منال الزعبي - النجاح الإخباري - ودّع المواطنون في مدينة غزة، يوم أمس الجمعة أحبائهم الذين قضوا في الغارات الإسرائيلية على المدينة، في مشاهد مأساوية جسّدت حجم المعاناة الإنسانية وسط استمرار العدوان والحصار.
استهدفت الضربات المنازل والخيام، ما أجبر آلاف المدنيين على الفرار، بينما تحدى آخرون الأوامر الإسرائيلية بالبقاء وسط الأنقاض.
توغل الاحتلال
القصف الإسرائيلي المكثف أجبر المزيد من العائلات على النزوح من منازلهم في مدينة غزة، حيث تسيطر القوات الإسرائيلية على نحو 40% من المدينة. ويجبر الاحتلال المواطنين النازحين أصلا على النزوح من مكان إلى مكان ورغم الأوامر الإسرائيلية بمغادرة المناطق المهددة، اختار آلاف السكان المشردين البقاء في الخيام وسط أنقاض منازلهم، بحثًا عن مأوى آمن لهم ولأطفالهم.
وتستمر قوات الاحتلال في التقدم عبر الضواحي الخارجية لمدينة غزة، حيث أصبحت على بعد بضعة كيلومترات من وسط المدينة، في حين تقول إسرائيل إنها تتخذ إجراءات لتجنب استهداف المدنيين، وتدعي أنها تعمل على تحديد مواقع مسلحة، وتستهدف أنفاقا يتواجد بها عناصر من حركة حماس وتعمل على تفكيكها في حين الضحايا كلهم مدنيون بينهم أطفال ونساء.
ويوم الجمعة، شهدت المدينة مشاهد صادمة للفلسطينيين وهم يحيطون بالجثث الملفوفة على الأرض وعلى النقالات، داخل المستشفيات وفي الشوارع، في لحظات من الحزن العميق والدموع المستمرة.

أم محمد الشنباري، التي فقدت والدتها في القصف، قالت:
"ضربوا خيمة، خيمة فيها ناس نائمين. كان منتصف الليل، والناس نائمون في خيامهم. ما ذنب هؤلاء النائمين؟ أطفال، أطفال جرحى، ماذا كان ذنبهم؟ هل الخيمة آمنة؟ كلنا نقيم في خيام، وهم يقولون يريدون نقلنا إلى الجنوب. أي جنوب تريد أن ترسلنا إليه نتنياهو؟ لا شيء تبقى لنا."
وأضافت:
"نتنياهو يقول 'نحن لا نستهدف المدنيين'. هؤلاء مدنيون هنا – ما الذي أصابهم؟ أطفال صغار. ما ذنبنا؟ على العالم كله أن ينظر إلينا، يجب أن يقولوا إن هذا عار. أوجدوا حلاً لغزة، أوجدوا حلاً لحفظ أرواح الناس. الشهر القادم سيكون عامان من الحرب. لم يتبق لنا شيء، لا شيء."

أما سميرة العفيفي، التي فقدت ابنها الوحيد، فقالت والحزن يأكل قلبها ويتربع في وجهها:
"هو ابني الوحيد، له ست أخوات. والده مريض. كنت صبورة طوال حياتي من أجله، على الإذلال... طوال حياتي، لمدة 23 سنة، تحملت الأعباء وحدي، حتى قلت أخيراً ابني كبر، أصبح رجلاً، وقف معنا، دعمنا خلال الحرب. كان الله وهو من دعمنا. الله كافٍ لنا، وهو أفضل من يتصرف بأمرنا."
ويأتي هذا القصف في ظل تزايد الأزمة الإنسانية في المدينة، حيث تعاني المستشفيات من نقص شديد في المعدات والأدوية، ويستمر المدنيون في مواجهة خطر الموت والجوع والدمار وسط صمت المجتمع الدولي.
دموع وأنين ووجع مكتوم يأكل الأكباد على أحبة يتناقصون يومًا بعد يوم، بين أنياب احتلال لا يعرف الإنسانية وتآمر أمريكي واضح ومجتمع دولي عاجز .
تحت القصف المستمر، يواصل الفلسطينيون البحث عن مأوى وسط أنقاض خيامهم المدمرة، بينما يثقل الصمت الدولي كاهل المدنيين. أكثر من 63,000 فلسطيني قضوا منذ بداية الحرب، معظمهم من المدنيين، وما زالت غزة تعيش مأساة مستمرة بلا رحمة للشهر 23 على التوالي.