شبكة النجاح الإعلامية - منال الزعبي - النجاح الإخباري - النجاح وليد الجد والاجتهاد لا الصدفة؛ ولأنَّ الطموح هو الدافع نحو بذل الجهد توج الشاب المهندس محمد صبيح نجاحًا أكاديميًّا مهَّد مشواره العملي.

وكان مشروع تخرج المهندس محمد صبيح  الذي ناقشه ختامًا لرحلته الجامعية في تخصص الهندسة الميكانيكية والميكاترونكس في جامعة النجاح الوطنية، الانطلاقة الفعلية لتطوير مخبز والده الذي أنشئ منذ 25 عامًا.

القصة الكاملة ..

بدأت قصة محمد ابن بلدة كفر راعي قضاء مدينة جنين في مخبز والده، الذي عمل فيه منذ نعومة أظفاره دامجًا بين الدراسة والحياة العملية.

وفي حديث له مع "النجاح" روى تفاصيل الحكاية بقوله:"هذه البداية كان لها دور كبير ومؤثر في صقل شخصيتي، حيث تعلمت كيف أتعامل مع الناس على اختلاف شخصياتهم وطرائق تفكيرهم، ما ساعدني في بناء شخصية قوية وعلاقات متشعبة، ووضعتني أمام آليات العجن والخبز والأدوات التي نحتاجها في المخبز."

وأكمل محمد بشغف: "منذ الصغر أهوى الآلات والسيارات، وتعلمت قيادة السياره بعمر 12 عامًا، وبدأ حبي للمركبات يزداد فكنت ابحث في تفاصيلها، حتى بنيت معرفة كبيرة عنها، ما ضاعف شغفي لدراسة هذا المجال".

قرَّر صبيح الذي أنهى الثانوية بتفوق الالتحاق بكلية الهندسة في جامعة النجاح، حيث وجد موطن حلمه في قسم الهندسة الميكانيكية.

وحول دراسته وعلاقتها بعمله في المخبز قال:"عند وصلولي إلى مرحلة مشروع التخرج لإتمام مرحله البكالوريوس توجهت لدمج حياتي العملية في مشروع التخرج فعملت دراسة خلال عملي، وارتأيت تصنيع ماكنة مبتكرة لتقطيع العجين، فبدأت الفكرة تكبر وتكبر، من مرحلة تصميم الماكنة باستخدام البرامج الحاسوبية (سوليد وورك )، ورسمها بتفاصيلها الكاملة، وإجراء الكثير من التعديلات للخروج بمنتج قوي ومتين ومنافس على مستوى عال.

دور الأهل والجامعة

ولأن جامعة النجاح توفر لطلبتها البيئة المناسبة والصاقلة لمواهبهم؛ احتضنت طموح هذا الشاب وطورته من خلال تقنية الواقع الافتراضي التي أتاحت له تحويل أفكاره إلى حقيقة ماثلة في ماكنة طالما حلم بها.

يكمل محمد" ومن ثمَّ بدأت مرحله التصنيع، فقمت بتصنيع معظم قطع الماكنة في ورشتي الخاصه في منزلي، وأستعنت ببعض الورش في القطع التي تحتاج لمعدات خاصة، حتى اكتمل الحلم وأصبح ماثلا أمامي".

والد محمد كان الداعم الأول ورفيق الدرب الذي أصر بقوة أن يتم إنجاز هذا المشروع، لكن الموت كان أسرع وأقوى، فخطف من محمد والده قبل مناقشة المشروع، موقف عصيب كفيل بتحطيم الحلم، وزرع الغصة والألم، إلا أن القوة التي غرسها أبو محمد أثمرت ودفعته لاتمام المناقشة وعرض مشروعه في غياب والده الذي كان بالنسبة لمحمد حاضرًا في الصفوف الأولى، وفي كل الوجوه".

May be an image of 6 people, people standing and indoor

تابع محمد: "الحمدلله اكتملت الماكنة التي اصطحبتها معي للجامعة وعرضتها أمام المشرفين والطلاب وحققت نجاحًا باهرًا، ونالت إعجاب الجميع، خاصة أنها وقفت في قلب مخبز والدي وأثبتت سرعتها ودقتها وانتاجيتها العالية بما ينافس المياكن المستوردة، والفخر أنها صناعة كاملة بأيد فلسطينية".

تتميز الماكنة بجودة وكفاءةعالية، حيث يمكنها تقطيع 50 كيلو من العجين خلال 4 دقائق بالوزن والشكل ذاته، وبهذا تكون قد وفرت الوقت والجهد وقللت الأيدي العاملة.

وينوي محمد فتح ورشة تصنيع مياكن خاصة به لتزويد السوق الفلسطيني بهذا المنتج، وتلبية حاجة المخابز، خاصة أن أصحاب المخابز في المنطقة بدأوا بعد إذاعة خبر تصنيع هذه الماكنة، بحجوزات لشراء نسخ عن هذه الماكنة لتشغيلها في مخابزهم.

بدوره قال د. ايهاب السركجي المشرف الأكاديمي على مشروع محمد صبيح في قسم الهندسة الميكانيكية، إنَّ الجامعة تبنت فكرة تطوير وتوجيه مشاريع التخرج الطلابية التي ينفذونها في السنة الدراسية الخامسة لتكون ريادية تخدم المجتمع المحلي وتربط الطلاب بسوق العمل.

وأضاف أن فكرة محمد كانت فريدة وتخدم حياته العملية، وهي أحد المشاريع المتقنة والمتميزة المنافسة لمشاريع صناعية وعالمية، ونصح طلاب الهندسة بتكريس المدة الدراسية المحددة بخمس سنوات للخروج بمشروع يخدم المجتمع المحلي الذي هو الشريك الأول لهذه الفئة من الخريجين من خلال الشركات والمصانع.

محمد صبيح وأخوته الخمسة، لكل منهم قصة نجاح مبهرة، حيث كانت أخته من أوائل الضفة في الثانوية العامة وتخرجت دكتور صيدلاني في جامعة النجاح، وأثبت أخوه أكرم عبقرية في البرامج الإلكترونية وحصل على جوائز محلية وعالمية بسن صغير مهد له الطريق لمنحة دراسية في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ليدرس تخصص هندسة علم الحاسوب، ويتخرج منها بتفوق مكملًا مسيرته العلمية للحصول على درجة الماجستير، ختامًا أهدى محمد إنجازه وتفوقه هو وأخوته لروح والده التي لا تفارقه معاهدًا على إكمال المسيرة.