غزة -  رهيفة الرواغ - النجاح الإخباري -  ورشات عمل تعقد هنا وهناك وبمشاركة جمعيات ومؤسسات تنموية وفكرية، تتحدث جميعها عن أوضاع الشباب في جميع النواحي، ماذا أضافت هذه الجمعيات و الندوات وورشات العمل لآلاف الشباب الذين يعانون الأمرين في ظل حالة سياسية سيئة أثرت سلباً على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية؟

تتناول هذه الورشات نقاط وسبل مساعدة هؤلاء الشباب للنهوض بهم ليشقوا مستقبلهم بكل تفاؤل وأريحية، في حين يرى البعض أنَّها حبر على ورق، إذ إنَّ الشباب سرعان ما يصطدمون بالواقع.

 في غزة (40) ألف خريج سنويًّا يضافون إلى جيش العاطلين عن العمل، الأمر الذي ضاعف نسبة البطالة بحيث تجاوزت (50%) من حجم القوى العاملة وأصبح هناك (80%) من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، سوق العمل غير قادر على استيعاب المزيد من القدرات فهناك (170) ألف موظّف حيث تضرَّر القطاع الخاص عبر إغلاق مايقارب (90%) من عدد المنشآت والمصانع الموجودة في القطاع، وقسم كبير منه نقل إمكانياته وموارده للخارج.

أما المؤسسات الأهلية فليس بها طاقة استيعابية لتضم هاد الكم من الخريجين، حيث لايعمل أكثر من عشرة آلاف موظف في هذا القطاع في محافظات غزة، وفي منظمات الأمم المتحدة حوالي (8) آلاف موظف، وبذلك يكون عدد الباحثين عن العمل  في ازدياد، والوضع الاقتصادي يزداد سوءًا، والفقر يزداد والإغلاق واستمرار الحصار،  ونكتفي بالورشات  والندوات الغير ناضجة لمساعدة الشباب.

حالة الصراع السياسي على السلطة التي ساد  القطاع بالآونة الأخيرة أدَّى إلى إضعاف معنويات الكثير من الشباب، ويأتي الإغلاق الطويل الذي فرض على القطاع وأدّى إلى حرمان آلاف الطلبة الخريجين من الالتحاق بجامعاتهم سواء بالوطن أو بالخارج ومن ثمَّ   تعطيل الطاقات البشرية كموارد هامّة يجب الاستثمار بها تعليميًّا من أجل مستقبل أفضل، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة العصبوية والفئوية السياسية مما أثر على حرم الجامعات وأدى إلى صراعات فئوية وحزبية على الحركة الطلابية والتعليمية.

 آراء متباينة بين الشباب

وبهذا الخصوص التقى "النجاح الإخباري" مجموعة من الشباب المرتادين لتلك الورشات لاستطلاع رأيهم وماذا أضافت لهم على الصعيد الخاص، محمد الخالدي قال: "بصراحة شديدة حضرت ورشات عمل وندوات كثيرة دعيتُ لحضورها، وكنت آمل أن أستفيد منها، ولكن للأسف نسمع مجرد كلمات مرتبة وراء بعضها وبالنهاية نتوجه للغداء ونعود لبيوتنا بكم من الوعودات والانجازات الورقية وهكذا."

منال رجب خريجة تقول:"تأملت أن توفّر لي هذه الورشات والندوات فرصة عمل خاصة أنَّ معظم عناوينها تتحدَّث عن توفير فرص عمل للخريجين، لكنَّني ومنذ 5 سنوات لم يتغيرعلي شي، أحضر وأحضر وأنا كما أنا عاطلة عن العمل، معظم تلك الورشات سعى القائمون عليها لتوفير دعم وميزانية من دول أو منظمات مانحة تحت مسمى الشباب وبالحقيقة هي تخدمهم هم فقط".

أما رائد عفانة فضحك عندما سألناه، ولخص لنا الموضوع في جملة بسيطة: "كلُّ ما أكسبه من تلك الندوات غداء أوعشاء فاخر وكوباً من القهوة وأعود لبيتي، فأنا متيقن أن ما يقولونه محض كذب لا أكثر".

 ريهام الفالوجي كان لها رأي مخالف عن زملائها فقالت: "أنا استفدت كثيرا من تلك الندوات، في كلِّ ندوة حضرتها اكتسبت خبرة معينة وعملت عليها في حياتي العملية، حتى أنَّ واحدة من تلك الندوات وفرت لي ولمجموعة من المشاركين فرصة عمل مؤقتة لدعم خبراتنا المكتسبة،صحيح كانت الحلول مؤقتة وهذا عائد للشلل التام في سوق العمل نتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السيئة ."

أما عن أولويات واحتياجات الشباب في المرحلة الراهنة حيث لوحظ مؤخَّرًا عزوف الشباب عن إنشاء أسر و يفكر  الكثيرون بالهجرة حيث أظهرت الاحصائيات أن نسبة الشباب الذين يفكرون بالهجرة لعدم توفر الأمن والأمان (80%) من الذكور ،و(73%) من الإناث ،وأنَّ (48%) من الذكور ،و(75%) من الإناث يفكرن بالهجرة بسبب الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي السيء في قطاع غزة.

المطلوب ليس كلمات أو عقد ورشات عمل ربما تخرج بنتائج وربما لاتخرج، المطلوب هو كيف نساعدهم في المجال التعليمي والتربوي وكيف يمكن ربط تخصصاتهم في سوق العمل لكي لاينتظروا طويلا إيجاد فرص عمل مناسبة لهم ولتخصصاتهم، ولا تقع المسؤولية على كاهل المؤسسات فقط بل للحكومة دور في توفير فرص عمل للشباب ورعايتهم اجتماعيًّا وفكريًّا.