النجاح الإخباري -  كان عضوا مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت من حزب معسكر الدولة بمثابة "رمّانة الميزان" في حكومة يمينية إسرائيلية متطرفة، وظلا يحاولان التأثير باتجاه اتخاذ قرارات لا تميل نحو اليمين المتشدد حتى مساء الأحد حين تبيَّن لهما أن تأثيرها بقي محدودا في مجلس الحرب فاستقالا منه.

ورغم أن غانتس وآيزنكوت كانا يدعمان كل الخطط العسكرية للحرب على قطاع غزة ولا يعارضان العمليات التي أدت إلى استشهاد أكثر من 37 ألف فلسطيني حتى الآن، ظل الخلاف قائما بينهما وبين نتنياهو، ليس على الفكرة العامة للحرب على غزة وإنما على تفاصيلها، وتحديدا أمد الحرب ومسألة اليوم التالي لها، بالإضافة إلى الخلاف على قضايا داخلية مثل قضية تجنيد اليهود المتدينين في الجيش.

وكان غانتس على تواصل مباشر مع الولايات المتحدة التي حاولت ضبط إيقاع قرارات الحكومة الإسرائيلية. وسبق وأن دعت واشنطن غانتس لزيارتها حيث التقى مسؤولين أميركيين. وكان المسؤولون في إدارة البيت الأبيض يلتقون أيضا غانتس في كل زيارة لهم إلى إسرائيل.

ومع استقالة غانتس وآيزنكوت من حكومة الحرب أمس الأحد، تحوَّلا إلى صفوف المعارضة وسط مصير مجهول لمجلس الحرب وتساؤلات عما إذا كان نتنياهو سيعوّض غياب الاثنين بغيرهما أم سيحل المجلس بأكمله ويكتفي بالحكومة الأمنية المصغرة التي تضم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وذهب المحللون الإسرائيليون بعيدا في قراءة المستقبل، واصفين نتنياهو الذي كان مع القرارات المتطرفة بأنه أصبح "الأقل تطرفا" و"الليبرالي" الجديد في الحكومة التي صُبغت بهوية يمينية كاملة بعد خروج غانتس وآيزنكوت.

* "الجدار الحديدي"

ويتوقع المحلل في هيئة البث أمنون أبراموفيتش أن تؤدي خطوة غانتس وآيزنكوت لزيادة نفوذ الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية.

وقال "ما فعله غانتس له أهمية كبيرة أيضا بالنسبة للعلاقات مع الإدارة في الولايات المتحدة والبيت الأبيض والبنتاغون؛ وهذا له تأثيره كذلك على قادة الجيش الإسرائيلي والمحاربين في الميدان ورؤساء الأجهزة الأمنية، وسيكون له بالتأكيد تأثير على عائلات الجنود وعائلات المختطفين".

وهو يرى أن المسؤولين الإسرائيليين يبحثون الآن عن أمنهم السياسي وليس عن أمن إسرائيل. وأضاف "من هذه اللحظة فصاعدا سيتعين علينا أن نرى ما ستفعله حكومة نتنياهو وسموتريتش وبن غفير. سنراها تجدد الاستيطان في الضفة الغربية، وسنراها تغزو جنوب لبنان، وسنراها تهاجم إيران، وبالطبع سنراها تواجه السلطة الفلسطينية".

وتعتقد المحللة السياسية آنا براسكي أن خروج غانتس هو نتيجة لمجموعة من التفاعلات وليس فقط عدم وضع خطط لنهاية الحرب في قطاع غزة. وقالت "لقد كان ذلك مزيجا معقدا من الأسباب والظروف".

وأضافت في تحليل نشرته في صحيفة معاريف الإسرائيلية "نتنياهو لا يريد أن يكون غانتس وآيزنكوت الجدار الحديدي للولايات المتحدة في مجلس الحرب".

وأوضحت أن الإدارة الأميركية رأت أن غانتس وآيزنكوت ربما كانا شريكين أقرب لها من نتنياهو "وأصبح الاثنان بمثابة جدار حديدي يمنع الجناح اليميني في حكومة نتنياهو من التدخل في شؤون الحرب".

وتستغرب براسكي من خروج غانتس من مجلس الحرب على عكس رغبة أنصار حزبه الذين يردون الوحدة في هذه الفترة. وقالت "أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت أسبوعا تلو الآخر بين أنصار غانتس أن ناخبي معسكر الدولة يريدون الوحدة بدرجة أكبر بكثير من معارضتهم حكومة نتنياهو الأصلية". 

وتابعت "لكن في النهاية حدث ما كان يجب أن يحدث: تقاعد غانتس تاركا نتنياهو مع أصدقائه الطبيعيين وبنفس المشكلة التي لم تفارقه منذ بداية ولاية الحكومة".

وأضافت "عاد نتنياهو ليكون العضو الأكثر اعتدالا وليبرالية في حكومته. وعليه الآن أن يواجه الضغوط العالمية المتزايدة والتهديدات بالمقاطعة والعقوبات، كل هذا عندما يسحبه صقور حكومته في الاتجاه المعاكس".

وتشير براسكي إلى أن الواقع الجديد قد يدفع نتنياهو للتوجه إلى انتخابات مبكرة، وهو ما يطمح إليه غانتس والمعارضة الإسرائيلية.

* من دون استراتيجية

ويعتقد المحلل في القناة الثانية عشرة لهيئة البث الإسرائيلية أميت سيغال أن غانتس دخل مجلس الحرب دون أن تكون في ذهنه استراتيجية للخروج منه، مشيرا إلى أن خروجه لا يأتي في وقت مثالي.

ويعتقد سيغال أن التوجه نحو انتخابات مبكرة يبدو الآن نهجا لغانتس، وربما يتحقق ذلك.

وقال "إذا أجريت انتخابات مبكرة في إسرائيل، فسيكون ذلك بسبب قانون التجنيد الذي يعفي اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية وسط توقع بحكم من المحكمة العليا برفض القانون حتى لو أقره الكنيست".

ويصوت الكنيست مساء اليوم الاثنين على القانون الذي كان يعارضه غانتس وآيزنكوت. وانضم وزير الدفاع يوآف غالانت إلى معارضته حسبما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم.

وذكرت الصحيفة أن معارضة غالانت الذي ينتمي لحزب الليكود بزعامة نتنياهو لن تؤدي إلى إفشال تمرير القانون كون الائتلاف الحاكم يمتلك 63 عضوا مؤيدا في الكنيست من دون غالانت من أصل 120 عضوا. لكنها أكدت أن معارضته ستشكل أهمية في قضية الرأي القانوني فيما بعد كونه يشغل منصب وزير الدفاع.

وأضافت الصحيفة "قرر غالانت اتخاذ خطوة احتجاجية جذرية إلى حد ما، ولم تتضح بعد عواقب خطوته الدراماتيكية وما العقوبة التي قد تلحق به بسببها".
 
وقال غالانت في محادثات مغلقة  وفق الصحيفة "أولئك الذين يمثّلون الجنود لا يمكنهم دعم القانون".

أما المحلل في هيئة البث دافني ليال فيعتقد أن غانتس حدد في خطاب استقالته نوع المعارضة التي سيكون عليها وأوضح أنه سيدعم أي اتفاق يتم التوصل إليه بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.

وأشار ليال إلى أن غانتس سيبدأ من اليوم خطوات التنسيق مع المعارضة لإقرار ما يمكن فعله بشكل جماعي بما في ذلك الدعوة لانتخابات مبكرة، وكذلك تنظيم الصفوف لمعارضة قانون تجنيد اليهود المتدينين باعتباره قضية مركزية يمكن أن تفكك الائتلاف الحاكم.