إيمان أبو حطب - النجاح الإخباري - ما إن تقترب الساعة من السادسة مساءً، حتى يبدأ رمضان بتجهيز غرفته، محاولًا ترتيب اللوحات المتناثرة على مكتبه، وتجميع الألوان المتفرّقة في الزوايا، علّه يستغل الوقت المتبقي قبل غياب الشمس، واحتياج الظلام لغرفته، باستضافة شخصية كرتونية على لوحاته.

رمضان المشهراوي (21 عامًا) أوّل فنان من قطاع غزّة يبدع في رسم أبطال وشخصيات مسلسلات الكرتون بطريقة ثلاثية الأبعاد، يجسّد من خلال ألوانه الخشبية ذات النقش الغامق أيّام الطفولة الجميلة التي عاشها أمام التلفاز.

وعن البداية يقول رمضان لـ"النجاح الإخباري": "وأنا في الثامنة من عمري، بدأت الرسم بطريقة عادية وتقليدية على أوراق الدفاتر، كنت أرسم عدّة خطوط متشابكة، مع كلّ لوحة أرسمها تزداد خبرتي تدريجيًا، حتى وصلت للاحتراف بالرسم العادي".

وأضاف رمضان وهو يمسك بعدد من اللوحات يحاول ترتيبها في غرفته: "قرّرت منذ سنة تقريبًا أن أتميّز عن الفنانين باتخاذ منحنى الرسم ثلاثي الأبعاد، لأكون أوّل فنان في القطاع يرسم بهذه الطريقة والأسلوب الجديد".

ويتخصّص رمضان في رسم الإنيميشن وأبطال مسلسلات الكرتون، يُرجع ذلك لحبه لما يعرض على قنوات الأطفال بطريقة ذكية تعالج قضايا عديدة تواجه الصغار، إضافة لحنينه لأيام صغره وقضائه ساعات طوال في مشاهدة مسلسلات الكرتون، غير محاولته الانفراد بهذا المجال عن زملائه الفنانين.

ويتابع المشهراوي: "ساعدني في الرسم والدي، الذي قدّم لي الدعم المستمر منذ بدايتي، فكان يأخذ لوحاتي ويعرضها على مختصين في مجال الرسم، ليساهموا في تطوير مهاراتي بانتقاداتهم البناءة، لأصل لمرحلة الاحتراف".

وأوضح المشهراوي لـ"النجاح الإخباري": أنَّ الرسم ثلاثي الأبعاد يعتبر من أصعب أنواع الفنون، ومن مميّزاته أنّه يمّكن الأشخاص من رؤية اللوحات مجسمات بدلاً من أن تكون مسطحة، ومع تغيير زاوية النظر على اللوحة يتغير الشكل تبعًا لزاوية العين ومكان وقوف الشخص، وفي حال زادت الإضاءة تصبح أكثر بروزًا على أنّها جسم وليس رسمة (أي ثلاثية الأبعاد).

ويقدّر عدد الرسمات التي أبدعها رمضان نحو (700) لوحة فنية، منها ما يزيد عن (400) رسمة لشخصيات كرتونية مرسومة بطريقة ثلاثية الأبعاد.

وفي غمرة الحديث مع رمضان المشغول في تجهيز رسمته الأخيرة للبطل "لوفي" الذي يسرق عقول الأطفال، يحاول جاهدًا التركيز في الأوان بعناية قبل اختيار درجة اللون الأحمر وبدء التلوين.

وحول طريقة الرسم ثلاثي الأبعاد، يشرح رمضان أنّه يبدأ باختيار بطل أحد مسلسلات الكرتون، وبعدها يعرض له صورًا مختلفة من عدّة زوايا، ليباشر برسم اللوحة بطريقة عادية، ثمّ يبدأ في وضع الظلال التي لها الدور الأبرز في تحويل اللوحة من عادية إلى ثلاثية الأبعاد.

ويكمل: "ما إن تجهز الرسمة أبدأ في وضع الألوان عليها، وكل لون يجب أن يأخذ مجاله، حتى تظهر بدقة عالية، ثمّ أقوم بطي الأوراق للتجسد بطريقة ثلاثية الأبعاد، أو أقوم بقص بعض الأطراف لتصبح بارزة وواضحة أنّها ثلاثية الأبعاد".

ويستغرق رمضان في اللوحة الواحدة نحو عشر ساعات غير متواصلة، نظرًا لانقطاع التيار الكهربائي مدّة تزيد عن (16) ساعة مستمرة، خاصة وأنّه يعمل فقط في أوقات الغروب بسبب انشغاله طوال النهار بالدراسة والعمل.

وعن سبب اختياره وتخصّصه في الانيميشن، بيّن رمضان أنّ الرسوم المتحركة لها أثر كبير في نفسية الأطفال، وتستطيع تعديل سلوكهم من خلال هذه الرسومات، وإضافة معلومات جديدة لهم عندما تحمل الرسمة هدف وتكون مجسدة بطريقة ثلاثية.

ويحاول رمضان التواصل مع التربية والتعليم في غزة لإدخال لوحاته ضمن أساليب التعليم لرياض الأطفال، ليتسنى له التأثير النفسي والسلوكي المباشر للطفال بأسلوب جديد وفعال، خاصة مع انجذاب الأطفال لمثل هذه الرسومات.

ومن ضمن الشخصيات الكرتونية التي رسمها رمضان انيميشن مسلسل "لوفي ون بيس"، والبطل الكرتوني الشهير "كاكاشي وجاي"، ورسم الشخصيات البطولية في فيلم "كابتن أمريكا" الذي يحاكي الحرب الأهلية، علاوة عن رسمه سمكة البحر "نيمو" المفضلة لكثير من الأطفال، وراعي البقر الشهير دوليًا "الكاوبوي"، وأبطال فيلم "despicable me" الذي صدر عام (2010).

ويستخدم رمضان في رسوماته ألوان سوفت باستيل، وفايبر كاستل، prisma color، ويشتري هذه الألوان من متاجر عالمية، يقدر سعر العلبة الواحدة منها بنحو (150) دولار أمريكي، غير مصاريف الشحن التي تفوق (50) دولار، وكثير من الأحيان تتأخر في الوصول لغزة بسبب إغلاق المعابر منذ فرض الحصار على القطاع عام (2006).

ويشير رمضان إلى أنّ الألوان تلعب دورًا بارزًا في تجسيد الرسمة، ولها أهمية كبيرة في إبراز ثنايا التفاصيل الدقيقة للصورة، مشتكيًا من ندرة توفر أقلام الألوان في القطاع، وعدم وجود درجات من اللون الواحد.

ويطمح رمضان أن تصل رسوماته إلى منتجي مسلسلات الكرتون، سعيًا منه في البحث عن فرصة عمل معهم، ولعله يجد تقيمًا كبيرًا لرسوماته التي يعرضها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.