نابلس - النجاح الإخباري - الحرب ليست فقط موت وجرحى ومجاعة وعذابات بل هي أيضا تآكل مستقبل من بقوا على قيد الحياة، فالآلاف من الطلبة والتلاميذ في القطاع مستقبلهم التعليمي تمت ابادته بعدما هدمت مدارسهم وجامعاتهم، فيما يمكن تسميته بـ"الإبادة الجماعية".

وبحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فإن عدد المدارس التي تعرضت لأضرار كبيرة أو دمرت بالكامل قد تجاوز 50 مدرسة منذ بداية العام. هذا بالإضافة إلى مئات المدارس التي تعاني من أضرار جزئية تجعلها غير صالحة للاستخدام، واستشهد أكثر من 6000  طالب وأكثر من 270 معلماً منذ بدء العدوان على قطاع غزة.

وكانت قد أكدت الأونروا ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم "اليونسكو"، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في بيان مشترك، أن أكثر من 625 ألف طالب قد حرموا من التعليم منذ بدء الحرب على غزة، في حين فقد 22 ألف مدرس وظائفهم في قطاع التعليم.

هذا الحرمان اللإنساني من التعليم، أثار المزيد من مشاعر الفقد والألم التي تسببت به الحرب من خسائر ودمار لجميع مقومات الحياة في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال الأبرياء، حيث ذكر طالب مدرسة لا يتعدى عمره 12 عام، أنه تدمرت أحلامه وخسر حياته كونه من المتفوقين في دراسته.

  • 70% يعانون الاضطراب

حيث لا يقتصر تأثير الحرب على البنية التحتية التعليمية فحسب، بل يمتد ليشمل الجانب النفسي والاجتماعي للطلاب. يجد الأطفال صعوبة في التركيز على دراستهم في ظل الخوف المستمر من الغارات والهجمات. وفقًا لتقرير منظمات حقوق الطفل، فإن أكثر من 70% من الأطفال في غزة يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وحول ذلك قال معلم في إحدى المدارس المدمرة، "إنه من المحزن جدًا أن نرى حلم التعليم يتلاشى أمام أعيننا. الطلاب باتوا في حالة نفسية سيئة، والأمل في مستقبل أفضل يتضاءل يومًا بعد يوم".

جهود المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية

وتحاول العديد من المنظمات الدولية والإنسانية تقديم الدعم للقطاع التعليمي في غزة. تشمل هذه الجهود توفير مواد تعليمية بديلة، مثل التعليم عن بعد، وإنشاء مدارس مؤقتة في مناطق آمنة نسبيًا. إلا أن هذه الحلول تبقى محدودة في ظل استمرار القصف وانعدام الأمن.

وأكدت إحدى المنظمات الدولية أنهم يعملون بجد لتوفير الحد الأدنى من التعليم للأطفال في غزة، لكن الظروف صعبة للغاية، والمجتمع الدولي يجب أن يتخذ خطوات جادة لحماية الأطفال وضمان حقهم في التعليم".

وفي السياق ذاته، أدان خبراء الأمم المتحدة "التدمير الممنهج لنظام التعليم" في قطاع غزة. جاء ذلك في بيان صدر في أبريل 2024، أثار تساؤلات حول وجود جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو ما يُعرف بـ"الإبادة التعليمية". هذا المصطلح يشير إلى المحو الممنهج المتعمد للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين وتدمير البنية التحتية التعليمية.

وأصدرت إنغر أشينغ، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال الدولية"، ويان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، بياناً مشتركاً يحذران فيه من العواقب الطويلة المدى لهذا الدمار على الأجيال القادمة.

وأوضح البيان أن تأثير هذا الدمار سيكون دائماً على جيل كامل، وأن الحرب القائمة حرمت الأطفال من فرصة الحصول على التعليم.

وأشارا إلى أنه حتى بعد انتهاء الحرب، لن تكون هناك مدارس ليعود إليها الأطفال، محذرين من أن الأزمات السابقة أظهرت أن كلما طال أمد بقاء الأطفال خارج المدارس، زاد خطر عدم عودتهم إليها.

يمثل الوضع التعليمي في قطاع غزة مأساة حقيقية تهدد مستقبل جيل كامل، كما أن الإبادة التعليمية ليست مجرد مصطلح، بل هي واقع مرير يعيشه آلاف الطلاب يوميًا، ويتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لوقف هذا النزيف وضمان حق الأطفال في التعليم.