النجاح الإخباري - يسود الاعتقاد منذ فترة طويلة بأن التفكير الإيجابي هو وسيلة لتحقيق النجاح والصحة والسعادة ولكن يدعي فريق من العلماء من خلال دراسة جديدة أن التشاؤم، بدلا من التفاؤل، يمكن أن يكون أفضل في مساعدة بعض الناس على تحقيق أهدافهم، وفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، نقلا عن موقع "Conversation".

يشرح باحث في علم النفس الصحي في جامعة شيفيلد، كيف أن أحد أنواع التشاؤم، الذي يطلق عليه "التشاؤم الدفاعي" يعطي الناس دفعة إلى الأمام ويتساءل في مقالته عن حال هؤلاء الذين يميلون للنصف الفارغ من الكوب بدلا من الممتلئ؟

هل كون المرء متشائما دوما يبدو شيئا سيئا؟ في الواقع، تشير أحدث الأبحاث إلى أن بعض أشكال التشاؤم قد تكون لها فوائد التشاؤم ليس مجرد التفكير السلبي

كشف علم الشخصية أن التشاؤم يشمل أيضا تركيزا على النتائج  بمعنى أن تتوقع ما سوف يحدث في المستقبل ففي حين يتوقع المتفائلون، أكثر من غيرهم، أن تتحقق نتائج إيجابية، يتوقع المتشائمون أن تكون النتائج السلبية أكثر احتمالا إن هناك نوعا معينا من التشاؤم، تحديدا "التشاؤم الدفاعي"، الذي يأخذ ذلك التفكير السلبي إلى مستوى جديد كليا ويسخره بالفعل كوسيلة للوصول إلى الأهداف.

وأظهرت الأبحاث أن هذه الطريقة في التفكير لا يمكن أن تساعدهم فحسب على تحقيق النجاح، بل وتجلب لهم، إلى حد ما، بعض المكافآت غير المتوقعة ومع ذلك، فإن الشكل الرئيسي الآخر من التشاؤم، والذي ينطوي ببساطة على إلقاء اللوم على النفس للنتائج السلبية، له آثار إيجابية أقل.

ويشير الباحثون إلى أن التشاؤم الدفاعي هو استراتيجية يستخدمها الأشخاص كثيرو الحرص لتساعدهم على إدارة قلقهم، والتي خلافا لذلك، تجعلهم يريدون أن يعملوا في الاتجاه المعاكس لهدفهم بدلا من متابعته.

إن العامل الحاسم هو وضع توقعات منخفضة لنتائج خطة أو وضع معين، مثل توقع أنك لن تحصل على وظيفة بعد مقابلة عمل، ومن ثم فإن تصورك لتفاصيل كل شيء قد يكون من الخطأ أن تجعل هذه السيناريوهات الأسوأ حالة حقيقية.

وهذا يعطي المتشائم الدفاعي خطة عمل لضمان أن أي حوادث متخيلة لن تحدث في الواقع، مثل ممارسة تمرين على المقابلة، والوصول إليها في وقت مبكر ويمكن أيضا أن يكون التشاؤم أكثر فائدة من التفاؤل في المواقف التي تنتظر فيها أخبارا عن نتيجة، ولا توجد فرصة للتأثير على تلك النتيجة (مثل انتظار نتائج مقابلة العمل).

عندما تكون النتيجة ليست جيدة بالقدر الذي كان المتفائل يأمله، فإنها تصيبهم بضرر أكبر لرفاهيتهم، كما يشعرون بخيبة أمل أكبر ومزاج سلبي، أكثر مما لو كانوا تحلوا ببعض التشاؤم.

ومن الغريب أن هذا النوع من التشاؤم يمكن أن يساعد في تعزيز الثقة، ففي إحدى الدراسات التي تابعت الطلاب عبر سنواتهم الجامعية، شهد أولئك الذين كانوا متشائمين دفاعيين مستويات أعلى بكثير من تقدير الذات مقارنة بغيرهم من الطلاب القلقين.

وعندما يصاب المتشائمون بمرض مزمن قد يتكوّن لديهم رأي سلبي بخصوص المستقبل لكن ربما بواقعية أكثر بما يشجع على نوع من السلوكيات التي يوصي بها أخصائيو الرعاية الصحية لإدارة المرض ورغم ذلك، توقع المتفائلون في التوقع المستقبلي لأحوالهم الصحية بأنها سوف تتحسن مستقبلا، في حين رأى المتشائمون أن صحتهم سوف تزداد سوءا في المستقبل.

إن الفرق الرئيسي الذي يفصل بين المتشائمين الدفاعيين والأشخاص الآخرين، الذين يعتقدون عكس ذلك، كهؤلاء الذين ينتابهم القلق أو الاكتئاب، إنما يتمثل في طريقة التعامل مع تلك الأمور. فعلى حين أن الناس يميلون إلى تجنب التعامل مع المشاكل المتوقعة، وذلك عندما يشعرون بالقلق أو الاكتئاب، فإن المتشائمين الدفاعيين يستخدمون توقعاتهم السلبية لتحفيزهم على اتخاذ خطوات فعالة ليشعروا بأنهم مستعدون وأكثر سيطرة على النتائج.