النجاح الإخباري - في غزة، مشاهد الإجرام والإبادة تستفحل يوميًا، هذا الصباح كان داميا كغيره من صباحات قطاع غزة المنكوب، حيث دوّى انفجارٌ غرب دير البلح، تبعه صمتٌ ثقيل... طائرة مُسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة مدنية كانت تمرّ بشارع البركة غرب مدينة دير البلح، وسط القطاع، لتسفر عن مجزرة جديدة راح ضحيتها سبعة شهداء، بينهم ستة أشقاء من عائلة مهادي لم يبق منهم أحد!
المجزرة التي هزت مشاعر الشاهدين على الحدث لم تترك وراءها دماءً وأشلاءً فقط، بل صورة مريرة للأب أبو إبراهيم مهادي، الذي فقد أولاده الستة في لحظة واحدة، ليبقى وحيدًا حائرًا بين الرُكام والصمت، يحمل على كتفيه ثقلاً أكبر من أن يُحتمل.
"رحلوا وبقيت وحدي"
مصادر محلية أكدت أن الأشقاء الستة الذين ارتقوا كانوا برفقة أحد أصدقائهم في سيارة مدنية حين تم استهدافها بشكل مباشر. لم تكن السيارة هدفًا عسكريًا، ولم تكن في موقع اشتباك، بل كانت تحمل أحلامًا ووجوهًا مألوفة في الحي، فحوّلتها الطائرة إلى حطام، وسُجلت العائلة في خانة "الممسوحين" من السجل المدني.
أبو إبراهيم، وقف بثبات يُصلي على أبنائه الستة يحتسبهم عند الله، أما الصورة التي تجمعه مع أبنائه الستة سرعان ما انتشرت، يظهر أبو إبراهيم مهادي شامخا بين أبنائه الستة، نظراتهم إلى الكاميرا لا توحي بأنهم على موعد قريب مع الفقد. اليوم، بقي الأب وحده بعد أن قرر الاحتلال أن يجرده من كل شيء دفعة واحدة. لتتحول هذه الصورة إلى وثيقة حزينة تُجسّد معنى الإبادة العائلية التي تتكرّر يوميًا في قطاع غزة.
مشهد أبٍ يودّع أبناءه الستة، يختزل ما لا تقوله تقارير المنظمات الدولية، ولا تحمِله بيانات التنديد يُترك الوالد شاهداً وحيدًا على وطنٍ يُمحى يومًا بعد يوم.
أما زوجة أحد شهداء العائلة خلال وداعه في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح فصرخت: ""خلص أنا بدي آجي عندك"، في وجع مكبوت يكاد يفجر قلبها.
سياسة "المحو الكلي"
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وثّقت الجهات المختصة استشهاد آلاف العائلات بكامل أفرادها، فيما تُظهر الإحصاءات أن أكثر من 65% من الشهداء هم من النساء والأطفال، في استهداف لا يفرّق بين مدني ومقاتل، بل يُبيد كل ما يدل على الحياة.
وبحسب بيانات وزارة الصحة، فإن عدد الذين العائلات التي مُحيت بالكامل منذ بدء العدوان يتجاوز 1852 وفي كل مرة، تُرفع لوحة على الجدران مكتوب فيها "عائلة كذا: استُشهد جميع أفرادها".
مشاهد وحشية تتكرر يوميًا، حتى بات الفلسطيني يختبر أشدّ أنواع الفقد دون إنذار. تُقصف سيارة، يُسوى منزل بالأرض، تُدفن عائلة بأكملها تحت الأنقاض.قصة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة في سجل الإبادة الجماعية التي تُمارس ضد غزة.