النجاح الإخباري - يتمتع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بشخصية مزدوجة، إحداهما متعصبة تتحدث العبرية وتوجه رسائل لقاعدته الشعبية المتطرفة والأخرى تمثل دور الضحية وتتقن الانجليزية الأميركية بطلاقة وتوجه خطابها الناعم للمجتمع الدولي.
يدير مكتب نتنياهو ثلاثة حسابات على منصة X: الحساب العبري الرسمي الذي يضم 94 ألف متابع، والحساب الإنجليزي الرسمي بـ 1.4 مليون متابع، بالإضافة إلى الحساب الشخصي الذي يديره حزب الليكود ويتابعه 3.4 مليون مستخدم.
حيث يحرص نتنياهو على تقديم محتوى مُخصص لكل شريحة بما يتناسب مع توجهاتها السياسية والثقافية.
فعندما يتواصل نتنياهو مع الجمهور الدولي باللغة الإنجليزية، يركز على الخطاب الأمني والدبلوماسي، ويسعى لتصوير إسرائيل كحصن للديمقراطية في مواجهة التطرف الإسلامي.
وباللغة الإنجليزية، يخفف لهجته حول الاستيطان والاحتلال للضفة وغزة، بينما في اللغة العبرية، يحتفل مع سموتريتش بالموافقة على البؤر الاستيطانية والبناء الاستيطاني في الضفة الغربية.
وفي حادثة مؤخرة، أثار ما يسمى بوزير التراث الإسرائيلي "عميحاي إلياهو" جدلاً واسعاً عندما صرح قائلاً: "الحكومة تتجه نحو مسح غزة، الحمد لله نحن نمحو هذا الشر. كل غزة ستكون يهودية". هذا التصريح المثير للجدل لم يحظَ بأي تعليق من نتنياهو في حسابه العبري.
لكن على الجانب الآخر، سارع نتنياهو إلى نشر تبرؤ واضح في حسابه الإنجليزي، مؤكداً أن الوزير "لا يتحدث باسم الحكومة التي أقودها، وهو ليس عضواً في مجلس الأمن القومي الذي يحدد إدارة الحرب".
هذا التباين في التعامل مع التصريحات المثيرة للجدل يشير إلى حساسية نتنياهو تجاه ردود الأفعال الدولية، مقابل رغبته في عدم إثارة استياء قاعدته الشعبية المحلية.
المساعدات الإنسانية: رسالة للعالم فقط
وفي مفارقة لافتة، نشر نتنياهو دعوة للمجتمع الدولي "لإسقاط الغذاء على غزة" حصرياً في حسابه الإنجليزي، دون ترجمتها إلى العبرية. جاء في المنشور: "حماس تسرق الطعام من السكان. إسرائيل تصرفت. أسقطنا مساعدات جوية لمواطني غزة ودعونا دولاً أخرى للانضمام إلينا".
هذا التوجه يتعارض مع رسائله العبرية التي تؤكد على سياسة "إدخال الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية لغزة"، مما يكشف عن تناقض واضح في الخطاب حسب الجمهور المستهدف.
التهديد المخيف للدول الأوروبية
وعندما أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية، رد نتنياهو بقوة - لكن فقط في حسابه الإنجليزي. كتب: "ستارمر يكافئ الإرهاب الوحشي لحماس ويعاقب ضحاياه. دولة جهادية على حدود إسرائيل اليوم - ستُهدد بريطانيا غدًا".
هذا الرد، الذي يحمل تحذيراً مبطناً، لم يُترجم إلى العبرية، مما يشير إلى رغبة في توجيه رسالة مباشرة للجمهور الأوروبي دون إشراك الجمهور الإسرائيلي الذي قد تخيفه هذه التصريحات.
تحليل الظاهرة
تكشف هذه الممارسة عن تلاعب نتنياهو بالداخل والخارج. فبينما يحرص على عدم إثارة قاعدته الشعبية المحافظة داخلياً، يسعى في الوقت ذاته لتهدئة المخاوف الدولية وتحسين صورة الاحتلال في الخارج.
تبريرات مكتب نتنياهو
مصادر في مكتب نتنياهو تقدم تفسيراً مختلفاً لهذه الممارسة، موضحة أن "نتنياهو كثّف نشاطه في جميع وسائل الإعلام، سواء بالعبرية أو الإنجليزية، وأنه لا يوجد سبب خاص لعدم ترجمة محتوى نُشر بالإنجليزية إلى العبرية أو العكس".
وأضافت المصادر لصحيفة يديعوت أحرنوت: "هناك محتوى نوجهه للجمهور العالمي ولذلك سيكون بالإنجليزية وعلى المنصات الإنجليزية. لا يوجد سبب خاص لذلك، هو ببساطة كُتب بالإنجليزية".
كما أشارت إلى أن فريق المتحدثين توسّع مؤخراً وأُضيف متحدثون جدد يجيدون الإنجليزية، مؤكدة أن "كان من المهم إقناع الجمهور العالمي أنه لا توجد حقاً سياسة تجويع".
في النهاية، تظل ظاهرة "النتنياهوين" مثالاً بارزاً على الخداع الإسرائيلي والتلاعب بالرأي العام العالمي.