بشار دراغمة - النجاح الإخباري -
بشار دراغمة
الحروب مجرد نسخ متشابهة، وإجراءات "عقد النية" هي ذاتها في كل مرة، أزمات داخلية تسترها إسرائيل بأجساد أبناء غزة، وفضائح تلاحق قادة الإحتلال يوارونها خلف قوافل الشهداء، والصوت العالي القادم من المجتمع الدولي رفضا لجرائم الاستيطان تخفيه دولة الإحتلال بجرائم آنية أخرى ولا خيار سوى إجرام جديد في غزة.
صاروخ لم يتبنه أحد يُطلق من غزة يتبعه رد إسرائيلي سريع بقصف القطاع، تكرر هذا الأمر في حروب سابقة، وما هي إلا أيام حتى اشتعلت جبهة التصعيد وشرعت إسرائيل بعدوان جديد، حتى سقوط صواريخ من سيناء على إيلات هو أمر حدث أيضا خلال العدوان الأخير والفاعل هو ذاته تنظيم داعش.
يواجه رئيس وزراء الإحتلال اليوم تهم فساد قد تعصف بمستقبله السياسي، واعتاد قادة الإحتلال على حرف أنظار الإسرائيليين عن تلك الفضائح بالتوجه إلى الجسد الفلسطيني ونهشه، فإن الفضيحة الكبيرة دوما تحتاج إلى حدث كبير ولا مشكلة لدى الإحتلال بأن يكون الحدث العظيم هو ألف جثمان فلسطيني وأكثر.
نظرة إلى الوراء تؤكد أن كل ظروف العدوان على غزة متشابهة، بنيامين نتانياهو قاد في العام 2014 حرباً على القطاع بعد الكشف عن فضيحة مالية لنتانياهو تمثلت بوجود حساب مصرفي له بعيدا عن أعين الضرائب في جزيرة (جرزي) البريطانية والتي تعتبر ملجئاً محمياً من سلطات الضرائب المختلفة، وحول نتانياهو للحساب ملايين الدولارات، وبعد شهور من كشف هذه الفضيحة أعلنت حكومة نتنياهو حربًا على غزة، رأت فيها الأوساط الإسرائيلية وسيلة لإلهاء الرأي العام عن فضائح الرجل الأول في مؤسسة الحكم.
عدوان "الرصاص المصبوب" في العام 2008، سبقه فتح السلطات الإسرائيلية تحقيقا مع رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت بسبب تورطه في عدد من قضايا الفساد، وجاءت الحرب للتغطية على فضائح أولمرت محاولا تحقيق نصر عسكري.
اليوم الظروف متشابهة تماما، نتناياهو متهم بالفساد، لكن يضاف إلى هذه الظروف التنديد الدولي الواسع بالهجمة الإستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، والإنجازات الدبلوماسية الفلسطينية، وتبني مجلس الأمن قرارا اعتبر الاستيطان غير شرعي، تزامناً مع استعداد دولة فلسطين للتوجه إلى الجنايات الدولة لملاحقة إسرائيل على جرائمها.
وبالإضافة لكل هذه الظروف الخصبة بالنسبة لإسرائيل لإعلان حرب على غزة، تسلمت إدارة جديدة مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلنت إدارة ترامب دعماً مطلقاً لإسرائيل فحتى مستشاري الرئيس الأمريكي هم من الإسرائيليين، بالتالي لا فرصة أفضل من الآن بالنسبة لنتانياهو لشن عدوان جديد على غزة ليحقق طموحه بحرف الأنظار عن فضائحه، والتغطية على أعمال البناء الاستيطاني،  وجعل العالم ينشغل بالحديث عن غزة بدلاً من الحديث عن الاستيطان وإدانته.