النجاح الإخباري - تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها أمام مفترق طرق حاسم في التعامل مع الحرب المستمرة على قطاع غزة، وسط تصاعد الانقسامات الداخلية والضغوط الخارجية، لا سيما من الولايات المتحدة، لدفعها نحو صفقة تبادل أسرى مقابل وقف إطلاق النار.

ووفقًا لتقارير نشرتها وسائل إعلام عبرية، أبرزها يديعوت أحرونوت ويسرائيل هيوم ومعاريف، يناقش المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر (الكابينيت) ثلاثة سيناريوهات رئيسة للتعامل مع الوضع في غزة، وسط جدل حاد بين المستويين العسكري والسياسي.

-ثلاثة خيارات مطروحة-

يتمثل الخيار الأول في تشديد الحصار العسكري والاقتصادي على قطاع غزة، من خلال إقامة مراكز توزيع إضافية للمساعدات تحت سيطرة الاحتلال، وإنشاء ممرات إنسانية محاطة بسياج أمني، وفرض حصار مشدد على مقاتلي حركة حماس، بهدف إجبارهم على الاستسلام. إلا أن هذا الخيار يتطلب شهورًا من التحضيرات ويواجه انتقادات داخلية بشأن فعاليته وكلفته المالية والإنسانية بحسب ما أوردته صحيفة يسرائيل هيوم.

أما الخيار الثاني، الذي يدفع نحوه وزراء اليمين المتطرف مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يتضمن تنفيذ اجتياح بري كامل لقطاع غزة، على الرغم من تحذيرات المؤسسة العسكرية من أن مثل هذه الخطوة ستعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس للخطر الكبير، إلى جانب المخاطر الميدانية الأخرى وفق صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.

ويحظى الخيار الثالث الذي يتمثل في الدفع نحو إتمام صفقة تبادل أسرى تترافق مع وقف إطلاق النار، بدعم رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زمير ووزير الأمن يسرائيل كاتس، وهو ما أشار إليه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال اجتماعات الكابينيت المغلقة، معتبرًا أن الصفقة قد تشكل مخرجًا مرحليًا للأزمة المستمرة.

-انقسامات داخلية وتآكل الردع-

تأتي هذه النقاشات في وقت تشهد فيه إسرائيل تصاعدًا في الخلافات داخل الكابينيت، وسط اتهامات متبادلة بين الوزراء وقادة الجيش بشأن الأداء الميداني، خاصة فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتي يدّعي وزراء اليمين أنها تصل لحركة حماس وتساهم في إطالة أمد الحرب.

في المقابل، حذّر مراقبون في إسرائيل من أن استمرار الحرب دون تحقيق نتائج واضحة يُهدد بتآكل الردع العسكري، خاصة في ظل ارتفاع أعداد قتلى الجيش الإسرائيلي، حيث سقط 20 جنديًا في شهر يونيو وحده، وفق معطيات رسمية إسرائيلية تطرقت لها صحيفة يسرائيل هيوم.

-ضغط أمريكي وصفقة محتملة مع سوريا-

على المستوى السياسي، تُمارس الإدارة الأمريكية ضغوطًا مكثفة على إسرائيل لدفعها نحو وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا على الأقل، بالتوازي مع صفقة تبادل الأسرى، في إطار تفاهمات إقليمية أوسع قد تشمل أيضًا ملف التطبيع مع سوريا.

وكشفت صحيفة معاريف العبرية عن وجود محادثات متقدمة بين إسرائيل والولايات المتحدة حول هذه الملفات، في ظل ما وصفته بـ"زخم مثالي" لدفع النظام السوري الجديد نحو توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، مقابل رفع تدريجي للعقوبات المفروضة عليه، وسط تقديرات بأن هذه الملفات ستُطرح خلال زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن الأسبوع المقبل.

-خلاصة المشهد-

في ظل تعقيدات المشهد السياسي والعسكري، تبدو الحكومة الإسرائيلية أمام خيارات محدودة، تتراوح بين الاستمرار في الحرب مع مخاطرها الميدانية والإنسانية، أو الانخراط في صفقة تبادل الأسرى كمخرج مرحلي، رغم اعتراضات اليمين المتطرف، وسط إدراك بأن أية خطوة مقبلة ستكون لها تداعيات داخلية وإقليمية بعيدة المدى.