نابلس - النجاح الإخباري - رفح- "حقنا بالتعليم مكفول بالمواثيق والمعاهدات الدولية".. عبارة على لافتة صغيرة تحملها الطالبة الجامعية شهد أبو نحل في أثناء المشاركة في وقفة داخل مدرسة تؤوي نازحين بوسط رفح في جنوب قطاع غزة.

العبارة تحمل تأكيدا لحق الطلبة الفلسطينيين بالتعليم من جهة، وشكرا لطلبة جامعات بالولايات المتحدة ودول أخرى لموقفهم الداعي لوقف الحرب في غزة من جهة أخرى.

يعلو صوت شهد وهي تتحدث عن ضياع مستقبلها التعليمي بعد تدمير جامعة القدس المفتوحة التي كانت تدرس فيها هندسة البرمجيات في مدينة غزة وتدمير غيرها من الجامعات جراء القصف الإسرائيلي، ما بدد لديها أي أمل بإمكانية استئناف دراستها على المدى المنظور.

تتنقل الشابة الفلسطينية بلافتتها بين الحضور تارة وأمام عدسات المصورين تارة أخرى وهي تدفع زميلاتها لرفع لافتاتهن التي تحمل عبارات بذات معاني الحق في التعليم المدرسي والجامعي والثناء على طلبة العالم لمواقفهم الرافضة للحرب على غزة.

لا تكتفي الشابة بذلك، لكنها تستحث عشرات الفتيات من طالبات المدراس والجامعات على الهتاف بصوت واحد للمطالبة بحقوقهن في العودة إلى مرافقهن التعليمية بأسرع وقت، معتبرة أن حراك الطلبة في الخارج منح الطلاب الفلسطينيين الأمل في إمكانية "وقف عجلة الموت، واستعادة الحياة".

شهد أبو نحل نزحت مع عائلتها من مدينة غزة إلى رفح منذ ستة أشهر، وهي تؤكد أن الإحباط سيطر على كل الفلسطينيين خصوصا الطلبة طوال الفترة الماضية، حتى جاء حراك الجامعات في الولايات المتحدة ودول أخرى ومنحهم قُبلة الحياة، ففكروا في تنفيذ فعاليات محلية والترتيب لفعاليات إقليمية ودولية مع نظرائهم في دول عديدة لذات الهدف: وقف الحرب والعودة للتعليم.

تقول "إسرائيل لم تقتل البشر وتدمر المباني والمرافق فحسب، لكنها أيضا هدمت بنيان ومكونات التعليم الذي يعد السلاح الأقوى بأيدينا كفلسطينيين، لذلك فالمطالبة باستئناف التعليم مهما كانت الظروف هو بداية النهاية لهذه الحرب".

وتضيف "قتالنا يجب أن يتركز بالفترة المقبلة على حقنا بالتعليم وقبلها حقنا في الحياة ووقف الموت. صوتنا سيرتفع مع أصوات الطلبة حول العالم الذين يعبّرون عن حقنا وحقهم في حياة آمنة".

* تأثير الكلمة والصورة

تتعدد العبارات المخطوطة على الخيام داخل المدرسة أو اللافتات الصغيرة التي يحملها طلبة من مختلف المراحل الدراسية بدءا من الصفوف الأولى في المدارس وحتى الجامعات.

من هذه العبارات "أعيدوا بناء مدراسنا وجامعتنا"، و"طلبة غزة يموتون"، و"الحرب تدمر التعليم"، و"حقنا في التعليم مكفول"، وغيرها من العبارات المعبرة عن واقع التعليم المتوقف تماما منذ بداية حرب غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي.

وتصف الشابة نوار دياب ما تشهده جامعات الولايات المتحدة وغيرها من جامعات دول أخرى بأنها "مقدمة ليقظة العالم لوقف حرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين"، معتبرة أن رسائل الطلبة هناك وصلت بقوة إلى نظرائهم في قطاع غزة.

وتعتبر نوار الملتحقة بالسنة الرابعة في تخصص الأدب الإنجليزي بجامعة الأزهر في غزة أن حراك الطلبة الأمريكيين أيقظ ضمائر العالم لما يحدث في القطاع من إبادة شاملة وتدمير لكل مقومات الحياة، مؤكدة أنها كطالبة فلسطينية شعرت بإمكانية وقف الحرب إذا ما استمر الحراك وتصاعد بشكل أقوى خلال الفترة المقبلة.

وتدعو الطالبة إلى توسيع حراك الجامعات ليشمل مختلف دول العالم الأكثر تأثيرا على إسرائيل مثل الدول الأوروبية، خصوصا بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وغيرها، معتبرة أن طريقة التعامل العنيف مع الطلبة الأمريكيين التي ظهرت في مقاطع الفيديو المتداولة تتنافي مع قيم الحرية والعدالة التي تنادي بها الولايات المتحدة.

تتواصل نوار مع طلبة حول العالم وتزودهم بمزيد من المعلومات بالصور والأرقام والمقاطع التي تصور الواقع المميت في القطاع، وتؤكد أن تأثير الكلمة والصورة قوي ويتصاعد في العديد من دول العالم ويصنع تحولا تدريجيا في الرأي العام لصالح "النكبة الفلسطينية الجديدة".

تقول "حراك الجامعات لم يكن من فراغ، جاء أولا لأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب غير مسبوقة ضد الأبرياء، وثانيا لقدرة وسائل الإعلام الجديدة على نقل الواقع والتأثير في الأجيال الشابة بعيدا عن تحكم الإعلام التقليدي المتحيز للرواية الإسرائيلية".

وتضيف "أتوقع أن تتوسع رقعة التظاهرات المساندة للفلسطينيين حول العالم خلال الفترة المقبلة، لكن الأهم الضغط على الحكومات لتتخذ مواقف تجبر إسرائيل على وقف إبادتها".

* "مشاعر البشر للبشر"

وتتحدث جنى نصار (18 عاما) عن ارتياحها الكبير لما تشهده جامعات العالم، وجامعات أميركا على وجه الخصوص، من تحركات كبيرة رفضا للحرب والموت المستمر في غزة، معتبرة أن رسالة الدعم والإسناد وصلت إلى الفلسطينيين جميعا وليس للطلبة وحدهم.

وتؤكد جنى على قوة الرسالة وتأثيرها المعنوي "بالنسبة للفلسطينيين خصوصا والعالم الحر عموما"، وتصف التظاهرات الأخيرة بالجامعات الأميركية بأنها "مواقف إنسانية خالصة تحمل في طياتها مشاعر البشر للبشر، لكن تأثيراتها ستمتد للسياسة والسياسيين".

ورغم قناعتها بالدور الكبير لمظاهرات طلبة العالم ضد الحرب، فإنها تطالب بحراك أقوي يؤثر تأثيرا مباشرا على صانعي القرار في الغرب ومن ثم على إسرائيل "حتى تنتهي الكارثة الحالية".

تقول "الطبيعي أن تتحرك المشاعر الإنسانية رفضا للمحرقة التي يقترفها الجيش الإسرائيلي ضدنا، لكن لا أحد يستوعب تصدي الجهات الحكومية في الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها لمجرد انتقاد إسرائيل".

وتوقعت الفتاة استمرار المد الطلابي والحراك الشعبي حول العالم مع استمرار إسرائيل في حربها، لكنها قالت "الوقت هنا من دم ودمار وعذاب وجحيم ومعاناة لا تنتهي فصولها".

وناشدت العالم ممارسة "ضغط حقيقي وقوي" لوقف الحرب فورا.