النجاح الإخباري - يواصل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قيادة الدولة العبرية نحو المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، مع مخططات لاحتلال قطاع غزة، وهو ما يلقى تشجيعًا من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
جيش الاحتلال يستعد لتجنيد نحو 130 ألف جندي احتياطي تمهيدًا لعملية برية واسعة، فيما أبدت حماس
تجاوبًا مع الوساطة المصرية–القطرية لوقف إطلاق النار وإطلاق عدد من الأسرى.
في المقابل، تتعاظم الضغوط الداخلية من عائلات الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة في قطاع غزة،
وتتزايد التساؤلات في إسرائيل حول غياب لجنة تحقيق مستقلة في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر
2023، التي يحاول نتنياهو تجاهلها بحجة أن البلاد في حرب.
مطالعة الصحف العبرية، تظهر أن هناك جدل محتدم حول "اليوم التالي" لغزة: بين تصورات إسرائيلية
مدعومة من واشنطن، ومحاولات مصرية لتمهيد عودة السلطة الفلسطينية عبر صيغة تكنوقراطية، بينما
يظل القطاع الممزّق ميدان صراع إقليمي ودولي مفتوح على احتمالات بالغة الكلفة.
السجال يتمحور حول ثلاثة مسارات رئيسية تحمل لإسرائيل كلفة سياسية وعسكرية باهظة، وفقاً لما يراه
المحللون الإسرائيليون.
الاستعدادات العسكرية
وفق صحيفة يسرائيل هيوم، يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لتجنيد ما بين 100 و130 ألف جندي
احتياطي استعدادًا لعملية برية واسعة في مدينة غزة، قد تبدأ مطلع سبتمبر وتمتد لنحو شهرين، مع إبقاء
قوات إضافية بعد العملية لـ"تطهير القطاع من المسلحين" على حد تعبيرهم. وتصف الصحيفة العملية بأنها "مرحلة حسم"تتطلب إعادة السيطرة على المواقع الحساسة وإخراج سكان القطاع المدنيين من المعادلة العسكرية في ظل تقديرات بتكلفة بشرية مرتفعة، بعد أن أظهرت العمليات السابقة في غزة سقوط نحو100 جندي.
وبحسب صحيفة معاريف، يعتبر الجيش أن حسم الحرب يتوقف على أمرين أساسيين: استعادة جميع
الخمسين رهينة أحياء وأموات، وتفكيك حركة حماس كقوة عسكرية وسلطوية.
وتشير الصحيفة إلى أن الجيش طرح أمام المستوى السياسي خيارين:
إما استغلال ضعف حماس لإجبارها على تسليم الأسرى ونزع سلاحها، مع إدارة مدنية بدعم مصر والسعودية والولايات المتحدة، أو شن عملية
برية شاملة للسيطرة على غزة.
صفقة الأسرى والخلاف حول "اليوم التالي"
تتحدث يديعوت أحرونوت عن لحظات حرجة في المفاوضات، حيث أبدت حماس ردًا إيجابيًا شبه مطابق
لما وافقت عليه إسرائيل سابقًا على اقتراح وساطة مصرية-قطرية. هذا الاقتراح يقضي بإطلاق جزئي
للأسرى (10 أحياء و18 قتيلاً) مقابل 140–150 أسيرًا فلسطينيًا محكومًا بالمؤبد مع وقف إطلاق نار
لمدة 60 يومًا لإجراء مفاوضات على إنهاء الحرب.
غير أن مستوى القيادة السياسية في إسرائيل، كما أوردت الصحيفة، ما زال يصر على صفقة شاملة فقط،
تشمل تفكيك حماس، ونزع سلاح القطاع، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإدارة مدنية بديلة.
وجاء فيها أنه وبحسب مصدر سياسي رفيع، فإن السياسة الإسرائيلية ;ثابتة ولم تتغير مؤكداً أنهم في
مرحلة الحسم النهائي مع حماس ولن يتركوا أي أسير وراءهم.
كما أشارت تايمز أوف إسرائيل إلى أن تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير
المخابرات إيلي كاتس حول نية احتلال غزة جاءت بعد قبول حماس بالمبادرة، ما قد يؤدي إلى تصلب
موقف الحركة وإفشال الصفقة، ويبرز أن الهدف ليس إنقاذ الأسرى فحسب، بل تعزيز صورة القيادة أمام
الجمهور والائتلاف.
ضغوط داخلية
تسلط الصحف العبريّة الضوء على قوة الضغط التي تمثلها عائلات الأسرى، حيث حذرت من أن الشعب
سئم من الإفشالات مع استعداد لتنظيم مظاهرات واسعة إذا فشلت الحكومة في التوصل لاتفاق. وأفادت
يديعوت أحرونوت بأن المقر الرئيسي للعائلات قرر إلغاء مظاهرة مركزية يوم الأحد واستبدالها بأنشطة
ميدانية داعية إلى اتفاق شامل وفوري، مع مطالبة صريحة لرئيس الحكومة بـ "طرح خطة" لإعادة جميع
الأسرى وإنهاء الحرب
إلى ذلك، تواجه إسرائيل ظاهرة رفض الخدمة الاحتياطية بأعداد قياسية، ويعزو الجيش هذه الظاهرة إلى
الضغوط النفسية والاجتماعية على الجنود وأسرهم بعد عامين من القتال المستمر، فيما تكشف تقارير عن
مشاكل في المعدات مثل تعطل أنظمة التكييف في المدرعات، ما يعرض الجنود لمخاطر إضافية.
إقليميًّا ودوليًّا
وفق يسرائيل هيوم ومعاريف، تدعم الولايات المتحدة المقترح الإسرائيلي، بينما مصر وقطر ترفضان نشر
أي قوة أجنبية، وتدعوان لإدخال السلطة الفلسطينية عبر لجنة تكنوقراطية، مع تدريب قوة شرطة غزية
بديلة. وفي هذا الإطار، أكدت صحيفة هارتس أن دعم الرئيس ترامب لنتنياهو يعزز موقف الأخير المتشدد
ويرفع من فرص رفض أي صفقة جزئية قبل فرض شروطه الشاملة.
في الوقت نفسه، تشير المصادر العبرية إلى اتصالات سرية مع سوريا لتقليل التصعيد، ومطالب رسمية
لإنهاء عمل قوة اليونيفيل في جنوب لبنان، وإعادة برنامج الخدمة العسكرية في الأردن، ما يعكس تفاعلاً
إقليميًا مباشرًا مع التوترات الإسرائيلية على حدودها.
السيناريوهات المحتملة
في قراءة متأنية لتقارير الإعلام العبري، يمكن حصر الخيارات أمام إسرائيل في ثلاث مسارات رئيسة:
1. استمرار الحرب واحتلال شامل لغزة: أعلى الخسائر البشرية والمادية، مع استمرار الضغط الداخلي
على القيادة السياسية.
2. الصفقة الجزئية المؤقتة: تخفف التوتر، تسمح بإطلاق عدد من الأسرى، وتمهّد لحل سياسي أطول،
مع تحديات اليوم التالي.
3. فشل المفاوضات: أزمة إنسانية وسياسية مزدوجة، مع تصعيد محتمل للأعمال العسكرية، وانهيار
ثقة الوسطاء والدول الضامنة.
وبالمحصلة فإن الإعلام العبري يعكس صورة إسرائيلية منقسمة بين الرغبة في إنهاء الحرب بسرعة
والضغط السياسي الداخلي والدولي، في وقت تسعى فيه الوساطات المصرية والقطرية لتخفيف التوتر عبر
صفقة جزئية للأسرى ووقف إطلاق نار مؤقت. تبقى الكرة في ملعب القيادة السياسية في إسرائيل، وسط
معادلة عسيرة بين الاستمرار في الحرب، الصفقة المؤقتة، أو المخاطرة بتصعيد شامل، فيما يظل القطاع.