نابلس - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - بالرغم من رفض المجتمع الدولي لقرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ إجراء ضم أراضي فلسطينية في الضفة الغربية وأغوار الأردن وشمال البحر الميت، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ما زال مصمماً على المضي قدماً على تطبيق وعده للجمهور الإسرائيلي المتعلق بالضم، خصوصاً وأن هذا الإجراء يأتي كأحد بنود اتفاق تشكيل حكومة مع بيني غانتس زعيم حزب أزرق أبيض.

حيث تعهّد نتنياهو مؤخراً بتنفيذ خطوات هامة لصالح التيار القومي الإسرائيلي المتدين وفي مقدمتها اتخاذ خطوة تاريخية تتعلق بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وضم مناطق.

المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة  منذ عام 1967، مايكل لينك، حذّر من أن خطط حكومة الاحتلال الجديدة المتمثلة في ضمّ أجزاء مهمة من الضفة الغربية المحتلة، من بينها غور الأردن، ستخلق "سلسلة من العواقب الوخيمة لحقوق الإنسان".

وقال مايكل لينك في بيانٍ صحفي: إن "قرار اسرائيل التحرّك بشكل أحادي الجانب نحو الضمّ المخطط له في الأول من تموز/يوليو القادم، يقوّض حقوق الإنسان في المنطقة، وسيكون ضربة قاسية للنظام الدولي القائم على القواعد، ويقوّض أي احتمال متبق لتسوية عادلة متفاوض عليها.

سياسة مركزية

المحلل السياسي، حسن عبدو توقع أن تبدأ عملية ضم الأراضي الفلسطيني بعد تشكيل حكومة الاحتلال، مؤكداً ان الضم سياسة مركزية ثابتة لدى "إسرائيل".

وقال عبدو في حديث لـ"النجاح الاخباري": انه "منذ عقود من الزمن بدأ الاستيطان والضم في الضفة الغربية كسياسة ثابتة، واسرائيل ترى في هذه المرحلة فرصة مواتية لاستكمال مشروعها وحلمها التوراتي على كامل فلسطين التاريخية".

وأضاف أنه "سيتم ضم القدس كعاصمة تاريخية للشعب اليهودي وتغيير طابعها العربي والاسلامي، ضم الضفة الغربية بوصفها جزء من اسرائيل التوراتية"، منوهاً في ذات الوقت أن اجراء الضم "بات بين قوسين أو أدنى"، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وفق رأيه.

وأشار المحلل عبدو إلى أن الخلاف الآن فقط في نسبة الضم، واستدرك "لكن لا يمكن غض الطرف معارضة الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والمعارضة الفلسطينية بكافة فصائلها والرفض الفلسطيني، وأعتقد أن هذه الامور قد تحد من حجم الضم ولكن الضم في الغالب سيقع وربما يكون هناك نسبة مختلفة".

وتابع: " لا يجب أن يستغرب أحد بمسألة الضم وخطورته في المرحلة القادمة، خاصة وان الحكومة اليمينية المتطرفة لا تعبئ بالموقف الدولي ولا بالموقف الفلسطيني في المحطات السابقة، وموقف القدس خير مثال عندما اعتبرها ترامب عاصمة للدولة اليهودية ونقل السفارة من تل أبيب للقدس، كل ذلك مر رغم المعارضة التي قيمت أنها أدنى من المتوقع".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف في أواخر كانون الثاني/يناير عن "رؤيته" للسلام في الشرق الأوسط والتي أعطى فيها الدولة العبرية الضوء الأخضر لضم  غور الأردن (المنطقة الإستراتيجية التي تشكل 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية) والمستوطنات المبنية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة التي باتت في نظر الإدارة الأمريكية جزءا لا يتجزأ من العاصمة الموحدة لإسرائيل.

الغاء الاتفاقيات

من جهتها هددت القيادة الفلسطينية بإلغاء جميع الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال في حال اتخاذ حكومة الاحتلال أي خطوة عملية في اجراءات الضم، وقال مستشار الرئيس الفلسطيني، نبيل شعث، إن "القيادة الفلسطينية متمسكة بموقفها حيال إلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل، في حال تمت عملية ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية".

وتابع شعث، في حديث خاص لـ"النجاح الاخباري":" سنلغي جميع الاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، حال تمت عملية الضم".

وأضاف: أن" هناك قرارات عربية تساند القيادة الفلسطينية في هذا المسار... ويوجد قرار عربي حاليًا يعتبر عملية ضم الأراضي جريمة حرب، وستقطع كل الدول العربية كل العلاقات والاتصالات والمحاولات التي مع إسرائيل".

وكان ملك الاردن عبد الله الثاني حذر من ان اقدام الاحتلال على ضم أجزاء من الضفة الغربية سيؤدي الى صدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية وانه إذا انهارت السلطة  الفلسطينية سنشهد مزيدا من الفوضى والتطرف في المنطقة.

وأوضح الملك عبد الله الثاني ان بلاده تدرس جميع الخيارات للتعامل مع هذا السيناريو مؤكدا ان حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد الذي سيمكننا من المضي قدما.

رد منسق

في ذات السياق، يرى المحلل السياسي أحمد رفيق عوض بأن القيادة الفلسطينية ستكون مجبرة على اتخاذ خطوات عملية في حال اجراء عملية لضم، مشيراً إلى أنها لن تغامر لوحدها في الرد على اجراءات الضم، وإنما سيكون ردها منسق مع أطراف عربية ودولية .

وقال عوض لـ"النجاح الاخباري": في حال أقدمت حكومة الاحتلال على مثل هذه الخطوة ستجد السلطة الفلسطينية نفسها في مأزق كبير جداً، لأن رؤيتها للحل سينهار وكل ما دعت إليه من اقامة دولة، وأن السلطة منجز وطني كل ذلك سيتغير وينهار وستفقد حتى شرعيتها ومبرر وجودها".

وتوقع أن يكون هناك ردود غير متوقعة من الجمهور الفلسطيني، وأضاف: "الجمهور قد يفاجئ الجميع في هذه المعركة، بمعنى ان هناك بطالة وفقر وانعدام أفق سياسي وضم وانهيار الحلم الفلسطيني وكورونا، بالتالي لا يتحمل ذلك وسيفاجئنا بتصرفات وسلوك غير معهودة".

وأوضح عوض إن الضم الإسرائيلي قد يؤدي إلى خلق وضع آخر مختلف لن تكون السلطة فيه طرفا وحيداً.

وكان 130 نائبا بريطانيا من مختلف الأحزاب البريطانيّة توجّهوا برسالة إلى رئيس الوزراء بوريس جونسون، الأسبوع الماضي لفرض عقوبات اقتصاديّة على إسرائيل في حال قيامها بضمّ مناطق في الضفة الغربية، بحسب ما ذكرت صحيفة "ذي غارديان" مساء أمس، الجمعة.

ووقّع على الرسالة وزراء سابقون عن حزب المحافظين، ورئيس حزب المحافظين السابق لورد باتين، ووزيرة التطوير الدولي السابقة أندرو ميتشل.

واعتبرت الرسالة أن ضمّ أجزاء من الضفّة الغربيّة "غير قانوني في القانون الدولي"، وأنّ "أي تحرّك إسرائيلي في الضفة الغربية يجب أن يلقى ردا مشابها".