منال الزعبي - النجاح الإخباري - هالة سعيد أبو دية، الطالبة التي خاضت معركة النجاح وهي أم لخمسة أبناء، طالبة الامتياز في تخصص هندسة الديكور، هي ابنة عائلة الـ 80 شهيدًا ويزيد، منحتها الحرب ألقاب جديدة: أخت الشهيد، وعمة الشهداء، وخالة الشهيد، وابنة عم الشهيد، وزميلة وصديقة الشهيدات رحمهم الله جميعًا.

ابنة مدينة غزة الصامدة رغم الألم والجراح، تروي تجربتها المريرة، تقول:

"علمتني الحياة أنَّ الصخور تسد الطريق أمام الضعفاء بينما يرتكز عليها الأقوياء للوصول إلى القمة، ومن هنا بدأت ... وأنا الطالبة الأم في الصرح التعليمي الشامخ "الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية التي أصبحت ثكنة عسكرية في ظل هذه الحرب المجنونة، رحم الله رئيسها الدكتور "سعيد الزبدة"، وأساتذتها  الكرام، نحسبهم شهداء، ولا نزكيهم على الله..

بدأت القصة ولم تنته، يشاركني أكبر أبنائي المسيرة منتسبًا كطالب سنة أولى في جامعة الأزهر، والآخر حرمته الحرب من تقديم الثانوية العامة هذا العام، ولا أُخفيكم سوء الأثر على نفسيته، أما طفلتي التي لم تتجاوز بعد الخمس سنوات، فتُتقن بمهارة كل مصطلحات الحرب من نزوح، وتشريد، ومجاعة، ومجازر.

تهدّم بيتي فنزحت إلى بيت أهلي، ثم عدت إلى بيتي أعيش على أنقاضه لكننا نحيا من بين الركام. 

وسط كل الخراب والظلام  الذي أحدثته الحرب جاءت مبادرة جامعة النجاح الوطنية كالنور في آخر النفق، ومنذ اليوم الأول لإطلاق المبادرة ورؤيتي لرابط الانتساب سارعت كغريق يتعلق بقشة أمل، وتواصلت معهم على كل وسائل التواصل على أمل أن يتم القبول، وكان فضل الله عليّ عظيمًا، تم القبول وانتسبت للجامعة وأنهيت فصلًا دراسيًا رائعًا، أخرجني نفسيًّا من ظلمات الحرب.

ورغم العراقيل التي ظهرت في طريق هالة من قطع للكهرباء وقطع لشبكات الإنترنت، والنزوح من منطقة لأخرى، تقول بتحدٍ:  "عشنا ظروفًا قاهرة، فقد ودمار، ومجاعة أنهكت أجسادنا وعقولنا، ولكن الحلم كان أكبر،بدأت المحاضرات، وبدأت الروح المعنوية تقوى بفضل الله، وصرت أمام محاضرين من أروع ما يكون في جامعة النجاح، د.هاني الفران، والدكتورة العظيمة أمل العاصي، والدكتورة ميرفت عياش، والله لم ولن أنسى مواقفهم ودعائهم الذي كان يحيي الروح من جديد". 

وتضيف: "لم يكن الأمر سهلًا، لكنَّني والله فعلتها بتوفيق الله الذي كانت معيته دومًا معي، الجرح عميق وغائر، ولكن تطبيقًا لقول رسولنا الكريم: (إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، هو الأمل الذي نتمسك فيه حتى الرمق الأخير، وها نحن من قلب الوجع ومن فوق الركام ومن قلب المجاعة ومن بين المجارز نُحيي حياة نُعمّر بها جزءًا من هذا الخراب ..

هالة التي تواصل تعلميها بعزيمة وإصرار عبر مبادرة النجاح، تقول: "أقف وقفه تقدير واعتزاز بكل من ساهم في هذه المبادرة الخيّرة، كل باسمه ولقبه، وإن نحن نسينا فضلكم ،التاريخ لن ينسى من وقف مع غزة وضمّد جراح أهلها في أحلك فترة تمر بها.. فخورة جدًا بانتسابي لجامعة النجاح الوطنية العظيمة".