نابلس - النجاح الإخباري - شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة تصاعدًا حادًا في الاعتداءات على الصحفيين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر، وتزايدت هذه الهجمات بشكل ملحوظ، مما يعرض حياة الصحفيين للخطر ويعرقل أداءهم لواجبهم المهني في نقل الحقيقة.

 وقد أصبح استهداف الصحفيين الفلسطينيين أكثر شيوعًا وشدة، شمل ذلك: إطلاق النار المباشر، الضرب، الاعتقالات التعسفية ومصادرة المعدات الإعلامية. هذه الإعتداءات يهدف إلى تقييد حرية الصحافة ومنع تغطية الأحداث الميدانية خاصة في المناطق الساخنة مثل غزة، القدس والضفة الغربية.

 ومنذ عملية طوفان الأقصى استشهد أكثر من 150 صحفيا أثناء تغطيتهم للأحداث. وأصيب العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، بعضهم تعرض لإصابات خطيرة قد تؤثر على قدرتهم على العمل مستقبل، هذه الأرقام تعكس الزيادة الحادة في استهداف الصحفيين مقارنة بالفترات السابقة.

وأدانت العديد من المنظمات الدولية والحقوقية الاعتداءات المتزايدة على الصحفيين الفلسطينيين. طالبت منظمات مثل "مراسلون بلا حدود" و"العفو الدولية" بضرورة إجراء تحقيقات مستقلة وفورية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، كما دعت الأمم المتحدة إلى حماية الصحفيين وضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

ويعد استهداف الصحفيين تهديدًا خطيرًا لحرية الصحافة وحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ويجب على المجتمع الدولي التحرك بشكل جدي لحماية الصحفيين وضمان محاسبة الجناة، مما يساهم في تعزيز حرية الإعلام وضمان نقل الحقائق دون خوف أو تهديد.

حمزة حمّاد صحفي أصبح الحدث

تعرض الصحفي حمزة حمّاد لإصابة خطيرة جراء استهدافه من قبل قوات الاحتلال، حيث وقع الحادث في 28 ديسمبر من العام الماضي بينما كان حمّاد يقوم بجولة ميدانية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.

قال حمّاد أنه أثناء تفقده لأسرته في منطقة الصرطاوي، "تعرض المنزل الذي كان أتواجد فيه لقصف مفاجئ من قوات الاحتلال وقت الظهيرة، وأسفر هذا القصف عن إصابتي بجروح بالغة في أنحاء متفرقة من الجسد، حيث غطت الحروق حوالي 70% من جسدي، بما في ذلك الوجه واليدين والقدمين والظهر".

وأضاف حمّاد أثناء حديث خاص لـ"النجاح الإخباري" أنه بسبب هذه الإصابات، فقد قدرته على الحركة بشكل تام، واضطر للانتقال إلى منزل آخر بحثًا عن الأمان. إلا أنه لم يتلقَ أي شكل من أشكال العلاج لمدة ستة أيام، حيث تم استهداف الشقة الجديدة أيضًا، مما أجبره وعائلته على الفرار مجددًا. وانتقل حمّاد وعائلته إلى منزل آخر في منطقة أبو سكندر، حيث قدمت له امرأة بعض الإسعافات الأولية التي كانت غير كافية.

ووضح حمّاد استمر الحصار على المنطقة التي انتقل إليها حمّاد لمدة خمسة أيام أخرى، مما جعله يعاني من جروحه دون علاج لمدة عشرة أيام متواصلة، وبعد انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة، تمكن من الوصول إلى مخيم جباليا ومن ثم إلى مستشفى كمال عدوان.

أما في المستشفى يؤكد حمّاد أنه واجه نقصًا حادًا في الخدمات الطبية، حيث كانت المنشأة تعاني من أضرار بالغة ونقص في الكوادر المتخصصة، وتلقى حمّاد العناية من طاقم التمريض لمدة تزيد عن شهر، ورغم ذلك لم يجد العلاج المناسب لجروحه، مما زاد من معاناته خاصة مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.

وكشف حمّاد عن التجربة المريرة التي عاشها جراء استهدافه من قبل قوات الاحتلال، مشيراً إلى الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وحقوق الصحفيين في غزة، وأكد أن الاحتلال لم يتوقف منذ بداية العدوان عن استهداف المدنيين وارتكاب المجازر، خصوصاً في شمال قطاع غزة، وأوضح أن المناطق السكنية والمراكز التجارية لم تسلم من القصف العشوائي، مشيراً إلى استهداف مراكز الهواء التي زعم الاحتلال أنها آمنة، بالإضافة إلى المجازر في مدينة رفح التي استهدفت البركسات التي كانت تأوي آلاف النازحين.

أما بالنسبة للصحفيين، فقد أشار حمّاد إلى أن الاحتلال يستهدفهم بشكل واضح، سواء كانوا في منازلهم أو على رأس عملهم، وذكر أن الإحصائيات تؤكد استمرار الجرائم التي تنتهك القوانين الدولية التي تنص على حماية الصحفيين، مثل القرار 2222 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. ورغم ذلك، يتجاهل المجتمع الدولي معاناة الصحفيين في غزة، حيث يفترض أن يُعامل الصحفيون في وقت الحرب كمدنيين دون المساس بحياتهم أو أدواتهم.

كما أكد حمّاد أن الاحتلال يهدف من خلال استهدافه للصحفيين إلى إخفاء الحقيقة، ومع ذلك، أصبح الصحفيون أنفسهم الحدث، مما يعكس حقيقة الوضع في غزة. وأوضح أن أكثر من 150 صحفيًا استشهدوا منذ بداية العدوان، مما يجبر العالم على التدخل الفوري والعاجل للضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بحق الصحفيين والمدنيين.

وعن الجهات الحقوقية والدولية، أكد حمّاد أن هناك العديد من الجهات، وعلى رأسها نقابة الصحفيين، تواصلت معه لتوثيق ما جرى وتوفير العلاج خارج قطاع غزة، إلا أن الظروف الميدانية، بما في ذلك اعتقال الصحفيين من قبل الاحتلال، تعيق حركتهم وعملهم. وأضاف أن الواقع الصحي في غزة منهار تمامًا، مع وجود مستشفى واحد فقط يعمل بقدرة طبية محدودة في وسط مدينة غزة.

تجسد هذه القصة معاناة الصحفيين الفلسطينيين الذين يواصلون عملهم في ظروف بالغة الصعوبة والخطورة، ويواجهون تحديات كبيرة للحصول على الرعاية الصحية اللازمة في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة.

الاحتلال يغتال الحقيقة

 الاستهداف الممنهج للصحفيين يهدف إلى إسكات الأصوات وتحييد التغطية الإعلامية المستقلة، وحول ذلك  وضح المحاضر في كلية الإعلام في جامعة النجاح الوطنية د.اسامة عبدالله في حديث خاص لـ"النجاح الإخباري"، بالإضافة إلى ذلك، أن سلطات الاحتلال قامت بإغلاق ومنع العديد من القنوات من تغطية الأحداث في فلسطين التاريخية. من بين هذه القنوات قناة الجزيرة، التي تعرضت لمضايقات متعددة وتم منعها من التغطية المباشرة. هذه الإجراءات تأتي في إطار محاولات الاحتلال لتضليل الرأي العام العالمي ومنع الإعلام الفلسطيني والدولي من كشف الحقائق وتفنيد الروايات الإسرائيلية الرسمية.

وأضاف عبدالله أن هذه التطورات تظهر خطورة الوضع الذي يواجهه الصحفيون في فلسطين، وتبرز الحاجة الماسة إلى توفير حماية أكبر لهم لضمان استمرارهم في نقل الحقيقة والواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.

وختم عبدالله حديثه بالتأكيد على أنه يُفترض أن يكون الصحفيون في مأمن، بغض النظر عن توجهاتهم أو انتماءاتهم الحزبية أو السياسية، سواء كانوا يعملون لصالح الحكومات أو غيرها. هذا الحق مكفول لهم بموجب القوانين الدولية والتشريعات المتعلقة بحرية الصحافة. ومع ذلك، فإن الوضع في فلسطين يختلف تمامًا، حيث يُعتبر العمل الصحفي مخاطرة كبيرة بسبب سياسات الاحتلال.