينيين في الضفة الغربية هو الذي مثل بداية النهاية الحقيقية للحكومة التي فقدت الأغلبية منذ استقالة عضو الكنيست عيديت سيلمان من «يمينا»، حيث بقي للحكومة 60 مقعداً في الكنيست أي نصف عدد أعضاء البرلمان. وكان جلياً منذ ذلك الوقت أن الحكومة لن تصمد كثيراً، وأقصى موعد لها هو نهاية العام مع قانون الموازنة العامة الذي يعني الفشل في إقراره حل الكنيست بشكل تلقائي. وهذا الفشل كان ضربة قاتلة لبينيت الذي ينتمي لتيار المستوطنين، والذين سيبقون بدون قانون ينظم علاقتهم بالدولة بسبب ائتلافه. ويقال إن بينيت رغب من خلال  الإعلان عن الذهاب لحل الكنيست بضمان استمرار عمل القانون لفترة إضافية حتى الانتخابات القادمة وتشكيل حكومة جديدة.
ما فعله بينيت مع لابيد وقراره الفوري بتسليمه رئاسة الحكومة فور إقرار حل الكنيست كان خطوة لافتة وتنم عن احترام للاتفاق الائتلافي، وسلوكاً يختلف تماماً عما فعله نتنياهو مع بيني غانتس عندما عمل كل ما في وسعه من أجل منع الأخير من استلام رئاسة الحكومة في التناوب المتفق عليه بينهما. وسيبذل بينيت ولابيد كل ما يمكنهما فعله لتمرير قانون حل الكنيست بأسرع وقت ممكن. واليوم ستكون جلسة إقرار القانون بالقراءة الأولى وربما يكون يوم الإثنين القادم  موعد التصويت على القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، وذلك لمنع نتنياهو من تركيب ائتلاف جديد بدلاً من الذهاب لانتخابات جديدة.
استطلاع الرأي الذي أجرته القناة العبرية الأولى فوراً بعد إعلان بينيت يُظهر أن حزب «الليكود» ارتفعت شعبيته وحصل على 36 مقعداً، وحزب الصهيونية الدينية هو الآخر ارتفع إلى 10 مقاعد. وأيضاً حزب «هناك مستقبل» بزعامة يائير لابيد حصل على 20 مقعداً. ويبدو أن حزب «ميرتس» لوحده لم يتجاوز نسبة الحسم. والمهم أنه لا يوجد لأي طرف أغلبية لتشكيل حكومة، فلم ينجح «الليكود» وحلفاؤه في الحصول على 61 مقعداً، بمعنى أن الوضع الذي ساد خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية سيتكرر بناء على معطيات اليوم. حتى لو كان سقوط الحكومة يشكل انتصاراً كبيراً لنتنياهو الذي نجح خلال عام من تقصير عمر الحكومة ليصبح بذلك نفتالي بينبت صاحب أقصر فترة كرئيس حكومة في تاريخ إسرائيل، فليس واضحاً كيف ستكون نتائج الانتخابات مع التطورات التي قد تشهد اختفاء بينيت وربما «يمينا» من الخارطة الحزبية ودخول لاعب جديد هو رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت  الذي قرر الدخول لحلبة السياسة.
انتصار نتنياهو محفوف بالمخاطر، فهذه على ما يبدو ستكون الفرصة الأخيرة له لتولي منصب رئيس الحكومة والإفلات من العقاب إذا نجح في تشكيل ائتلاف جديد قبل الانتخابات أو بعدها. ولكنه في حال فشل في ذلك فلن تكون لديه فرصة أخرى ولن يُسمح له بأن يخوض المعركة من جديد بعد الفشل، لا في حزبه ولا في الحلبة السياسية. وبالنسبة لنتنياهو فهو سيقاتل بشراسة في سبيل الحصول على 61 مقعداً في الكنيست. وهو سيكون في مواجهة مع يائير لابيد رئيس الحكومة السابق في حال تم إقرار حل الكنيست وليس رئيس المعارضة، وهذا يمنح لابيد أفضلية خصوصاً وأنه قدم نموذجاً مختلفاً في الحكم يقوم على الصدق والنزاهة واحترام التعهدات والالتزامات مهما كلف الثمن. وعلى الأغلب سيستغل الفترة التي سيكون فيها رئيساً للحكومة للترويج لنفسه بشكل جيد، خصوصاً وأن حزبه يتقدم في استطلاعات الرأي ولديه فرصة في المنافسة بشكل قوي قد لا يصل إلى مستوى «الليكود»، ولكن لو نجح في تخفيض حصة «الليكود» قليلاً وازدادت مقاعده فوق العشرين فهذا سيمنع نتنياهو من تشكيل حكومة قادمة ويقضي على فرصه. وبطبيعة الحال كل شيء جائز في السياسة الإسرائيلية بما في ذلك مفاجآت ليست في الحسبان.