نابلس - النجاح الإخباري - في تصريح ملف، قال غادي أيزنكوت، عضو المجلس الأعلى للأمن القومي الإسرائيلي: "لقد تمنيت لو كان بمقدورنا تنفيذ عملية مماثلة لعملية عنتيبي من أجل تحرير المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، لكنهم متفرقون في عشرات المواقع."

فما هي عملية "عنتيبي" وكيف ساهمت في صعود نتنياهو إلى السلطة؟

انطلقت الأحداث في يوم 4 يوليو/ تموز عام 1976، حينما استولى فلسطينيون ويساريون ألمان على متن طائرة فرنسية تقل عشرات المواطنين اليهود، وأجبروها على الهبوط في الأوغندي عنتيبي الذي حملت اسمه.. وهو مطار بالقرب من كمبالا، عاصمة أوغندا، مطالبين بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

 لكن قوات الكوماندوز الإسرائيلية نفذت عملية خاصة وأنقذت الرهائن، حيث لقي أربعة منهم حتفهم في تبادل إطلاق النار، كما قتل الضابط يونتان، الشقيق الأكبر لبنيامين نتنياهو، من فريق الكوماندوز.

كان نتنياهو يدرس في الولايات المتحدة آنذاك، ويستخدم اسم "بن نتاي"، وقد صدم بخبر وفاة شقيقه، فتذكر فجأة أنه يهودي ويدعى بنيامين.

صورت وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية شقيقه القتيل كبطل، كما أنتجت هوليود فيلمًا سينمائيًا عن العملية.

استغل نتنياهو ذلك الحدث في الظهور كنجم في وسائل الإعلام الأمريكية، ومن هنا بدأت رحلته السياسية باسم "بيبي"، محملًا بعقدتين رئيسيتين: الأولى عقدة الضحية التي لا تثق بمن حولها، بسبب اضطهاد إسرائيل لوالده بنزيون نتنياهو لقربه من جابوتنسكي ومعارضته لبن غوريون.

والثانية عقدة الانتقام لمقتل شقيقه في عملية عنتيبي.

بداية القصة وتفاصيلها 

القصة بدأت عندما اختطف فلسطينيان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وصديقان لهما من جنسية ألمانية (بعض المصادر تشير إلى أن عدد المختطفين كان سبعة أشخاص) طائرة فرنسية من طراز إيرباص A300 أقلعت من مطار بن غوريون في تل أبيب باتجاه باريس يوم 27 يونيو/حزيران 1976.

الطائرة وعند هبوطها في أثينا وعلى متنها 248 مسافرا بينهم 103 إسرائيليين وطاقم مكون من 12 شخصا، اختطفتها المجموعة وانطلقوا بها نحو مطار عنتيبي في أوغندا بعد توقف قصير في ليبيا.

أوغندا أعلنت حالة الطوارئ في صفوف جيشها وأجهزتها الأمنية تحسبا لرد فعل إسرائيلي متوقع.

وقد صرح إيزاك بكا النقيب السابق بالجيش الأوغندي لوكالة الأناضول أن الرئيس وقتها عيدي أمين دادا كان مشهورا عنه تأييد الفلسطينيين، وبالتالي فإن إسرائيل نظريا لم يكن لديها مجال واسع للتحرك وإنقاذ الرهائن.

غير أنه أوضح أنه على الرغم من ذلك فإن القيادة العسكرية الأوغندية شرعت تعقد اجتماعات لا تكاد تنتهي لدراسة كيفية مواجهة أي رد إسرائيلي مرتقب، حيث تم نشر طائرات مقاتلة ومدافع رشاشة وصواريخ لاعتراض أي هجمات جوية.

مختطفو الطائرة، وبعد مفاوضات مع الرئيس الأوغندي فاجؤوا الجميع يوم 1 يوليو/تموز 1976 بإطلاق جميع الرهائن، وأبقوا على نحو مئة كان يظنون أنهم إسرائيليون.

وأوهمت تل أبيب الكل أنها تتفاوض مع المختطفين وأنها على وشك الاستجابة لمطالبهم المتمثلة في إطلاق 53 معتقلا على ذمة القضية الفلسطينية داخل إسرائيل وفي أربع دول أخرى.

معركة المطار
لكن يوم 4 يوليو/تموز 1976، انقلب الوضع رأسا على عقب، حيث انطلقت قوات كوماندوز إسرائيلية على متن ثلاث طائرات، واحدة نقلت الكوماندوز، والثانية خصصت للرهائن، والثالثة لتأمين الاتصالات عبر الأقمار الصناعية.

وقد استفادت القوات الإسرائيلية من دعم كبير من حكومة كينيا التي كانت عدوا لدودا لأوغندا.

ولم تطلق القوات الأوغندية النار على الطائرات الإسرائيلية خشية أن يزداد الوضع سوءا وترد إسرائيل بشكل أعنف.

وعندما بدأت الاشتباكات بين القوات الأوغندية والكوماندوز الإسرائيلي، قتل نحو عشرين جنديا أوغنديا، وشرح الجندي بكا أن ضابطا أوغنديا يدعى رافاييل هو من أطلق النار على جوناثان نتنياهو وقتله، لكن برغم ذلك نجح عناصر من القوات الإسرائيلية في الوصول إلى مبنى المطار القديم وحرروا الرهائن بعدا اشتباكات عنيفة مع المختطفين الذين لقوا مصرعهم، إلى جانب 3 من الرهائن.

نقل الإسرائيليون جثث قتلاهم إلى جانب الرهائن إلى الطائرات التي تنتظر، وانطلقوا بهم بعيدا عن موقع الاشتباك.

" عملية ستخلد في التاريخ العسكري الإسرائيلي"

وعلق إسحاق رابين، رئيس حكومة الاحتلال حينها  على العملية بقوله "لا شك أن هذه العملية ستخلد في سجلات التاريخ العسكري، وفي التقاليد الوطنية الإسرائيلية".

وعام 1976، أنجز عن العملية فيلم أميركي بعنوان "غارة على عنتيبي" كما ذكرت في فيلم بعنوان "آخر ملوك أسكتلندا" عام 2007، وهو فيلم يناقش حياة عيدي أمين دادا.

ويرى كثيرون أن عملية عنتيبي وآثارها عجلت بإسقاط نظام عيدي أمين عام 1979، وهو الرئيس الذي لم يكن على وفاق تام مع سياسات إسرائيل وحلفائها في المنطقة الأفريقية، وقد سبق له أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وبريطانيا عام 1976.

المقاومة تذكر عائلات الأسرى بعملية عنتيبي

هذا وسبق أن حذرت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، عائلات الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها، من أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "لا يأبه بموت" أبنائهم، داعية إياهم لـ"عدم الوثوق به".
 
 وقالت القسام، "إلى عائلات الجنود الأسرى احذروا، نتنياهو لا يأبه بموت كل الجنود الأسرى، لأن شقيقه يوناتان، قُتل في محاولة لتحرير الأسرى".
 
وأضافت: "(نتنياهو) يقول لكم بشكل واضح ذوقوا ما ذُقت بموت أخي.. لا تثقوا به".