منال الزعبي - النجاح الإخباري - وفاءً لأرواح غابت أجسادُها وظلَّت حيَّة فينا لا تموت، في الذكرى الثلاثين لرحيل عقل الثورة الفلسطينية، حينَ تعيشُ الكلمات لتدلَّ على موقف وفكر وأثر صاحبها، نقف على آثار رجل بألف رجل، أحبَّ الوطن فصدق عهده وقضى نحبه في سبيل عقيدة وقضية، إنَّه خليل الوزير "أبو جهاد"، الذي قال:

"رأسنا سيبقى في السماء، وأقدامنا مغروسة في تراب وطننا، جماجمنا نُعَبِدُ بها طريق النصر والعودة الأكيدة، البوصلة لن تخطئ الطريق ، ستظل تشير الى فلسطين."

ولم تخطئ بوصلته الطريق التي خطّها بعزم وإصرار، وحب وتفانٍ منقطع النظير.

من هو خليل الوزير؟

خليل إبراهيم محمود الوزير (أبو جهاد)، وُلد عام (1935) في مدينة الرملة، وغادرها إلى غزة إثر حرب (1948) مع أفراد عائلته، ودرس في جامعة الإسكندرية، ثمَّ انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقلَّ من عام، وبعدها توجَّه إلى الكويت، وظلَّ بها حتى عام (1963)، وهناك تعرَّف على ياسر عرفات وشارك معه في تأسيس حركة فتح؛ وفي عام (1963) غادر الكويت إلى الجزائر، حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أوَّل مكتب لحركة فتح وتولى مسؤولية ذلك المكتب.

وحصل على إذن من السلطات بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكريَّة، وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر؛ ثمَّ غادر أبو جهاد الجزائر عام (1965) إلى دمشق حيث أقام مقرَّ القيادة العسكرية، وكلِّف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، وشارك في حرب (1967) إذ قام بتوجيه عمليات عسكرية ضدَّ القوَّات الإسرائيلية في منطقة الجليل الأعلى، وتولى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة، وخلال هذه الفترة الممتدة من(1976 – 1982)، عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة، كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت عام (1982) والتي استمرت (88) يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.

 وتسلَّم أبو جهاد خلال حياته مواقع قيادية عدَّة، فكان عضو المجلس الوطني الفلسطيني خلال معظم دوراته، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما يعتبر مهندس الانتفاضة وواحداً من أشد القادة المتحمسين لها.

 بعد حصار بيروت عام (1982) وخروج كادر وقوات الثورة من المدينة عاد أبو جهاد، مع رفيق دربه ياسر عرفات إلى مدينة طرابلس؛ ليقود معركة الدفاع عن معاقل الثورة في مواجهة المنشقين المدعومين من الجيش السوري، بعد الخروج من طرابلس توجَّه أبو جهاد إلى تونس حيث مقرِّ المنظمة ومقر إقامة أسرته، وأصبح دائم التجوال بين العواصم العربية للوقوف عن كثب على أحوال القوات الفلسطينية المنتشرة في تلك البلدان.

اعتاد المكوث بضع أيَّام وسط عائلته في تونس، لكنَّه مكث (15) يومًا في الزيارة الأخيرة له في ربيع (1988م).

وذات ليل وبعد عودة 'أبو جهاد' إلى منزله من اجتماعاته مع القيادات الفلسطينية، كان يكتب كلماته الأخيرة على ورق كعادته ليوجهها لقادة الانتفاضة للتنفيذ، سمع ضجة بالمنزل، رفع مسدسه وذهب ليرى ما يجري، كما روت زوجته، انتصار الوزير، وإذا بسبعين رصاصة تخترق جسده ويصبح في لحظات في عداد الشهداء ليتوج أميرًا لشهداء فلسطين.

اغتيل البطل.. إثرَ عمليَّة نفّذها جهاز الموساد الإسرائيلي، في بيته في المهجر بتونس بتاريخ (16/4/1988)، وترأس العملية الإرهابية ايهود باراك، من خلال فرقة 'كوماندوز'  وصلت فجر السادس عشر من نيسان، بزوارق مطاطية إلى شاطئ تونس، وتمَّ إنزال (20) عنصرًا من قوَّات النخبة من قوَّات وحدة 'سييريت ماتكال' مستخدمين أربع سفن، وغواصتين، وزوارق مطاطية، وطائرتين عموديتين للمساندة، لتنفيذ مهمة اغتيال القائد خليل الوزير رفيق درب الشهيد أبو عمار، ويدهُ اليمين بحركة فتح، ورست الزوارق على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة، ثمَّ بدأ التنفيذ وإنزال الوحدة من كلِّ مكان بسيارات أجرة، وبعد نزول أفرادها إلى الشاطئ بساعة، توجَّهوا بثلاث سيارات أجرة تابعة للـ'موساد' إلى منزل الشهيد الذي يبعد خمسة كيلو مترات عن نقطة النزول.

 وعند وصول قوات الموساد الخاصة إلى المنزل الكائن في شارع (سيدي بو سعيد)، انفصلت الوحدة إلى أربع خلايا، وقدِّر عدد المجندين لتنفيذ العملية بمئات جنود الاحتلال، وقد زوَّدت هذه الخلايا بأحدث الأجهزة والوسائل للاغتيال، اقتحمت إحدى الخلايا البيت فجرًا، وقتلت الحارس الثاني 'نبيه سليمان قريشان' وتقدَّمت أخرى مسرعة لغرفة الشهيد 'أبو جهاد'، وأطلقت عليه الرصاصة التي كتمت أنفاسه ولم تكتم ثورته وكلماته، التي غدت شعارات ردَّدتها انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى، وكلُّ الثورات من بعده (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة).

 

من أبرز الخطط العسكرية التي خطط لها الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد).

عملية نسف خزان زوهر عام (1955).

عملية نسف خط انابيب المياه (نفق عيلبون) عام (1965).

عملية فندق (سافوي) في تل ابيب و قتل (10) إسرائيلين عام (1975).

-عملية انفجار الشاحنة المفخَّخة في القدس عام (1975).

عملية قتل البرت ليفي كبير خبراء المتفجرات و مساعده في نابلس عام (1976).

عملية دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من (37) إسرائيليًّا عام (1978).

عملية قصف ميناء إيلات عام (1979).

قصف المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا عام (1981).

–  أسر (8) إسرائيليين في لبنان ومبادلتهم ب (5000) معتقل لبناني و فلسطيني و (100) من معتقلي الأرض المحتلة عام (1982).

اقتحام و تفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور وادت إلى مصرع (76) ضابطًا و جنديًّا بينهم (12) ضابطًا يحملون رتبًا رفيعة عام (1982).

إدارة حرب الاستنزاف من (1982- 1984) في جنوب لبنان.

– عملية مفاعل ديمونة عام (1988) والتي كانت السبب الرئيس لاغتياله.