غيداء نجار - النجاح الإخباري - في تصريحات كثيرة من قبل القيادة الفلسطينية أشير خلالها إلى إجراءات عقابية لم تحدد بعد ستتخذ بحق حركة حماس في حال إفشالها جهود المصالحة واستمرارها في عرقلة جهود تمكين حكومة الوفاق الوطني وعدم تسليم الحكومة الفلسطينية كامل صلاحياتها ومهامها بقطاع غزة .  وفي أعقاب تصريحات قادة حركة حماس ومنهم كل من صلاح البردويل وإسماعيل هنية أمام وسائل اعلامية بأنه لم يعد للمصالحة وجود، تعود للواجهة تساؤلات حاسمة أبرزها ما هي الخيارات والخطوات المقبلة والمتاحة لكلا الطرفين؟

وهل سنشهد استكمالاً لصفحة الانقسام والتي امتدت ليومنا هذا منذ عام 2006 أم من الممكن طي هذا الصفحة السوداء واستقبال الوحدة الوطنية ولملة ما تبقى من شتات الأمور؟ ما دور أمريكا وإسرائيل والدول العربية من كل ذلك؟ وإن حدث ما تسعى أمريكا وإسرائيل لتكريسه والذي ناقشته الأولى بمؤتمر واشنطن الماضي كيف سيكون الوضع الاقتصادي في القطاع؟ ومن الذي بإمكانه إعادة ملف المصالحة لمساره الصحيح؟

في قراءة تحليلية لمجريات الأمور، تحدث "النجاح الإخباري" مع بعض المحللين السياسيين للإجابة على التساؤلات السابقة.

الفلسطينيون سيسقطون مشروع الفصل

وأكد المحلل د. عبد المجيد سويلم، أنه لا يمكن أن تنفصل غزة عن الضفة بهذه السهولة وتبتعد عن الجسد الوطني، مشيراً إلى أن هناك من يحاولون لذلك، وأن هناك فرق ما بين أن تكون محاولات لفصل غزة وبين أن يتم هذا الفصل، موضحاُ أن هذا الفصل لن يتم ابداً، حتى لو نجح البعض في محاولاتهم وبدت الامور تسير بهذا الاتجاه، فغزة هي الناقل الرئيس للوطنية الفلسطينية فمنها انطلقت وتجذرت الهوية الوطنية الفلسطينية، ولن يستطيع أحد أن يختطف هذا التراث الوطني العريق من قطاع غزة.

وقال السويلم: "هناك من يعتقد بأن القادم هو مشروع اسرائيلي أمريكي بتحويل قطاع غزة إلى دولة فلسطينية، وهناك تقاطع ما بين مصالح التحالف الاسرائيلي الامريكي ومصالح بعض الفئات الخاصة داخل القطاع والتي تعتقد أنه من الممكن ان تلتقي مع هذا المشروع لتحقيق مصالحها الفئوية الخاصة، وبالفعل هناك من هم على هذه الشاكلة من التفكير".

وأضاف: "هذه المحاولات يجب أن تقلقنا ولكن لا تخيفنا، لأن الشعب الفلسطيني حساس ازاء هويته، فكما هي لعنة الفراعنة الذين كانوا يحاولون التنقيب في المقابر الفرعونية وكانوا يصابون بامراض وسبب موتهم غير معروف، كذلك ينطبق الأمر على الشعب الفلسطيني، فلعنة الفلسطينيين ستلحق بكل من يحاول التطاول أو اختطاف الهوية الوطنية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني".

وبحسب د.سويلم، فان تغير آراء حركة حماس عن بدايتها حيث كانت المصالحة هي اكبر أولوياتهم ، وأن اصرار القيادة الفلسطينية على أن يكون التمكين حقيقي وليس شكلي كشف المستور، فحركة حماس كانت تعتقد أنه بمجرد وصول وفد من عدة وزراء وتسلم الوزير للكرسي والجلوس عليه، تكون هكذا انتهت مسألة التمكين، بالإضافة لاعتقادها أنه بامكانها التمكين من خلال تسلم الحكومة للوزارات دون أن تتخلى هي عن وسائط تحكمها بغزة، وحين اصرار الرئيس محمود عباس وتوضيحه لمفوم التمكين بأن تقوم حكومة الوفاق الوطني بممارسة صلاحيتها وسلطتها تماما كما تمارس سلطتها ومؤسساتها بالمحافظات الشمالية دون اي فروقات، أدركت حركة حماس  حينها أن الثمن الذي ستدفعه هو تخليها عن الحكم في القطااع.

واوضح أنه بهذا التوقيت قد  كشف المستور وبدأت المسألة بالوضوح، ولم يعد بإمكانها أن تلعب بالمنطقة الفاصلة الرمادية ما بين هاتين المسألتين.

وحول التساؤل عن كيفية العودة بالمصالحة لمسارها وعلى من يقع الأمر، قال د. سويلم: "أنا اراهن الآن على شعبنا أنه لن يقبل بذلك، كما أن القيادة الفلسطينية تمتلك وسائل كثيرة لعزل قيادات حماس، بالإضافة لدور المؤسسات الشرعية للشعب الفلسطيني، ففي نهاية المطاف الذي يقرر هي المؤسسات الوطنية الفلسطينية والتي هي المنظمة ومجلسها الوطني كأعلى سلطة فيه، ولجنتها التنفيذية، وحكومة السلطة الوطنية التي هي ذراع للمنظمة، وهكذا تعرف منظمة السلطة الوطنية كيفية الرد على هذه المحاولات لفصل قطاع غزة عن الضفة.

ونوه المحلل السياسي إلى أن مصر وبعد تصريحات قادة حماس فهمت الحقيقة وبالأخص بعد آخر لقاء للرئيس مع رئيس المخابرات العامة المصرية، وبالتالي على الاخوة المصريين أن يكشفوا الحقيقة ما الذي حصل معهم؟ وما هي الردود التي تلقوها من قيادة حماس؟

وتابع: "الجهود المصرية وصلت لطريق مسدود، وعلى الاخوة المصريين الاعلان عن ذلك"، مشيراً إلى أنه لم يعد لمصر دور كبير، وأن ملف المصالحة سيرحل بأكمله إلى الجامعة العربية ولتتحمل الدول العربية مجتمعة الموقف المطلوب، وعليها أن تتحمل المسؤولية، معتقداً ان ذلك سيطرح في القمة، وان الرئيس ابو مازن سيطلب من العرب التدخل وممارسة صلاحياتهم تجاه هذا الخطر الذي يهدد وحدة الشعب الفلسطيني.

وبحسب سويلم، فان الرئيس الفلسطين لوح بفرض عقوبات اجرائية على حركة حماس وستكون مقتصرة على حماس فقط، ولن تطال الشعب في غزة.

كما ونوه إنه في حال نجحت حركة حماس في فصل غزة ام فشلت، فستظل السلطة الفلسطينة تمارس مسؤولياتها تجاه اهلنا في القطاع، وخاطئ من يعتقد عكس ذلك، فالسلطة لن تقاطع اهلنا بغزة بل ستمعن اجراءاتها وتوجهها ضد وسائط تحكم حماس بغزة وليس ضد المواطنين.

عوكل: على حماس اليقظة وعدم تمرير المخطط

بدوره، أعرب المحلل السياسي د. طلال عوكل، عن أمله في أن توافق حماس على تسليم سلطة غزة لحكومة الوفاق الوطني، لافتا إلى أن قرار انفصال غزة عن الضفة ليس فقط فلسطيني بل اسرائيلي و اميركي، موضحا أن السياسة الفلسطينية هي التي تسهل او لا تسهل تمرير و تنفيذ هذا المخطط، وإذا بقي الحال كما هو الان سيكون من الاسهل على أمريكا وإسرائيل فصل غزة وعمل دولة خاصة بها.

وأوضح عوكل، أن اصرار حماس وتعنتها بالتسليم يعكس مخاوف خاصة، فهي تشعر أن النشاط الشعبي السلمي على الحدود من الممكن ان يساعدها بوجود مخارج ولكن هذا ليس امرا سهلا.

وحول التطرق لامكانية ايجاد الحلول لإنقاذ عجلة المصالحة، أكد ان نجاح الأمور بيد حركة حماس فقط وأن عليها أن توافق بتسليم  وتمكين الحكومة للقيام بدورها ومهامها.

وقال عوكل: "إن غزة تنهار الآن، وما سنشهده بالفترات المقبلة هو مزيد من الانهيار، فنحن نتقدم لمزيد من التوتر والمعاناة"، مشيراً  إلى أنه على مصر أن تضغط وبقوة على الطرف المعطل للمصالحة ألا وهي حركة حماس.

 

وأيد المحلل أسامة عثمان آراء المحللين، أن السبب وراء تصريحات حماس السلبية  جاءت في أعقاب اشتراط السلطة الفلسطينية تسليم الحكومة لقطاع غزة وتمكينها بالكامل دون تعطيل وهذا ما قلب الأمور خاصة وأن حماس لا تريد ذلك في هذه المرحلة.

وقال عثمان: "صحيح إن المؤشرات الحالية وللأسف تشير بالتوجه لفصل غزة عن الضفة، ولكن سنوات الحصار لغزة والظروف الاقتصادية هناك خصوصا مع تداول اجراءات لتقليص خدمات الاونروا تحول دون أن يكون هناك مجالاً لذلك".

وتابع: "موقف مصر  يتجه للحفاظ على علاقات مع مختلف الأطراف في ملف المصالحة، إضافة لعلاقتها مع القيادي محمد دحلان  وبالتالي في حال فشلت الامور بالكامل مع السلطة فلربما تبقي مصر وسيلة تواصل لحماس مع دحلان بديلاً عن السلطة الفلسطينية.

وأوضح انه ما زال على الجميع التمهل والتفكير بعمق وربط مجريات الاحداث، كدخول الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مفاجئ على خط غزة من خلال مؤتمر واشنطن، وحادثة استهداف رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله اثناء توجهه للقطاع".

وكان قد أشار القيادي في حركة حماس صلاح البردويل أنه لا رجوع للمصالحة بمعنى التمكين، ولن يستطيع أحد فرضها على حماس، موضحاً على أن هذا المصطلح انتهى عصره. على حد وصفه.

وفي ظل هذه المعطيات والآراء التحليلية تبقى الآمال معلقة بمن يقرع الجرس ويعيد الأمور لنصابها حتى يصار إلى تحقيق الوحدة التي ينشدها الكل الفلسطيني لا سيما في ظل هذه المعطيات والظروف والتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية، والسعي الفلسطيني لإفشال مخططات العصر وصفقة القرن التي تسعى أمريكا وحلفائها لتنفيذها في المنطقة.