اياد عبادلة - النجاح الإخباري - هاجمت طائرات ومدفعية الإحتلال على مدار اليوم وأمس عددًا من مواقع الفصائل الفلسطينية، ونقاط الرصد على الشريط الحدود الحدودي للقطاع، فضلًا عن مباغتة الزوارق الحربية بنيران رشاشاتها، مراكب الصيادين ومطاردتهم في عرض البحر، زعمًا بأن القصف جاء ردًا على إطلاق الفصائلالفلسطينية لعدد من الصواريخ تجاه المستوطنات المحيطة، بقطاع غزة من الشرق والشمال، في الوقت الذي يعيش الفلسطينيون موجة من الغضب العارم نتيجة إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن القدس عاصمة لدولة إسرائيل المزعومة، ونيته نقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس، لكن تصاعد وتيرة القصف تُنذر بانفجار القنبلة الموقوتة، لدى الشارع الفلسطيني، جراء معناته من حصار خانق على مدار أكثر من 11 عامًا، وحذَّر محللون مختصون في الشأن الاسرائيلي، من تدحرج كرة اللهب، وانفجار الوضع العام، والذهاب إلى حرب مفتوحة إذا ما استمر التصعيد على هذا الشكل، لكنهم أشاروا إلى أن الوضع العام الداخلي، والجهود التي تبذل لإنهاء الإنقسام واتمام المصالحة، والوضع الإقليمي في المنطقة العربية برمتها، لا يستوعب قيام حرب جديد، فيما أكدوا في نهاية الأمر، ومن واقع التجربة في الحروب السابقة، على أن الميدان هو سيد القرار.

وحول الوضع الميداني واتهام الاحتلال للفصائل بإطلاق الصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة، والتهديد بتصعيد مفتوح إذا استمرت الفصائل الفلسطينية، بإطلاق قذائفها تجاه المستوطنات المحيطة بغلاف غزة، رأى الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، د. هشام أبو هاشم، أن الإحتلال يتهيأ للفرصة بين الحين والآخر، من أجل كسب الوقت في قضايا الفساد التي يواجهها رئيس الوزراء لإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن ناحية أخرى، تنفيذ مخطط صفقة القرن المزعومة، الرامية إلى تسويق دولة فلسطينية في قطاع غزة، وتذويب الضفة في المستوطنات وتقطيع أوصالها، وتحويلها إلى "كانتونات", وأشار في تحليل خاص لـ"النجاح"، إلى بعض من القادة الإسرائيليين وحلفائهم في العالم، صدرت عنهم تصريحات حول هذا الأمر وقاموا بزيارات إلى غزة وتباحث مبعوثيهم في الأمر، الذي هو أصلًا مرفوض فلسطينيًا وعربيًا، وبين أن الفصائل الفلسطينية تداركت الأمر وذهبت باتجاه دعوة الرئيس لإتمام المصالحة، فيما أكد المختص في الشأن الإسرائيلي د. فريح قديح، على أن أصحاب نظرية الاعتزاز القومي في إسرائيل، والذين هم أعضاء في الائتلاف القانوني، ويدفعون بين الحين والآخر باتجاه تصعيد، على الأراضي الفلسطينية وخصوصًا قطاع غزة، من أجل ترميم قوة الردع الخاصة بالمنظومة العسكرية للإحتلال، نتيجة تأثرها في حرب عام 2014.

وبين قديح، في تحليل خاص لـ"النجاح"، أن أصحاب النظرية استطاعوا خلال السنوات الماضية من التقدم خطوات بشكل تدريجي، والتغلغل في المؤسسة العسكرية، ومراكز صنع القرار، ومن أبرزهم وزير الجيش الحالي، أفيغدور ليبرمان.

ولم يستبعد، المحللان،" أبو هاشم وقديح"، أن يكون تدحرج كرة اللهب باتجاه تصعيد متعمد من قبل الإحتلال لإتمام مخططه الذي أعده، حول مشروع القدس الكبرى، بحلول عام 2020، منوهًا إلى أن اعتراف ترامب ونيته نقل السفارة الأميركية إلى القدس، قتل فيه حل الدولتين وبات يمهد لمنح الفلسطينيين دولة في قطاع غزة، وحكم محدود في الضفة.

وأشار، أبو هاشم، إلى أن المواجهة المُثلى للمشروع الاسرائيلي الأميركي، هو عبر اتباع القنوات القانونية الدولية، استنادًا للمواثيق والاتفاقيات الموقعة بين العرب والفلسطينيين من جهة واسرائيل من جهة أخرى، والتي تمت برعاية أميركية ودولية واعترفت بها الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وشدَّد أبو هاشم على أن واقع التجربة الفلسطينية أثبت أن الميدان هو سيد القرار بالحرب أو التهدئة، لافتًا إلى أن الفصائل الكبرى في القطاع، مثل فتح وحماس والجهاد الإسلامي، لا يستطيعون كبح الغضب الفلسطيني، وردة الفعل، على القرار الأميركي الذي استفز مشاعرهم، وانتزع حقوقهم ملكيتهم في القدس، وتدارك في تحليله أن لمصر دور قوي في عملية المصالحة وترتيب أوضاع المنطقة، مستبعدًا أن تقدم اسرائيل على مثل هذه خطوة التصعيد المفتوح والتي من شأنها أن تنسف كافة الجهود التي تُبذل حاليًا لتسوية أوضاع المنطقة برمتها، وحمايتها من التطرف وانتشار الفكر المتشدد, والإرهاب.

وأكد قديح على أن أوضاع الإقليم، لن تتحمل إعلان حرب، لأن النتائج ستكون سلبية على المنطقة برمتها، مشيرًا إلى أن الدول العربية أصبحت منشغلة تمامًا في تصويب أوضاعها الداخلية، ومحاربتها للإرهاب، والتطرف، وأي إعلان حرب مفتوحة أو استنزاف، من أجل القدس لكن أن تتوفر لها مقومات الصمود، من أجل تعزيز دور المقاومة في مواجهة آليات الإحتلال.

واعتبر، أبو هاشم، أن عدم تبني الأجنحة العسكرية للفصائل الكبرى، فتح وحماس والجهاد" لإطلاق الصواريخ، هو بحد ذاته قرار بأن يكون التصعيد محدود ولن يرقى إلى مستوى حرب كما شهدناها في مطلع شهر تموز/يوليو من العام 2014، لكن قديح أرجح أن بعض النخب الإسرائيلية اليمينة هي من تدفع باتجاه حرب، مؤكدًا على أنها ترى أن مكاسبها السياسية، تتحقق من خلال التصعيد، وتُؤمن بأن التصعيد يفتح المجال أمامها للاستحواذ أكثر على الأراضي الفلسطينية في الضفة، وضمها لصالح التوسع الاستيطاني، بحجج السيطرة الأمنية، وتعزيز أمن دولتهم المزعومة "إسرائيل".

يُذكر أن الإحتلال يُحاول التصعيد ضد قطاع غزة، وتحييد البوصلة الإعلامية، والرأي العام العالمي، عن مخططاته الرامية إلى إعلان القدس الكبرى، "الموحدة" عاصمة لدولة اسرائيل المزعومة، عبر الحرب في الجبهة الجنوبية، واشغال قادة الإقليم في مساعي التهدئة.