النجاح الإخباري - رغم ظروف الحرب القاهرة في غزة، التي مسحت معالم الأحياء ودمرت البيوت وأغلقت أبواب رزق المواطنين، إلا أن الأهالي في غزة سجلوا أروع قصص الثبات والصمود والتمسك بالأرض والحياة، واحدة منها قصة الشاب سعيد العطار الذي حول خيمته المتواضعة إلى مشروع مغسلة ملابس تعيله والعشرات من أفراد أسرته.

في أحد مخيمات النزوح في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتحت أقمشة خيمة متواضعة، يكتب شاب فلسطيني فصولاً من العزيمة والإصرار. سعيد العطار، النازح في مخيمات رفح، لم يجعل من ظروف النزوح قيداً يكبل أحلامه، بل جسراً نحو مستقبل يُعلي شأن الحياة وكرامة الإنسان.

وبين جدران خيمته التي تأويه وعائلته، أسس العطار مغسلة ملابس صغيرة، تعمل بالطاقة الشمسية، لتصبح مصدر رزق يسد رمق العائلة ويخفف من وطأة الحياة القاسية.

وقال العطار، صاحب المغسلة "هذه الحرب ليست الأولى التي ننزح فيها، نزحنا في عدة حروب، وفي كل مرة ننزح نجلب معنا أدواتنا، جلبنا معنا هذه المرة غسالة واحدة، وعمدنا إلى تشغيلها في مدارس الوكالة".  مشيراً إلى الغسالة الوحيدة التي بدأ بها مشروعه.

وتابع قائلا "في البداية اشتريت لوح طاقة شمسية ووصلت الغسالة على جهاز صغير، بدأ الجيران يجلبون ثيابهم ولم أقبل منهم مقابلا لغسيل الثياب، لكن مع الوقت بدأ محرك الغسالة يتعطل مرة تلو الأخرى، لذا قررت أن أحصل على مقابل لغسيل الثياب من النازحين، 3 شيقل على كمية الغسيل الواحدة، 5 شيقل مع تنشيف الثياب المغسولة".

ويوضح العطار أن مشروعه تحول من العطاء المجاني إلى مشروع يُطعم العشرات، فما بدأ كمبادرة لمساعدة جيرانه بغسل ثيابهم مجاناً، تحول إلى مشروع يُطعم حوالي 50 فرداً. بعد تعطل الغسالة مراراً، قرر العطار أخذ مقابل رمزي للغسيل، مما ساعد في توسيع المشروع. اليوم، يمتلك ثماني غسالات تعمل على قدم وساق، رغم التحديات المتمثلة في الأعطال المتكررة والثياب المليئة بالأتربة.

عائلة متكاتفة

لم يكن العطار وحيداً في رحلته، فقد وقفت إلى جانبه أسرته، متكاتفة في العمل يداً بيد. أخته، وابنتها، وزوجته، وابن عمه، جميعهم يساهمون في العمل، حتى في غسل الثياب الصعبة كالجينز التي تتطلب عناية يدوية خاصة.

يبرز العطار كرمز للإرادة الفلسطينية التي لا تلين، مؤكداً أن الحياة تستمر وأن الأمل لا يموت ما دامت هناك إرادة للعمل والعطاء. مغسلة العطار، أكثر من مجرد مشروع لكسب العيش، إنها قصة إنسانية تحكي عن الصمود والتحدي في وجه الظروف القاهرة.

المصدر: وكالة أنباء العالم العربي+ النجاح الإخباري