نابلس - النجاح الإخباري - منذ 7 أكتوبر، شهدت الضفة الغربية تصعيدًا ملحوظًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية. هذه العمليات تعكس تحولاً في تكتيكات وأساليب جيش الاحتلال، حيث بدأ بنقل جزء كبير من استراتيجياته المستخدمة في قطاع غزة إلى الضفة الغربية، هذه التطورات تعكس استراتيجية جديدة تسعى من خلالها إلى فرض السيطرة وإخماد أي مقاومة فلسطينية بطرق عنيفة وغير مسبوقة تتعارض مع القانون الدولي.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، قتلت قوات الاحتلال أكثر من 513 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم 127 من محافظة جنين، بحسب التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين.

وقالت الأمم المتحدة إن نحو 4900 فلسطيني في الضفة الغربية أصيبوا منذ ذلك الحين، إما على يد جيش الاحتلال أو المستوطنين.

وقالت الأمم المتحدة إن قوات الاحتلال قتلت أكثر من 190 فلسطينيا في الفترة من يناير إلى 6 أكتوبر من العام الماضي في الضفة الغربية.

ويقول المحلل السياسي أشرف العكة لـ"النجاح" إن جيش الاحتلال يواصل هجماته في جنين ومخيماتها، حيث يشارك نحو 1,500 جندي في عمليات عسكرية مستمرة.

وتتبع استراتيجية جيش الاحتلال بعد السابع من أكتوبر نفس النهج الذي تستخدمه في قطاع غزة، من تدمير البنية التحتية إلى الاعتداءات على المستشفيات، مما يعكس تحولًا خطيرًا في الوضع الأمني في الضفة الغربية.

اقتحام المستشفيات 

بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر باقتحام المستشفيات في الضفة الغربية، وهو أمر لم يكن معتادًا قبل هذا التاريخ. تم تسجيل حالات عدة لاقتحام مستشفيات في مدن مثل جنين وطولكرم، مما أثار استنكارًا واسعًا من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.

وتشير هذه الاقتحامات إلى تصعيد في سياسات الاحتلال وانتهاك صارخ للقوانين الدولية التي تحمي المرافق الطبية.

ويقول العكة إن إسرائيل تحاول تفكيك السلطة الفلسطينية والتمهيد لانهيارها، وذلك من خلال الحصار المالي والهجوم السياسي على القيادة الفلسطينية. بالإضافة إلى أن عمليات الاعتقالات والاجتياحات والحواجز العسكرية والاستيطان المستمر تضع الفلسطينيين في مواجهة تحديات كبيرة، وتؤدي إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وإحداث فراغ أمني.

وشهدت الأيام الماضية اجتياحات لعدة مدن فلسطينية مثل قلقيلية وجنين وطولكرم ورام الله والخليل ونابلس، مما يشير إلى محاولة إسرائيل المس بهيبة السلطة الفلسطينية وقدرتها على الحفاظ على الهوية الوطنية والحقوق الفلسطينية.

تدمير البنية التحتية

شهدت الضفة الغربية، بعد السابع من أكتوبر، تكثيفًا لعمليات تدمير البنية التحتية وتجريف الشوارع والطرقات وهدم البنايات. تم تسجيل حالات واسعة من تدمير المنازل والبنية التحتية خاصة في مدينتي طولكرم وجنين. هذا النمط من التدمير لم يكن بهذه الكثافة قبل أكتوبر، مما يشير إلى محاولة الاحتلال فرض سياسة العقاب الجماعي على المواطنين الفلسطينيين.

ويقول المحلل السياسي نزار نزال إن نتنياهو يسعى إلى استخدام القوة العسكرية في الضفة وغزة لتحقيق أهدافه السياسية.

استخدام الطائرات بدون طيار

كما تصاعد استخدام الطائرات بدون طيار في عمليات الاغتيال والاستهداف المكثف للفلسطينيين في الضفة الغربية. هذا الأسلوب كان مستخدمًا بكثافة في غزة، لكنه انتقل بشكل كبير إلى الضفة الغربية بعد أكتوبر. أسفرت هذه العمليات عن استشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين، وزادت من حدة التوتر في المنطقة.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إنهم شنوا غارات جوية وتوغلات برية شبه يومية وقواعد اشتباك أكثر مرونة في المخيمات منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول مما أدى إلى خلق جبهة قتال إلى جانب الحرب في غزة.

وقال المسؤول إن الجيش نفذ حوالي 40 غارة بطائرات بدون طيار في الضفة الغربية في الفترة من أكتوبر إلى مارس. وفي الأعوام العشرين التي سبقت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن هناك سوى عدد قليل من هذه الضربات.

الهجمات المتكررة على جنين 

وتعرضت مدينة جنين ومخيمها لهجمات متكررة من قبل قوات الاحتلال، تخللتها اشتباكات عنيفة وعمليات اقتحام موسعة. تستهدف هذه العمليات القيادات والمقاومين الفلسطينيين، مما أدى إلى تدمير واسع ووقوع ضحايا في صفوف المدنيين.

ويستخدم جيش الاحتلال تكتيكات الحرب ضد المقاومين الفلسطينيين في بعض مخيمات اللاجئين التسعة عشر التي لا تزال منتشرة في الضفة الغربية بعد مرور أكثر من 75 عاما على قيام إسرائيل، وأصبحت المخيمات الآن بيئات حضرية كثيفة تتسم بالفقر وشوق السكان للعودة إلى منازل عائلاتهم فيما يعرف الآن بإسرائيل، حيث يعتبر الاحتلال المخيمات بمثابة أماكن للتشدد يتم من خلالها تنسيق العديد من الهجمات على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.

عمليات الاقتحام والاعتقالات 

شهدت الضفة الغربية تصعيدًا في عمليات الاقتحام للمدن والقرى الفلسطينية، مصحوبة بحملات اعتقال واسعة. شملت هذه العمليات اقتحام منازل الفلسطينيين واعتقال المئات منهم، بما في ذلك قيادات ونشطاء سياسيين. تسعى قوات الاحتلال من خلال هذه العمليات إلى تقويض أي مقاومة محتملة، حيث ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى أكثر من 8 آلاف منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

التحديات في الشرق الأوسط وانعكاسها على الشعب الفلسطيني

في ظل هذه التحديات، تقول الولايات المتحدة إنها تسعى إلى تحقيق وقف إطلاق نار في قطاع غزة وبلورة حل سياسي على مبدأ حل الدولتين، وعن ذلك يقول العكة إن استمرار التوترات في الشرق الأوسط مع تزايد الدعوات لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني ودعم السلطة الفلسطينية، يشير إلى تعقيدات السياسة الأمريكية في المنطقة وتأثيراتها على الاستقرار الإقليمي.

ويؤكد الخبراء أن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة يجب أن تركز على وقف العدوان وتخفيف الضغط على السلطة الفلسطينية، من خلال منع احتجاز الأموال الفلسطينية ودعم الحكومة الفلسطينية المتعثرة ماليًا.

وحول ذلك أكد العكة أن ما تعانيه الحكومة الفلسطينية من أزمة مالية حادة، حيث لم تتلق أي دعم دولي منذ تشكيلها، أدى إلى تراكم الديون وعدم دفع رواتب الموظفين لمدة ستة أشهر. هذا الوضع يضعف القيادة الفلسطينية ومؤسساتها، مما يؤثر سلبًا على الاستقرار الداخلي في الضفة الغربية، وأنه بدون دعم قوي للسلطة الفلسطينية، تصبح أي مبادرات سياسية أو مستقبلية غير فعالة.