النجاح الإخباري - المقتلة التي تعيشها غزة جعلت النزوح قدرًا محتومًا للكثيرين، حيث مزق العائلات وشتت الأرواح بين أنقاض الذكريات وآمال العودة. في رفح، جنوب قطاع غزة، تُروى قصة هبة الدحدوح، النازحة الفلسطينية التي تحمل على عاتقها مسؤولية الأمومة والأبوة معًا، في رحلة البحث عن الأمان والاستقرار.
منذ أكثر من خمسة أشهر، بدأت رحلة هبة وابنها محمد، حينما فرق القصف الإسرائيلي شمل عائلتها، لتجد نفسها وحيدة، تواجه الحياة بكل ما فيها من تحديات. "نزحت أنا وابني بمفردنا وزوجي ذهب إلى مكان آخر ولا أعرف عنه أي أخبار"، تقول هبة، والأسى يخيم على صوتها.
لا تعلم هبة ماذا حل بزوجها منذ أن افترقت عنه بعدما طال القصف الإسرائيلي منزلهما في مدينة غزة بشمال القطاع لتنجو بنفسها وابنها لكنها تصطدم يوميا بصعوبات الحياة وبحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها.
كل يوم، تستيقظ هبة مع شروق الشمس، تبحث عن الفطور لابنها، تتجول في السوق، تشتري الخضراوات والخبز، وتعود إلى غرفتهما الصغيرة في مركز الإيواء. هناك لتعد طبقا متواضعا يقيت الصغير في حين يتقطع قلبها حسرة على أيام خلت كانت تجتمع فيها الأسرة على سفرة عامرة.
تقول هبة: "أكيد الأمر صعب أن أكون كأب وأم للولد. صعب جدا. أواجه صعوبات كثيرة في الحياة لكن حياتنا تسير والحمد لله على قدر ما نستطيع نسير في حياتنا"، تشارك هبة معاناتها، ولكن بنبرة تحمل في طياتها الصبر والتحدي.
وتروي هبة تفاصيل يومها منذ أن تستيقظ في الصبح وحتى يعم المساء حيث توضح أن تكدس المكان بالناس يجبرها على الجلوس في الساحة الخارجية لمركز الإيواء أغلب الأوقات، تعاني من الاكتظاظ وانعدام الخصوصية والراحة ما يضطرها للجلوس في الساحة طوال النهار، أما الصعوبة الأكبر فتكمن في الحصول على الطعام.
تقول: "أذهب إلى التكية من أجل تدبير الأكل لابني وبعدها نظل في الساحة. في الليل نذهب إلى الصف لأنه من كثرة الناس هناك لا يمكننا الجلوس".
هبة وصغيرها محمد يضيق صدريهما بحياة الملجأ لكنهما يجدان فيه مأوى يحميهما من برد الليل وويلات الحرب. ومع ذلك، تظل الأمنية الأكبر لهبة هي العودة إلى غزة، إلى بيتها، حتى وإن كانت العودة إلى خيمة فوق أنقاضه. "أتمنى أن أرجع إلى غزة وأن يعود السلام إلينا وأن تتوقف الحرب"، تقول هبة، وفي عينيها بريق الأمل الذي لا يخبو.