هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - بعد أن أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أمس، استقالته من منصبه، من الرياض في خطاب متلفز، بدأت حالة من التخبط في الشارع اللبناني، وتساؤلات عن المرحلة القادمة، خاصة وأن هذه المرة الأولى التي يتم بها اعلان استقالة من دولة أخرى.

وحول هذا أكد المحلل السياسي في لبنان حسام عرار لـ"النجاح الاخباري" أن أمريكا أرادت إعادة الكرة من جديد باتجاه محور المقاومة في لبنان بعد فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد، وخسارتهم في سوريا والعراق واليمن، لافتا إلى أن هذه المرة تداعياتها كانت محلية أكثر منها اقليمية.

وأضاف عرار أن ما يحدث الان هو ترددات للزلزال الأكبر "داعش" في المنطقة، مشيرا إلى أن اتباع ذلك ستكون في اطار الضغوطات الاقتصادية والاعلامية والسياسية.

ونوه إلى أن ذلك لن يؤدي إلى الاحتكاك بالسلاح في لبنان، خاصة بعد 17 سنة حرب في لبنان، قائلا "الشعب اللبناني أدرك أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل القضايا".

استقالة سعودية بحتة

واعتبر عرار، أن الاستقالة سعودية بحتة وليست لبنانية، مضيفا أن كافة الأجهزة الامنية اللبنانية، نفت عملية اغتيال الحريري،  قائلا "حتى الحريري  تفاجأ من طلب الاستقالة"، لافتا إلى أن الأمور في لبنان كانت طبيعية قبل مغادرة الحريري للرياض، والتقى بالوفد الايراني في لبنان، وكان يتم الاتفاق على الانتخابات والتعيينات وسلسلة الرتب والرواتب داخل الحكومة اللبنانية.

ورجح، بأن الحرب لن تكون في لبنان، قائلا "لا أحد يستطيع أن يخوض حربا جديدة، ولا حتى بدعم سعودي"، مشيرا إلى ان السعودية على مشارف الإفلاس  بعد دفع المليارات في سوريا والعراق واليمن، وربما ستكون هناك حرب اعلامية، أو حرب مفتوحة مع الاحتلال.

مؤشرات لحرب جديدة

وفيما يتعلق بتأثير الأحداث على فلسطين، أشار عرار، إلى أنه بعد حادثة شهداء النفق في غزة، هاتف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله القيادي في حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح، ورئيس حركة حماس يحيى السنوار، ليقدم تعازيه، ما يعني أنهم على اتفاق وتفاهم.

وتوقع عرار، أن المعركة القادمة ستكون على ثلاث جبهات، من قطاع غزة في فلسطين، والجبهة الجنوبية الشمالية جنوب لبنان، وعلى الجولان على الجبهة السورية، ما اعتبره عرار أن العلاقة في هذه المناطق على تفاهم لحرب مفتوحة، في حال عاد العدو وتمادى على الشعب اللبناني أو الفلسطيني بالمشروع الأمريكي الضاغط على ايران.

ولفت، إلى أن رسالة ايران أمس كانت واضحة جدا فور اعلان الاستقالة من الرياض، ردت ايران بصاروخ على الرياض من عدن.

وتساءل عرار هل سيعود سعد الحريري أم سيبقى في السعودية؟، مشيرا إلى أنه في حال أطال الاقامة هناك سيلجأ رئيس الجمهورية اللبنانية إلى مشاورات غيابية ملزمة، لتعيين رئيس حكومة جديد، خاصة وأن لبنان سبق وعاشت ذات الأزمة عندما عين نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة اللبنانية وقدم استقالته في 2013.

انتهاء الحريرية في السعودية

المختص بشؤون الشرق الأوسط حسن عبده أوضح لـ"النجاح الاخباري" أن الاستقالة تعني "انتهاء الحريرية في السعودية"، لافتا إلى أن هناك أخطاء راكمها الحريري من وجهة نظر السعودية، إضافة إلى معاناته من أزمات داخلية عدة، وما أربك السعوديين وأغضبهم اللقاء بين الحريري والمستشار الأعلى الايراني علي أكبر، وبالتالي كانت استقالة تحت الضغط السعودي.

خطأ اللقاء الايراني اللبناني 

وأضاف عبده أنه لم تعد السعودية تستطيع تحمل حجم الأخطاء التي تتعارض مع الاستراتيجية السعودية التي ترفع شعار المواجهة مع ايران، وتأتي الاستقالة ضمن التغيرات التي تحدث داخل السعودية وعلى الصعيد الاقليمي لترتيب مواجهة واسعة مع ايران.

وأكد أن حالة التخبط في الشارع اللبناني ليس لها علاقة بالاستقالة، خاصة وأن هناك حالة من الاستقرار، مقارنة بما عاشته لبنان سابقا كغياب رئيس الدولة، وفور تعيين الحريري رئيسا للحكومة وعماد عون رئيسا للدولة عاشت لبنان فترة جيدة استطاعت من خلالها ابعاد المخاطر في منطقة القلمون وعدة مناطق ونجحت الى حد كبير في ذلك.

وأوضح لـ"النجاح الاخباري" أن اللقاء الايراني اللبناني كان "القشة التي قصمت ظهر البعير" فهذا لا يروق للسعوديين وحاولت ادخال الفوضى واعادة خلط الاوراق على الساحة اللبنانية وتعكير الجو لدى حزب الله .

الكتاب مقدمة للحرب

وفيما يتعلق بالكلمات المستخدمة في كتاب الاستقالة نوه عبده إلى أن الكتاب كتبه السعوديين مقابل تقديم دعما ماليا لتسوية وضعه المادي، قائلا "لكنها لا تعبر عن جوهر وموقف سعد الحريري، خاصة وأنه لأول مرة يتم تقديم الاستقالة من دولة اخرى"، لافتا إلى ان الاستقالة تتم بعد تقديمها لرئيس الدولة وينظر بها دون هذا التدخل الفج من قبل السعودية في الحلبة السياسية الداخلية اللبنانية.

ورجح أن كلماته في الاستقالة قد تكون احدى المقدمات لحرب، في الوقت الذي عادت به الاتهامات الامريكية وتحدث الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن العمليات التي جرت بمطلع الثمنينات في لبنان وفرض عقوبات على حزب الله، مشيرا إلى أن  كافة  المعطيات تشير الى ان هذه الخطوة ليست منفردة بل هي جملة من الخطوات تجاه حزب الله وايران.

وأكد أن القضية الفلسطينية تدفع ثمن أي حروب داخلية أو خلاف في المنطقة.

وكان قد قال الحريري في كتاب الاستقالة "حزب الله يفرض أمرا واقعا في لبنان بقوة السلاح، فهو الذراع الإيراني في لبنان والدول العربية ويخطف البلد".

ونوه عبده إلى أن هناك استحقاق بلبنان وانتخابات نيابية، متسائلا هل يتم تأجيلها أم لا، لافتا إلى أن السيناريو القادم في الساحة اللبنانية غير واضح، قائلا "هل سيعطل المسار وتدخل لبنان في حالة فراغ وأزمة سياسية كالماضي؟.

الساحة اللبنانية باتت مكشوفة لأي اعتداء 

بدوره أوضح المحلل السياسي إبراهيم المدهون لـ"النجاح الاخباري" أن استقالة الحريري بهذه الطريقة جاءت بعد تعقيدات في الملف اللبناني والمكان الذي اختاره لإعلان الاستقالة من الرياض هو بمثابة اعلان حرب وقطيعة مع حزب الله وايران.

وأكد المدهون أن هذا الحدث سيؤثر بشكل خطير على الساحة اللبنانية، لافتا إلى أن السعودية وذراعها الحريري أرادوا أن يرفعوا أي غطاء شرعي عن الكيان الموجود في لبنان وكشف ظهر لبنان أمام أي عدوان سواء كان اسرائيلي أو أمريكي، قائلا :"وجود الحريري في لبنان كان يشكل توزانا داخل المعادلة اللبنانية".

وقال إن الساحة اللبنانية اليوم باتت مكشوفة، ما يؤدي إلى تطور الأحداث، قائلا "ولكن الساسة اللبنانيين قادرون على تدارك الأزمة".

ورجح بأن ما حدث قد يكون تمهيدا لحرب، وتستغل اسرائيل ذلك بتوجيه ضربة للبنان وحزب الله ولكن قد تحتاج لوقت، في الوقت الذي تخشى اسرائيل المواجهة، نظرا لإدراكها لقوة حزب الله.

اسرائيل معنية بتشويه صورة المقاومة والجهاد وربطها بمصير حزب الله

أما على الساحة الفلسطينية، نوه المدهون إلى أن التداعيات ستكون طفيفة ، والمهم الآن هو حماية تواجد الفلسطيني في لبنان، والتواؤم مع ما يحدث كي لا يميل لحزب على حساب آخر، أو يتورط في أي تصعيد تشهده الساحة اللبنانية، خاصة وأن الفلسطيني في لبنان وضعه صعب وبحاجة لاهتمام من منظمة التحرير وحماس.

وأضاف أنه لابد من العمل بشكل مكثف لإبعاد الفلسطيني قدر المستطاع عن أي احتكاكات، قائلا "المعركة ليست معركتهم، ونحن لدينا قضيتنا وهي مواجهة الاحتلال".

وكان قد صرح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وفقا لموقع “واللا” العبري فور استقالة الحريري قائلا “استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري والتصريحات التي رافقتها بمثابة منبه للمجتمع لكي يتخذ إجراءات ضد العدوان الإيراني في المنطقة، وسعيها لتحويل سوريا للبنان رقم 2، عدوانية لا تشكل خطر على إسرائيل، بل على الشرق الأوسط بكامله، المجتمع الدولي عليه الاتحاد ضد العدوانية الإيرانية”.

وعلق وزير جيش الاحتلال “أفيغدور ليبرمان” على استقالة رئيس الوزراء اللبناني قائلا “لبنان محتلة عملياً على يد حزب الله وإيران، بالتالي هذا المسار هو أحد المسارات المقلقة، مسار يعمل في سوريا وفي لبنان، والمسار  نفسه يمد نفوذه لقطاع غزة، حيث لم يكن في السابق علاقة كالتي موجودة اليوم بين حماس والجهاد الإسلامي مع إيران”.

وحول هذا أوضح المدهون لـ"النجاح الاخباري" أن اسرائيل معنية بتشويه صورة المقاومة، وربطها بمحاور، تهدف من خلالها تصعيد الرأي العام ضد حزب الله، وبهذا تستغل اسرائيل الأمور الداخلية لتستفرد في كافة القوى المعادية لها.

وأشار إلى أن ربط حزب الله وايران بحماس والجهاد الاسلامي ليس جديدا، ولكن الاحتلال يريد أن يربط مصير حماس والجهاد بمصير حزب الله وايران وأنهم بسلة واحدة.

السعودية ستلعب بملاعب غيرها

وأكد المدهون ان السعودية ستكون بعيدة عن أي اشكاليات مباشرة، وأي مواجهة ستكون في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، خاصة وأن السعودية وايران يلعبان بملاعب غيرهما، نظرا لما يتمتعون به من نفوذ، ما يعني القتال عن بعد.

وتوقع أن المساس بالمصالح السعودية ستكون في لبنان واليمن والعراق، مشيرا إلى أنه من الصعب الوصول للعمق السعودي، نظرا لقوتها.

يذكر أن الحريري قال في كتاب استقالته أمس لن نقبل أن يكون لبنان منطلقا لتهديد أمن المنطقة، فالإحباط والتشرذم في بلدنا أمر لا يمكن القبول به، ولإيران رغبة جامحة في تدمير العالم العربي فالشر الذي ترسله إيران إلى المنطقة سيرتد عليها".