وكالات - النجاح الإخباري - أثارت مذكرة رسمية صادرة عن وزيرة التعليم الأمريكية، ليندا مكماهون، موجة واسعة من السخرية والانتقادات في الأوساط التعليمية والإعلامية بالولايات المتحدة، وذلك بعد أن وُجّهت إلى جامعة هارفارد بلغة احتوت على أخطاء إملائية ونحوية جسيمة. وجاء رد الجامعة صارمًا، إذ أعادت المذكرة مصححةً بالكامل، مسلطةً الضوء على ما اعتبرته "تدنيًا لغويًا لا يليق بمؤسسة حكومية"، في خطوة فُهمت على نطاق واسع باعتبارها رفضًا أكاديميًا حادًا لأسلوب تعامل الإدارة الأمريكية مع الجامعات.
وجاءت المذكرة في سياق توتر متصاعد بين البيت الأبيض وعدد من الجامعات الأمريكية، على خلفية تصاعد الاحتجاجات الطلابية الداعمة لفلسطين داخل الحرم الجامعي. وأعلنت وزارة التعليم الأمريكية عبر الرسالة أنها ستعلق أي تمويل فدرالي جديد لجامعة هارفارد، إلى حين امتثالها لمطالب البيت الأبيض، التي تشمل اتخاذ إجراءات ضد ما وصفته بـ"التظاهرات غير المنضبطة".
وفسّرت الأوساط الأكاديمية هذا الموقف على أنه محاولة من الإدارة لاستخدام التمويل الفدرالي كأداة ضغط لإسكات المواقف السياسية المعارضة، خاصة فيما يتعلق بالتضامن مع القضية الفلسطينية.
تصعيد ضد الجامعات الأمريكية
وتزامن موقف وزارة التعليم مع تصعيد أوسع من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي كانت قد هددت مسبقًا بتجميد التمويل الفدرالي لعدد من الجامعات، من بينها جامعة هارفارد. واستندت هذه التهديدات إلى الاحتجاجات المتواصلة داخل الجامعات الأمريكية، والتي شهدت مشاركة طلابية واسعة في دعم فلسطين والتنديد بحرب الإبادة الجماعية بحق المدنيين المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.
وادّعت مكماهون في رسالتها أن هارفارد "ألحقت ضررًا بمنظومة التعليم العالي في البلاد" من خلال قبولها طلابًا أجانب "يحتقرون الولايات المتحدة"، بحسب تعبيرها. وأضافت أن الجامعة أخفقت في الامتثال لما وصفته بـ"الالتزامات القانونية والواجبات الأخلاقية والمسؤوليات الائتمانية".
وأردفت: "ينبغي للجامعة أن ترقى إلى مستوى مُثُل أمتنا وأن تُنير دروب آلاف الطلاب الطموحين. لكن هارفارد خانت هذه المُثل"
تحقيقات وتمويل مجمّد ودعاوى قضائية
وفي تصعيد إضافي، أعلن البيت الأبيض فتح تحقيق للتأكد من أن المنح التي تتجاوز قيمتها 8.7 مليارات دولار والتي تتلقاها جامعة هارفارد من مؤسسات مختلفة تُستخدم بما يتوافق مع قوانين الحقوق المدنية.
وفي مواجهة هذا التهديد الفدرالي، أعلنت جامعة هارفارد رفضها لمطالب ترامب المتعلقة بـ"إجراء إصلاحات" داخل الجامعة. كما رفع عدد من أساتذة الجامعة دعاوى قضائية ضد قرار الإدارة التحقيق في التمويل الفدرالي المخصص للجامعة.
من جهتها، قررت إدارة ترامب تجميد تمويل بقيمة 2.2 مليار دولار مخصص لجامعة هارفارد، بالإضافة إلى تعليق عقود بقيمة 60 مليون دولار.
تصعيد إدارة ترامب ضد الجامعات الأمريكية
وفي مشهدٍ لافت، ومنذ أبريل/ نيسان 2024، اندلعت احتجاجات داعمة لفلسطين ورافضة لحرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، وقد بدأت بجامعة كولومبيا الأمريكية وتمددت إلى أكثر من 50 جامعة في البلاد، واحتجزت الشرطة أكثر من 3 آلاف و100 شخص، معظمهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وصف احتجاجات العام الماضي بأنها معادية للسامية قائلا إنها أخفقت في حماية الطلاب اليهود. ويقول الطلاب المتظاهرون، ومنهم يهود، إن ترامب والسياسيين المحافظين المؤيدين بشدة لإسرائيل يخلطون بشكل غير عادل بين الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ومعاداة السامية.
ويحاول ترامب ترحيل بعض الطلاب الأجانب المؤيدين للفلسطينيين من الجامعات الأمريكية، قائلا إن وجودهم قد يضر بمصالح السياسة الخارجية الأمريكية.
وقد اعتقلت الشرطة الأمريكية الأربعاء العشرات من طلاب جامعة كولومبيا بعد احتجتجات تعد الأكبر منذ انطلاق المظاهرات الطلابية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.
وطالب المتظاهرون كذلك بالإفراج عن محمود خليل، الناشط الفلسطيني وطالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا الذي لا يزال في محتجزا في لويزيانا، لدعمه ومشاركته في العديد من المظاهرات التي خرجت نصرةً لغزة.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 171 ألف شهيد معظهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود..