نابلس - النجاح الإخباري - انهى الجيش الأميركي تركيبه للميناء العائم على شواطئ غزة، لكن الجدل حول أهدافه الحقيقية يتصاعد وكأنه بدأ للتو، وخاصة في ظل تشوش سياسة إدارة بايدن وتخبطها تجاه الحرب في قطاع غزة.

وفيما تقول الولايات المتحدة إن هدف الميناء إيصال المساعدات، يرى محللون وخبراء وساسة فلسطينيون أن الأهداف الخفية وراء تدشينه  غامضة، فهو إن كان ذو خلفية إنسانية إلا أنه مثلاً في الوقت نفسه يؤشر إلى أن الحرب الممتدة منذ 7 أشهر قد تطول.

- وسيلة إلهاء ذات تكنولوجيا عالية-

ويصفه البعض بأنه وسيلة إلهاء ذات تكنولوجيا عالية عما هو مطلوب حقاً، والمتمثل في فتح معابر المساعدات التي من المفترض أن تعمل بشكل صحيح ونظام التوزيع الآمن في جميع أنحاء قطاع غزة.

وانتقد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، إعلان القيادة المركزية الأميركية تثبيت الرصيف البحري المؤقت على شاطئ قطاع غزة بدون التنسيق مع السلطة الفلسطينية، وعبر عن قلقه من استخدام هذا الرصيف لتهجير سكان القطاع، مؤكدا أن هذه الخطوة لن تغير من وضع القطاع في شيء.

يشكل الميناء، الذي تبلغ مساحته مثل ملعب كرة قدم (المصطبة)، منصة لاستقبال وتوزيع المساعدات، لكن الكثير من التساؤلات تثار حول أهدافه الحقيقية، فهناك من يرى بانه قد يكون سببا لاستكمال الحرب الإسرائيلية على القطاع لا سيما أنه بإمكان الإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل لفتح المعابر البرية وهي أقل تكلفة واستدامة.

وتسيطر قصة تدشين الميناء على وسائل الإعلام الغربية وتشغل الرأي العالم العالمي من خلال التركيز عما توصف بالمبادرة الإنسانية، وتحرف الأنظار عن دور الولايات المتحدة وعجزها عن إيقاف الحرب على قطاع غزة.

وتقول جماعات الإغاثة إن الدمار الذي لحق بغزة بعد سبعة أشهر من القصف الإسرائيلي وعمليات التفتيش الإسرائيلية الصارمة والقيود المفروضة على نقاط العبور يحد من كمية المساعدات التي يمكن أن تدخل غزة. لكن الولايات المتحدة أعلنت في وقت سابق أن الميناء سيكون إضافة لإيصال المساعدات وليس بديلا عن المعابر البرية.

ويقول مراقبون إن الميناء سيخدم مصالح بايدن شخصياً لإظهاره أمام العالم بأنه يفعل ما بوسعه لتخفيف معاناة الفلسطينيين وسيقلل ذلك أيضا من العزلة الدولية التي تعيشها إسرائيل المتهمة بارتكاب إبادة جماعية في القطاع واستخدام الغذاء كسلاح تجويع في الحرب.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان لها صباح الخميس إنه سيتم تحميل المساعدات على شاحنات ستبدأ في التحرك إلى الشاطئ "في الأيام المقبلة".

- 24 ساعة للاختبار

وقال الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان الاميركية المشتركة، إن الجيش الأمريكي والجماعات الإنسانية ستهدف خلال اليومين المقبلين إلى تحميل ثلاث إلى خمس شاحنات من الرصيف وإرسالها إلى غزة كاختبار للعملية التي وضعها البنتاغون.

وقال للصحفيين يوم الخميس على متن طائرة متجهة إلى بروكسل حيث كان يحضر اجتماعا لحلف شمال الأطلسي "سيستغرق الأمر على الأرجح 24 ساعة أخرى للتأكد من أن كل شيء على ما يرام.. لدينا قوة حماية تم وضعها، ولدينا سائقو شاحنات متعاقدون على الجانب الآخر، ويوجد وقود لسائقي الشاحنات هؤلاء أيضًا."

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء إنه لم يتلق أي مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي مع إسرائيل في جنوب قطاع غزة منذ السادس من مايو/أيار، مع بدء الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في المنطقة القريبة من مدينة رفح.

وقالت الوكالة في بيان لها إن الوصول إلى مستودعها في رفح انقطع بسبب القتال، وأن مخزونها من الغذاء والوقود سينفد "في غضون أيام".

وقالت الوكالة إن "خطر المجاعة في غزة لم يكن يلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى"، مضيفة أن العمليات الإسرائيلية في رفح أعاقت بشكل كبير الجهود المبذولة للتخفيف من الأزمة الإنسانية لسكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.

وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، أكد دان ديكهاوس، مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أن ممر المساعدات البحرية  يهدف إلى استكمال عمليات التسليم عبر المعابر البرية، وليس استبدالها.

موقع الميناء وموعد وصوله

سيصل الميناء العائم الى ساحل قطاع غزة الجمعة.

وتبتعد مصطبة الميناء العائم عن ساحل قطاع غزة مسافة 2 ميل بحري أي ما يقارب 3.6 كم ابتعاد مصطبة الميناء عن الساحل لدواع أمنية يتم تحميل "الكونتينرات" الخاصة بالمساعدات على مصطبة الميناء من السفن القريبة منها ثم نقلها بالبوارج الأمريكية إلى اللسان العائم، بالتالي فإنه يتم اولا إنزال الحمولة الى المصطبة المتاخمة للسان ومن ثم يتم نقلها بناقلات بوارج صغيرة أميركية إلى لسان الميناء العائم على شاطئ بحر الزهراء.

وانطلقت السفينة الأمريكية المحملة بالمساعدات الإنسانية، "ساجامور"، إلى غزة من قبرص الأسبوع الماضي، وتم تحميل المساعدات على سفينة أصغر كانت تنتظر تركيب الرصيف. وستتلقى الأمم المتحدة المساعدات وتشرف على توزيعها في غزة، وفقا للقيادة المركزية، التي قالت إن أي قوات أمريكية لن تطأ أقدامها المنطقة.

الجهات الداعمة للميناء

وعمل الجيش الأميركي على بناء لسان ميناء عائم وربما كاسر أمواج عائم يبلغ مجموع طولها 600 متر وهما من ضمن مكونات الميناء العائم الأميركي، وسستخدام اللسان الذي بنته منظمة المطبخ العالمي المركزي بتمويل من دولة الإمارات والذي يبلغ طوله حوالي 100 متر - كقاعدة ثابتة لالتحام اللسان البحري العائم عليه للاتصال باليابسة.

ووفقا لتقديرات الخبراء يبدو انه تم وضع المصطبة واللسان والميناء العائم بعيد عن المناطق الحضرية المكتظة في قطاع غزة، وفي منطقة محور نتساريم الذي يقيم به الجيش الإسرائيلي قاعدة تفصل جنوب القطاع عن شماله، وهذا قد يكون سبب استخدام المكان والتشكيل الهندسي,

ووفقاً للمعلومات المتاحة فإن بناء وتجهيز رصيف الميناء الثابت تم تمويله من الإمارات عبر منظمة المطبخ العالمي المركزي (منظمة مقرها واشنطن) عبر ثلاث شركات مقاولات فلسطينية محلية من غزة.

آلية عمل الميناء

وفقاً للتقديرات فان الحمولة الواحدة لكل بارجة أمريكية تنقل من المصطبة العائمة إلى اللسان الموصل لليابسة تساوي حمولة 15 "شاحنة برية"، وتتحرك باستمرار ذهابا وإيابا وقد يكون هناك عشرات البارجات.

من يدير الميناء؟

يدير المنشآت البحرية أمنيا حتى آخر نقطة في اللسان البحري جهات أمنية أميركية ويدير مرافق التنزيل والتسيق والتخزين والتسليم على الساحل جهات أمنية إسرائيلية، ولا يوجد وضوح في كيفية توزيع المساعدات التي ستصل عبر الميناء العائم خاصة أن الأونروا مستثناة، وتقول تقارير انها استبدلت ببرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

وتعمل لجان أميركية إسرائيلية قبرصية في تفاصيل تركيب الميناء العائم وآليات التفتيش في ميناء لارنكا وآليات توريد ونقل واستلام المساعدات من دول العالم.

فلسفة الميناء العائم

يعود الاستخدام الأول للميناء العائم إلى الحرب العالمية الثانية، عندما استخدمه الجيش الأميركي في عمليات الإنزال في نورماندي في 1944 مع "بورت مالبيري" الشهير، المكون من مواد مسبقة الصنع في بريطانيا تم نقلها إلى الساحل الفرنسي.

والميناء العائم مثل "الليجو" يتم تركيبه عبر تركيبه وتجميعه بشكل سريع وقد استخدمته البحرية الأمريكية عدة مرات حول العالم لعملياتها، الميناء العائم غير مصمم ليتحول إلى دائم رغم وجود إمكانية لجعله دائمًا حيث أكدت الجهات الأمريكية أنه سيمكث من 60 إلى 90 يوما فقط في غزة وثم سيلملم قطعه العائمة ويعود بها إلى الولايات المتحدة.

تدمير الاحتلال للميناء الفلسطيني

يقع الميناء الجديد في حرم الميناء الفلسطيني الذي صمم بواسطة هولندا، وبدأ تنفيذه بواسطة شركات مختصة من هولندا وفرنسا عام 2000، لكن طائرات الاحتلال الحربية دمرته بعد بدء العمل على إنشائه بأربعة شهور فقط، ويقع الميناء قبالة منتجع "البيدر" جنوب الشيخ عجلين على ساحل قطاع غزة أقصى جنوب غرب مدينة غزة وعلى بعد ٥ كيلومتر من ميناء الصيد.

مشاكل لوجستية للميناء العائم

يرى خبراء في الشأن البحري ان هذا الميناء يحتاج إلى صيانة مستمرة وتثبيت مستمر لقطعه أثناء عمله وقد يتعطل العمل به إذا ما حدثت نوات بحرية قوية او امواج شديدة، ولهذا يوصي الخبراء بأن يتم فتح المعابر البرية كافة لدخول الاغاثة اللازمة لإنقاذ قطاع غزة من المجاعة، وعدم جعل الميناء ملهاة للعالم بأن المساعدات تصل إلى قطاع غزة بسهولة.