طلال عوكل - النجاح الإخباري - على غاربة مفتوحة باب المزايدات، والمفاوضات بين الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة في الانتخابات المبكرة التي ستجري في التاسع من إبريل نيسان المقبل. الحملات الإعلامية والإعلانية لزعماء تلك الأحزاب تستخدم بكثافة الحقوق والدم الفلسطيني، لإقناع جمهور المستوطنين بأحقية دعم هذه القائمة وتلك، وكل من هؤلاء يستغل منصبه، وإمكانيته للإيغال في التحريض والتهديد، لركوب أعلى الأمواج في التعامل مع الشأن الفلسطيني أرضا وشعبا وحقوقا ومقدسات. في محاولة لاستعراض أبرز الشعارات والأهداف التي تتحدث عنها قيادات الكتل الانتخابية، ثمة تركيز شديد ومكثف على السياسات التي تتعلق بالفلسطينيين وحقوقهم. من موقفه نتنياهو كرئيس للحكومة، لا يتوقف عن اتخاذ المزيد من الإجراءات والقرارات المتلاحقة، التي تنتهك حقوق الفلسطينيين من الإعلان عن مناقصة لبناء أكثر من أربعة آلاف وحدة استيطانية، إلى الاقتحامات ذات الطابع الرسمي للأقصى، إلى إنهاء مهام بعثة المراقبين الدوليين في الخليل، إلى قرار مصادرة أكثر من خمسمائة مليون شيكل من أموال المقاصة الفلسطينية.

تعتقد إسرائيل أنها يمكن إخضاع الفلسطينيين، عبر الضغوط المالية، بعد أن عجزت عن ذلك الولايات المتحدة، وأن تجعل قدرة السلطة الوطنية في أدنى مستويات القدرة على أداء واجباتها تجاه المجتمع الفلسطيني مما يسؤدي إلى فرض السلام الاقتصادي، وتعميق أزمة الثقة بين الناس وقياداتهم ومؤسساتهم الوطنية.

على طريق "صحيح لا تقسم، ومقسوم لا تأكل، وكل حتى تشبع"، تمارس إسرائيل القرصنة على رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار، على حقوق الفلسطينيين من أموال المقاصة، لكنها تستهدف أيضا تشويه الهوية الوطنية التحررية للحركة الوطنية والمؤسسة الفلسطينية، حين تعتبر أن مواصلة السلطة لأداء التزاماتها لأهالي الشهداء والأسرى والحرص على أنه رعاية للإرهاب. مخطئ من يعتقد أن إسرائيل تتراجع عن ذلك القرار، المتعلق بمخصصات الشهداء والأسرى، ذلك أن الأمر لا يعود إلى قرار تتخذه الحكومة وإنما هو تنفيذ لتشريع سابق أقرته الكنيست العام الماضي. وفي التحليل الذي يفترض أن الحقوق الفلسطينية خاضعة للمزايدات الانتخابية، فإن من المتوقع خلال ما تبقى من وقت، أن يبادر نتنياهو وحكومته إلى اتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات العقابية بحق الفلسطينيين. الكل يعرف الطبيعة الأنانية لنتنياهو، خصوصا وأنه بدأ يشعر بالخشية من إمكانية فوزه بتشكيل الحكومة المقبلة، بسبب المنافسة القوية التي ترشح فوز تحالف بني غانس ليبيد، بالحصول على نحو خمسة وثلاثين مقعدا مقابل ثلاثين لليكود.

من الواضح أن الحلف الأمريكي الإسرائيلي يدفع منظمة التحرير والسلطة الوطنية، إلى الحائط الأخير، حيث لا يمكن القبول بتلقي الضربات الواحدة تلو الأخرى بدون رد، قد يكون تأخر أساسا. وعلى الرغم من أن الانقسام الفلسطيني لا يزال يشكل ضعفا أو حتى جرحا في الخاصرة الفلسطينية، إلا أن منظمة التحرير لديها ما ترويه على تلك السياسات. لقد حان الوقت للبدء بتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي، بعد أن نسفت إسرائيل كل ما تبقى من اتفاق أوسلو، وباريس الاقتصادي. الموقف الفلسطيني صلب وصامد حتى الآن، ويرفض التعاطي مع الولايات المتحدة ومع السلام الاقتصادي، و يؤكد تمسكه برفض مقايضة الحقوق بالمال. ثمة ضرورة لاتخاذ اجراءات عاجلة تبدأ بإعلان برنامج متقشف، ثم الذهاب إلى المؤسسات الدولية، فضلا عن وضع الأشقاء العرب أمام مسؤولياتهم التاريخية والتأكيد مصداقية الادعاء باستمرار النظام العربي الرسمي بدعم القضية الفلسطينية. قبل هذا وذاك لابد من إطلاق الجماهير الفلسطينية لتصعيد المقاومة الشعبية السلمية، و توسيع دائرة المجابهة لتشمل الوطن الفلسطيني كله.