منال الزعبي - النجاح الإخباري - حملت رواية " وارث الشواهد "  للكاتب الفلسطيني وليد الشرفا و التي تنافس ضمن القائمة القصيرة للرواية العربية، معاني مفصيلة في القضية الفلسطينية وعسكت تصوّر الفلسطيني الأصيل والاجئ والشهيد والسجين.

ووليد الشرفا هو استاذ الإعلام والدراسات الثقافية العربية في جامعة بير زيت، وجعل الكاتب فاتحة الرواية إهداء للشاعر أحمد دحبور والأسير كريم يونس وعلّل الشرفا ذلك بقوله لـ"لنجاح الإخباري": " هذا ميثاق كتاب آخر، وأحمد دحبور الذي رحل بعد آخر لقاء لنا بـ(48) ساعة، رأيته حينها خافتًا ضعيفًا، وأنا أراه علامة فلسطينية، أما كريم يونس الأسير الفلسطيني من فلسطينيي الداخل والذي مرَّ على أسره (35)عامًا، ليعيدني إلى مرحلة مهمة من مراحل النضال الفلسطيني عنوانها القناعة، فهما يعكسان جمالية القضية ببؤسها فاستحقا الإهداء".

وأشار الشرفا إلى أنَّ القارئ شريك بمعجزة الكتابة، إذ إنَّ التحقق من الكتابة يتم بالقراءة، حيث يحيي القارئ أحداث ما كتب ذهنيًا دون أن يساهم بما في المحتوى من خطايا وآثام، لكنّه يستخلص العبرة ويستقبل الرسالة، وتتعدد التأويلات والرؤى بتعدد القراء فلكلٍّ انعكاسه الشخصي والخاص لما يقرأ، وهذا هو الهدف، فالعملية ليست ايصال بيانات معلوماتية للقرّاء".

ويضيف: "من التأويلات التي تحملها الرواية، أنَّ هويّة الإنسان التي يحملها كبعد وجداني وزمني تترك بالغ الأثر، وارتباط الفلسطيني بالمكان هو جوهر القضية، يلامس البكائية المزمنة في الأسطورة "الجنَّة المفقودة"، وتبقى الشواهد من ولادة، وموت، وألم، وعذاب، تبقى الحجارة شاهدة عليها تقف مناصفة بين الحياة والموت، وتحمل جزءًا من أروح أصحابها، ما يجعل للشواهد علامة رمزية قاسية،هي علاقة صدمات، وتلخص في النهاية الرحلة في المكان".

وعن علاقة المكان وتأثيره على ساكنيه، أشار الشرفا إلى أن المكان يولد إمّا الفرح، أو العشق، أو الفقد، واما جمالية التفاصيل، أما إذا وقع الفقدان المزدوج من فقدان للمكان والإنسان، فيؤدي إلى تثوير هائل للذكريات والمتخيل، وهو ما دفع آلاف الشباب الفلسطينيين المقاتيلن الذين دخلوا الحدود إلى فلسطين دون أن يعرفوها، ومن هنا اكتسبت الشواهد قدسيتها في نفوس أصحابها وكل من تمسهم بطرف، ويشكّل انتزاع الشواهد  صراع روحي على الهويات وهنا تكمن الحبكة.

ويوضح الكاتب أنَّ فكرة الأدب ليست في تقديم صور فوتوغرافية عن الجزئيات، وعن المخيم يقول: " لم يغب المخيم في الرواية إلا في التفاصيل، وحضرت مخيمات لبنان بقوة في اشتباك الحنين مع الفقدان، وتفاصيل الحياة المكتظة، وشعور الرقابة، وما تنتجه من هلوسة جماعية لجحيم أرضي اسمه المخيم، وجوهر التوازن في القضية الفلسطينية هو العودة، ووارث الشواهد هي السلسلة الثانية من تلك الأولى التي بدأتها بقادم من القيامة وسأسميها "تراجيديا العودة".

ويبيّن الشرفا أنَّنا في فلسطين نعاني من أزمات، أزمة تاريخية، وأزمة الدينية، وأزمة أسطورية، وفكرة الأحقية والأصل، والشق الثاني هو كيف يسهم الألم في الوعي، ولا يمكن فصل الروايات عن التاريخ أو التاريخ عن الروايات وهي حالة عقلية.

وختم الشرفا روايته بالسجن، ويعرفه بقوله: "السجن والمحكمة حالتان معلقتان للتاريخ، المحكمة لم تنتهِ والقضية لا زالت مرفوعة، وهذا سؤال سيعود مع كلّ شاهد قبر،وكلّ صدمة، وكل هزّة بين الفلسطيني والاحتلال،  ومع قضية الأصل والطارئ على الأرض الفلسطينية، لأنَّ ميزان القوة لا يمكن أن يحكم التاريخ".