وكالات - النجاح الإخباري - رغم أن الأكسجين يعد عنصرًا أساسيًا لحياة الإنسان والحيوان، فإن علماء الأحياء البحرية يقولون خلاف ذلك؛ إذ كشف باحثون مؤخرًا عن وجود تجمعات كبيرة للأسماك تعيش في أعماق خليج كاليفورنيا، حيث لا يوجد أكسجين تقريبًا.

واستخدم الباحثون أجهزة روبوت للوصول إلى منطقة تواجد تلك الأسماك ومراقبة الحياة فيها، ولاحظوا أن أنواعا من القروش وسمكة رامي القنابل (grenadiers fish)، وسمكة إنقليس البرسم (cusk eel)، تنمو وتنتعش في ظروف الأكسجين المنخفض، التي قد تكون مميتة لمعظم الأسماك الأخرى.

ويمكن لهذا الاكتشاف أن يساعد العلماء على فهم كيفية تعامل الحيوانات البحرية الأخرى مع التغيرات المستمرة في كيمياء المحيطات، وفق نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة "إيكولوجي"، وأجراها باحثون من معهد "سكريبس" لعلوم البحار في جامعة كاليفورنيا سانتياغو الأميركية.

وقاد عملية البحث عالم الأحياء جيمس باري من جامعة كاليفورنيا، وأجريت الدراسات الميدانية عام 2015، حين نفذ الفريق البحثي -المكون من تسعة باحثين- سلسلة من الغطسات في العديد من أحواض المحيطات العميقة في خليج كاليفورنيا باستخدام مركبة تعمل عن بعد تابعة لمعهد أبحاث الأحياء المائية بخليج مونتيري.

وتتسم المياه العميقة في خليج كاليفورنيا باحتوائها على بعض أكثر موائل الأحياء البحرية ضآلة في كمية الأكسجين على مستوى العالم.

وأشارت قراءات أجهزة الاستشعار الموجودة على متن المركبة إلى أن تركيزات الأكسجين في هذه البيئة كانت أقل بدرجة تتراوح بين 1-10 و1-40 عن البيئات التي تتحملها الأسماك الأخرى التي بإمكانها التكيف مع مستويات منخفضة من الأكسجين.

وافترض معدو الدراسة أن الخياشيم المتضخمة مكنت الأسماك التي تتخذ من قاع خليج كاليفورنيا موئلا لها من زيادة امتصاص الأكسجين، بالإضافة إلى انسيابية ونعومة أجسام هذه الأنواع.

وحذرت الدراسة من أن استمرار المعدلات الحالية في ارتفاع درجة حرارة المحيطات قد يقود العديد من الأنواع البحرية إلى الانقراض، أو في أحسن الأحوال اتخاذ موائل تتسم بظروف قاسية مثل المناطق العميقة جدا قليلة الأكسجين.

ولأن ما وجده الفريق البحثي يعد أمرا غير مسبوق، فإنهم اقترحوا تسمية هذه الأنواع التي تعيش بالحد الأدنى من الأكسجين، باسم (ligooxyphile)، وتعني في اللغة اليونانية "محب الأكسجين الصغير".

واستندت الدراسة إلى ملاحظات ستين ساعة من لقطات الفيديو التي مكنت الفريق البحثي من ربط مراقبة أنواع الأسماك هذه (القروش وسمكة رامي القنابل، وسمكة إنقليس البرسم) مع ظروف الأكسجين في منطقة الدراسة.

وأوضحت الباحثة الرئيسية في الدراسة نتاليا جالو في تصريح للجزيرة نت أن الدراسة اعتمدت أحدث التقنيات لاستكشاف ودراسة البحار العميقة، وشملت مقارنة المجتمعات في أعماق البحار في شمال ووسط وجنوب خليج كاليفورنيا كطريقة لفهم المتغيرات البيئية مثل الأكسجين ودرجة الحرارة التي تتغير مع تغير المناخ وتؤثر على مجتمعات أعماق البحار.

وبيّنت جالو أن أهمية هذا الاكتشاف هو أنه يتحدى الافتراضات الحالية، ويقترح أن الأسماك لديها إمكانية أكبر بكثير للتكيف مع نقص الأكسجين، كما تشير ملاحظات الباحثين إلى أن هذه الأسماك، تظهر تحملا أعلى لنقص الأكسجين من معظم اللافقاريات الكبيرة في المنطقة.

وأشارت الباحثة إلى أن الفريق الذي أنجز الدراسة غير متأكد حتى الآن من الدور الإيكولوجي الذي تلعبه هذه الأسماك، أو ما عوامل التكيف التي تسمح لها بالبقاء في ظل هذه الظروف، وأكدت ضرورة القيام بمزيد من العمل لدراسة هذه الأنواع.