النجاح الإخباري - قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة يواجهون مجاعة جماعية سببها الحصار المفروض على المساعدات، مؤكدًا أن "هذا الواقع القاتل من صنع الإنسان"، على حد وصفه.
وأضاف في مؤتمر صحفي افتراضي عُقد اليوم الأربعاء:
"لا أعلم كيف يمكن وصف ما يحدث في غزة سوى أنه مجاعة جماعية، ومن الواضح أنها من صنع الإنسان. السبب هو الحصار المفروض منذ أكثر من 80 يومًا دون انقطاع. حتى بعد فتح المعابر، فإن المساعدات التي تدخل ما تزال ضئيلة جدًا، والناس يموتون جوعًا".
وبحسب منظمة الصحة العالمية، ارتفعت وفيات الأطفال الناتجة عن سوء التغذية بشكل كبير منذ منتصف يوليو. حيث وثّقت المنظمة وفاة 21 طفلًا دون سن الخامسة بسبب سوء التغذية في عام 2025، وهي أرقام اعتُبرت "قمة جبل الجليد".
وأشار تيدروس إلى أن مراكز علاج سوء التغذية في غزة ممتلئة بالكامل وتفتقر إلى الإمدادات اللازمة للتغذية الطارئة. وتجاوزت معدلات سوء التغذية الحاد عالميًا حاجز 10%، فيما أظهرت عمليات المسح أن أكثر من 20% من النساء الحوامل والمرضعات يعانين من سوء تغذية، غالبًا بدرجات شديدة.
مجاعة تفتك بغزة وسط عجز دولي
وفي مشاهد التُقطت من مخيم النصيرات بغزة، أظهرت عدسات وكالة "رويترز" مئات الأشخاص يصطفون أمام مطابخ الخير طلبًا لوجبة ساخنة، في وقت يعجز فيه كثيرون عن توفير الحد الأدنى من الطعام لأسرهم.
من جانبه، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ريك بيبركورن، في تصريح رسمي:
"الأرقام لدينا أقل بكثير من الواقع. منذ أكتوبر 2023، رصدنا أكثر من 70 ألف حالة سوء تغذية بين الأطفال دون سن الخامسة. وفي عام 2025 وحده، اقترب العدد من 30 ألف حالة. وعدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية في العام الحالي بلغ 17 طفلًا، وهذه الأرقام لا تمثّل إلا الجزء الظاهر من الكارثة".
وبيّن بيبركورن أن المنظمة تستند إلى تقارير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، والتي كانت واضحة منذ البداية في التحذير من كارثة غذائية وشيكة في غزة. وقال:
"العالم يعرف تمامًا ما الذي يحدث، ومع ذلك لا يزال الوضع مستمرًا دون تدخل فعّال. أكثر من 800 حالة وفاة وقعت في محيط مواقع توزيع الغذاء، سواء التابعة للأمم المتحدة أو غير الرسمية، فضلًا عن مئات الإصابات".
القصف يُهدد موظفي الصحة الدولية
وأفادت منظمة الصحة العالمية أن طواقمها تعرضت لإطلاق نار مباشر في مدينة دير البلح، حيث اقتُحمت مساكن موظفيها من قِبل الجيش الإسرائيلي، مما أدى إلى تهجير النساء والأطفال سيرًا على الأقدام وسط القتال.
وقال تيدروس:
"تمت مداهمة سكن الموظفين، واحتُجز الرجال وقُيّدوا وتعرّضوا للاستجواب، ولا يزال أحد الزملاء رهن الاعتقال حتى الآن. نحن نطالب بالإفراج الفوري عنه".
ووثّقت المنظمة تعرض منشآتها للقصف في دير البلح، حيث سُجلت لقطات لمبانٍ قيل إنها مرافق تابعة للمنظمة، وشوهدت مقذوفات تضيء سماء الليل فوق المنطقة.
أطفال يموتون من أجل كسرة خبز
وفي واحدة من أكثر العبارات المؤلمة، قال تيدروس:
"تخيّلوا أن 1,026 شخصًا فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم البحث عن طعام! إن لم يكونوا يتضورون جوعًا، فلماذا يخاطرون بحياتهم؟".
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد توفي 10 فلسطينيين إضافيين الليلة الماضية بسبب الجوع، ليرتفع عدد الوفيات الناتجة عن المجاعة إلى 111، معظمهم من الأطفال، في ظل استمرار شحّ المساعدات والقيود المفروضة على دخول الغذاء والدواء.
وقد صرّحت إسرائيل أنها تسمح بدخول المساعدات الغذائية، لكنها تُقيّد الكميات لتفادي "وقوع المساعدات بيد الجماعات المسلحة". غير أن منظمات الإغاثة تؤكد أن ما يدخل حاليًا لا يمثل سوى "قطرات لا تُطفئ لهيب الجوع".