فلراس الطيراوي - النجاح الإخباري -  

 

 لكل إمرء من إسمه نصيب ، باسل : الغضنفر، الشجاع ، البطل ذو البأس والشِّدَّة ، الذي يرمي نفسه في غمار المعركة منتصراً أو مستشهداً لا محالة ، الشهيد  (( إنه ذلك الإنسان الذی قتل فی سبیل الله ، وسمي كذلك لأن ملائكة الرحمة تشهده ، ولأنه حي عند ربه حاضره)).

 

ومن هذا القول التعریفي للشهید نستدرك أن الشهید عرف بهذا المفهوم، وعلا شأنه، وارتقت مكانته فی عصر الإسلام وما بعده ونستشهد علی ذلك بقول الله عزوجل فی كتابه الكریم (( ولاتحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتا بل أحیاء عند ربهم یرزقون )) سورة آل عمران ، وفی الحدیث الشریف عن إبن مسعود ـ رضي الله عنه ـ انه سئل عن قوله تعالى (( ولاتحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتا بل أحیاء عند ربهم یرزقون ..)). فقال:ـ إما قد سألنا عن ذلك ، فأخبرنا إن أرواحهم فی طیر خضر ، تسرح فی الجنة حیث شاءت وتأوی إلی قنادیل معلقة بالعرش ، فاطلع إلیهم ربك اطلاعه ، فقال: هل تستزیدون شیئیا فازیدكم ؟قالوا : ربنا ،وما نستزید ونحن نسرح فی الجنة حیث شئنا؟ ثم اطلع إلیهم الثانیة ، فقال: هل تستزیدون شیئاً فازیدكم ؟ فلما رأوا انهم لم یتركوا ، قالوا : تعید إلینا أرواحنا، حتى نرجع إلى الدنیا ، فنقتل فی سبیلك مرة أخرى)). حدیث حسن صحیح رواه الترمذى.

 

البطل هو الشعب.. والرمز هو الشهيد.. وما المناضل إلا ذلك الإنسان الذي يجمع في روحه المتوقدة بين صلابة الشعب وعطاء الشهيد...هكذا كنت يا باسل الأعرج .. طلبت المجد ،ووصلت إليه، وطلبت العلا.. فنلته بكفاءة، أعطيت حبك.. ووهبت حياتك.. لسمو قضية، وفرحة لقاء، ومشهد نصر، تزغرد له الصبايا وتنفجر دموع الفرح ، ينبوعاً تسقي خدود وجه أنهكتها قساوة السنين... فواحسرتاه أن يقضي بك الخريف.. تزامناً مع إنطلاقة الربيع، الذي طالما حلمت به وعملت من أجله، واحسرتاه على عيون، بلون السماء تقضي، قبل أن تكتحل بمنظر إشراقة شمس فجر، تقرع به طبول العودة..إن العظماء لا يموتون.. فكم كنت عظيماً أيها الشهيد الحي فينا... في انتمائك.. في بطولتك .. وفي إستشهادك.. فهنيئاً لك وهنيئاً لنا، ولفلسطيننا بأبطالها الغر الميامين الذين مازالوا على العهد والقسم وعلى الجمر قابضين.. توارى الجسد ولكن الذكرى تبقى .. جسد ينغرس في الأرض .. وروح ترفرف فوق تراب القدس وفلسطين من بحرها حتى نهرها.. سابحة في الفضاء بلا خوف، تعبر الحدود طامحة للمستحيل وتكشف أسرار الوجود.. ذكرى تعيش فينا، وكلمات يعبق بها ثرى الوطن ، لتسطر في تاريخه حروفاً ذهبية.. راسمة للأجيال أيقونة الحب.. والجمال ...والعطاء ... وأنشودة للكرامة والحريّة والنضال، تتناقلها الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيلختاما : لقد علمتنا أيها الشهيد البطل كيف يكون الإنسان منتصب القامة شامخ الهامة.. يا رفيق التاريخ يوم كان التاريخ فتى.. وسليل المجد يوم ولد المجد من طيب ثراك ابجدية عطر وعطاء وفداء.

 

فألف رحمة لروحك الطاهرة ايها الباسل ، فلقد أثبت في هذا الصباح أنك قبيلة من الأبطال تتمثل في رجل ، لقد غمرتنا بكل معاني الزهو، وكل مفردات العز والفخار، سنبقى نذكرك ونتذكر الدم الذي سال هناك ، فإرتوت به الارض الطاهرة . أيها الحي فينا ، من على صهوة جوادك ، لبيت النداء ، في زمن عزت به التضحية، وعز به ملبي النداء ، وغابت همم الفرسان . سنبقى نذكرك أيها الطود الشامخ ، حين تراودنا معاني الضعف والوهن والنكوص . في جنة الخلد أيها الباسل مع الانبياء والصديقين . فلتتنزل عليك شآبيب الرحمة ولتهنأ الى يوم الدين. ولنا إن شاء الله مع كل شهيدٍ وقفة إلى أن تُكتب الشهادة !!