النجاح الإخباري - من بلدة طمون ومخيم الفارعة جنوب طوباس، وبمشاركة 3 ألوية عسكرية، أعلن جيش الاحتلال عن توسيع عملياته المكثفة شمال الضفة الغربية، مستهدفاً خمسة قرى جديدة، في عملية أطلق عليها اسم "السور الحديدي" في 21 يناير الماضي، والتي بدأت في ثالث يومٍ لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
حصارٌ إسرائيليّ يستهدف جنين وطولكرم وطوباس
ولليوم الثاني على التوالي، يحاصر الاحتلال الفارعة وطمون، وقد جرف خطاً ناقلا للمياه بين بلدة طمون وقرية عاطوف، بالإضافة إلى إغلاق الطريق الواصل بين المنطقتين بالسواتر الترابية، ومداهمة منازل في محيط المخيم، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، مع اجبار المواطنين على النزوح.
ويأتي ذلك، وسط تصاعد الأوضاع في الضفة الغربية بشكلٍ لم يسبق له مثيل، حيث العملية العسكرية على جنين لم تتوقف منذ 14 يوماً، وقد ارتقى 25 شهيداً على الأقل منذ بدء العملية، مع تدمير كامل للبنية التحتية وانقطاع الخدمات الاساسية من المياه والكهرباء والانترنت والاتصالات، وما رافقه من نقص في المواد الغذائية والطبية ومياه الشرب وحليب الاطفال.
وبذات النسق والأساليب، يستمر الاحتلال بحربه الشرسة على طولكرم وضواحيها، لليوم الثامن على التوالي، الأمر الذي فاقم من سوء الأوضاع الإنسانية.
محافظ طوباس: نخشى من استمرار العملية العسكرية
وفي هذا الإطار، قال محافظ طوباس أحمد أسعد للنجاح الإخباري، "إنّ الاحتلال يسيطر على عدد من المواقع الجغرافية، وجرف عشرات المنازل ومنع المواطنين من العودة إلى بيوتهم، ولذلك نحن نواجه تحديات كبيرة في توفير مأوى للمواطنين في هذه المناطق، في ظل استمرار العملية العسكرية، وتعمد الاحتلال بتقطيع أوصال المحافظة وفصل طمون عن محيطها، وكذلك مخيم الفارعة"
وأكد المحافظ بأن جرافات الاحتلال هدمت البنية التحتية في طمون ومخيم الفارعة جنوب طوباس، حيث انقطعت المياه في طمون وتضررت شبكات الكهرباء"
ويمضي محافظ طوباس بحديثه قائلاً "جيش الاحتلال أخبر العائلات بعد إخلاء منازلها بعدم العودة إليها قبل ثلاثة أسابيع أو عشرة أيام، مما يعني أن العملية العسكرية ستستمر لفترة طويلة، وبناء على ذلك عقدنا اجتماع مع لجنة الطوارئ في محافظة طوباس لدراسة الوضع ووضع استراتيجية للتعامل مع الطوارئ ومساعدة أهلنا"
"هذه السياسة الإسرائيلية هي جزء من استهداف شمال الضفة الغربية، وليس مجرد استهداف عسكري وأمني، بل هو أيضاً استهداف سياسي يهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض"، وفقاً لما قاله محافظ طوباس.
وحول تمركز الاحتلال في مناطق جبلية مرتفعة، أوضح لنا المحافظ بأن العملية العسكرية الإسرائيلية تهدف إلى السيطرة على جميع المباني المرتفعة في طمون، وهي تقع في منطقة استراتيجية مهمة تُعرف بعاطوف، التي تعتبر العمق الزراعي للمساعي الإسرائيلية الهادفة إلى الاستيلاء على منطقة عاطوف ومنع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، ضمن مخططات إستيطانية طرحت منذ الثمانينات عبر منظمات متطرفة، وهي الآن جزء من برنامج الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
25 شهيداً في جنين .. خلال 14 يوماً
وفي غضون العملية العسكرية المتواصلة على جنين، أجبر جيش الاحتلال سكان البنايات المشرفة على مخيم جنين على إخلائها، حيث تمركزت عدة آليات عسكرية بالقرب من البنايات المطالبة بالإخلاء، فيما شهدت عدة بنايات وشقق سكنية عملية نزوح كبيرة للمواطنين.
كما فجرت قوات الاحتلال في مخيم جنين بشكل متزامن قرابة 20 بناية في الجهة الشرقية من مخيم جنين، بعد تفخيخها، ما ألحق أضرارا في بعض أقسام مستشفى جنين الحكومي، دون أن تسجل إصابات.
ووفقاً للمصادر الرسمية، فقد ارتقى 25 شهيداً في جنين، خلال العملية العسكرية المتواصلة منذ أسبوعين، آخرهم المسن وليد لحلوح والذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال عند مدخل مخيم جنين.
بلدية جنين: نواجه كارثة إنسانية
وقال رئيس بلدية جنين محمد جرار، إن قرابة 15 الف شخص نزحوا من مخيم جنين، وحي الهدف، وتوزعوا في 39 هيئة من هيئات المجتمع المحلي في محافظة جنين، وبلداتها
وأضاف جرار" نواجه كارثة انسانية في مدينة جنين، خاصة مع تواصل عمليات اخلاء المواطنين، واجبارهم على النزوح، حيث اجبر الاحتلال ليلة السبت قرابة 300 مواطن على الخروج من منازلهم في عمارتي القنيري والصفا، مستدركا أنه على الرغم من تشكيل لجان لإغاثة المواطنين المتضررين بالاحتياجات الطارئة، إلا أن التحدي الاكبر هو ايجاد مساكن لهذا العدد الكبير من النازحين"
وطالب الرئيس محمود عباس بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي، مطالباً مجلس الأمن الدولي، بالتدخل العاجل وتحمل مسؤولياته بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
فيما نددت فعاليات رسمية ووطنية ومؤسسات وشخصيات دولية، بنسف قوات الاحتلال الأحياء السكنية في مخيم جنين، وممارسات التطهير العرقي ومحاولات التهجير التي تزاولها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
مطالبات بالإعلان عن طولكرم مدينة منكوبة
وحتى اليوم، تتضاعف المعاناة الإنسانية في مدينة طولكرم ومحيطها ومخيماتها، حيث أكد رئيس بلدية طولكرم د. رياض عوض في حديث للنجاح الإخباري، أن ما تمر به المحافظة هو حالة غير مسبوقة على الإطلاق، وهذا الاجتياح يختلف عن الاجتياحات السابقة بوجود أعداد كبيرة من قوات الاحتلال في عدة مناطق من المدينة، حيث تمركزت في عدد من الأبنية العالية، واستهداف للبنية التحتية سواء في مخيم طولكرم أو في المدينة، وهذه هي المرة الأولى التي تشمل فيها الاستهدافات المركز التجاري للمدينة، مثل ميدان جمال عبد الناصر وشارع المستشفى"
ويواصل حديثه بالقول "إن البلدية، بالتعاون مع كافة المؤسسات في المدينة وتحت إشراف المحافظ، تبذل جهوداً لتقديم المساعدات للمحتاجين من النازحين بتوفير المأوى والاحتياجات الأساسية. لكن الوضع كارثي، حيث تعيش المدينة حالة شلل شامل، والمرافق العامة معطلة بشكل كامل."
ويحذر رئيس بلدية طولكرم د. رياض عوض من استمرار العملية العسكرية، حيث سيكون الوضع كارثياً، وسيتسبب ذلك في تدمير الاقتصاد المحلي، وسيؤثر بشدة على الحالة الاجتماعية في المدينة، داعياً إلى تحرك دولي عاجل لشرح الوضع للعالم والتدخل بشكل فعال.
وطالب د. عوض الجهات الرسمية بالإعلان عن مدينة طولكرم مدينة منكوبة، في ظل هذه الظروف.
وعلى وقع التحريض المستمر من وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتيرش بتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، مقابل بقائه في الحكومة، يرى المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور في حديثه للنجاح " بأن بصمة سموتريتش واضحة في هذه الحملة على الضفة، حيث يسعى إلى تنفيذ رؤيته الخاصة للضفة الغربية والتي تركز على حسم الصراع، لكن في ظل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، يتبين أن الموضوع أكبر من مجرد سموتريتش"
ويذكر منصور إلى وجود خطط إسرائيلية واضحة تهدف إلى تغيير وجه الصراع في الضفة الغربية، وهذه الخطة تتأثر بالعديد من العوامل، من بينها ما وقع في 7 أكتوبر، حيث أصبحت نظرية جيش الاحتلال تقوم على مبدأ عدم ترك أي تهديد، مهما كان بسيطًا، دون مواجهته بشكل حاسم. هذه العوامل ساعدت سموتريتش على تنفيذ خطته، إلى جانب حالة الضعف والتفكك التي تعيشها الضفة الغربية
ويختتم منصور حديثه للنجاح بالقول" محلل عسكري في يديعوت أحرونوت أشار في هذا الصباح، إلى أن إسرائيل وضعت سقفًا زمنيًا للعملية العسكرية في الضفة، حيث من المتوقع أن تكون قد تقدمت أو انتهت بحلول بداية شهر مارس، وهذا وقت طويل للغاية، وإذا استمر التصعيد بهذا الشكل، فإن ذلك سيخلق واقعًا من الدمار والكوارث"