حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - ثلاثة عناوين، ثلاثة أبطال، ثلاثة مكونات سياسية صنعت الحدث الكفاحي لانتفاضة القدس، انتفاضة الأقصى، انتفاضة الشيخ جراح طوال شهر رمضان، كل منهم ساهم في وقته، وما تتوفر لديه من طاقة كفاحية كامنة، أربكت المستعمرة، وعرّت تفوقها، وأذلت قياداتها، وجعلتها أضحوكة أولاً أمام مجتمع المستعمرة، وثانياً أمام الشعب الفلسطيني الذي امتلك مراكمة الخبرة والشجاعة، وبات يعرف ما يريد، وثالثاً أمام المجتمع الدولي برمته، وفقدت هيبتها أمامهم.
انتفاضة الأقصى، بدأت بشباب باب العمود يوم 22 نيسان 10 رمضان، وتواصلت حتى وصلت ذروتها يوم 10 أيار 28 رمضان، حتى فجر يوم الجمعة 21 أيار بوقف إطلاق النار، ويمكن حقاً تسميتها يوم القدس، يوم المسجد الأقصى، ويومها مساء بدأ إطلاق صواريخ حماس من غزة، التي سيطرت على المشهد وخطفت الأضواء من فعاليات القدس والمسجد الأقصى لتتحول الصورة إلى مشاهدة جرائم القصف الإسرائيلي للأبراج والمساكن المدنية، ومشاهد ذعر الإسرائيليين وهروبهم نحو الملاجئ.
البطل الأول هم أهل القدس، شبابها وصباياها، من المسلمين والمسيحيين، نساء ورجال أحبطوا احتفال المستعمرة المعد مسبقاً للاحتفال بيوم «تحرير القدس» و»توحيد القدس» وجعلها «عاصمة موحدة للمستعمرة».
والبطل الثاني هم لجنة المتابعة التي قادت أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، من أبناء المدن العربية الثمانية التي لا يسكنها ولا إسرائيلي: الناصرة وشفا عمرو وسخنين في الشمال، وأم الفحم وكفر قاسم وجلجوليا في الوسط، وراهط في الجنوب، وأبناء المدن المختلطة الخمسة ذات الأغلبية الإسرائيلية والأقلية العربية الفلسطينية في حيفا وعكا ويافا واللد والرملة، الذين فجروا انتفاضة مزدوجة الهدف منها أولاَ ضد سياسة التمييز العنصري التي تستهدفهم، وثانياً ضد سياسة الاحتلال والاستيطان التي تستهدف شعبهم أبناء الضفة والقدس والقطاع.
أما البطل الثالث فهي حركة حماس التي برز دورها المميز في معركة التضامن مع القدس وانتفاضتها، ومشاركتها أهل القدس وأبناء مناطق 48، من خلال: 1- تحديد ساعة الصفر لإطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية في مناطق 48، 2- مواصلة القصف ودفع الإسرائيليين للهروب نحو الملاجئ، وتعطيل الاقتصاد والمطارات لأكثر من عشرة أيام، 3- إحباط مخططات أجهزة المستعمرة العسكرية والأمنية لاصطياد قيادات سياسية أو عسكرية بهدف اغتيالهم وتصفيتهم باستثناء الشهيد باسم عيسى قائد لواء غزة في كتائب القسام، وعدد محدود من قيادات الصف الثاني والثالث، 4- رفض قبول مطلب المستعمرة أن تتوقف حماس أولاً عن القصف وتمسكها بمبدأ المعاملة بالمثل من خلال مطالبتها بوقف متبادل ومتزامن لإطلاق النار، وتحديد ساعة الصفر من قبل الطرفين، بوساطة مصرية وغطاء أميركي.
تراجع الإدارة الأميركية عن برودة تعاملها مع الموضوع الفلسطيني، والتقدم من قبل إدارة بايدن في الاتصالات وزيارة وزيرهم بلينكن إلى الأطراف الأربعة: مصر والأردن وفلسطين والمستعمرة، فرضته مسار الأحداث وبسالة الأبطال الثلاثة، وتحريك مظاهرات التضامن مع الشعب الفلسطيني ومظاهر الشجب والاستنكار لجرائم المستعمرة في أغلب بلدان العالم، خلقت ما هو جديد، وأيقظت سلبية سلطة رام الله، وحركت حواسها البليدة، ودفعت شيخوختها التائهة غير القادرة العاجزة عن التقاط الأولويات بعد أن سقطت في وحل تأجيلها أو شطبها للانتخابات الرئاسية والتشريعية مما يجعل شرعيتها تتآكل على طريق فقدانها مع الوقت، إذا لم تصحو وتدرك أن أهم عمل يمكن عمله هو توحيد فرق حركة فتح المتمثلة بالكتل الانتخابية الثلاثة، فالوحدة الفتحاوية هي شبكة الخلاص، وهي رافعة الإنقاذ من الإحباط الذي أوقعت نفسها فيه بعنادها وتصلبها وأنانية من يقودها!!.