النجاح الإخباري - تعتقد الطفلة الفلسطينية بيلسان إعمر أنها تحمل في داخلها بداية حزينة، لكنها تأمل في نهاية مشرقة تخرجها من الكهف الذي تقيم فيه في قرية الركيز بمنطقة مسافر يطا في جنوب الضفة الغربية.

وتقيم بيلسان مع أفراد عائلتها في كهف مظلم تحت الأرض في مسافر يطا، وعلى الرغم من صغر سنها، فإن قلبها يحمل حلما كبيرا يتمثل في دراسة المحاماة لتكون صوتا يدافع عن حقوقها وحقوق أهلها، وبشكل خاص حقوق الفلسطينيين في مسافر يطا الذين يواجهون يوميا تهديدات بالتهجير.

تتسلق بيلسان تلك الجبال الصعبة كل يوم، وتمشي ثلاثة كيلومترات لتصل إلى مدرستها من أجل تحقيق حلمها في التعليم، وسط الظروف الصعبة والقسوة التي تحيط بها، بينما عائلتها تعمل بجد في تربية المواشي والزراعة، ليس فقط كمصدر للرزق، بل لتكون ذراعا قوية تعزز صمودهم ووحدتهم في وجه التحديات والتهديدات بالاستيلاء على أرضهم من قبل المستوطنين الإسرائيليين، وفق ما تقوله بيلسان وعائلتها.

وتقول بيلسان لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنها لم تتردد في العودة إلى الكهف مع عائلتها بعدما أيقنت أن الإسرائيليين يريدون السيطرة على كل أراضي مسافر يطا ويستغلون أي فرصة لمغادرة السكان لتعزيز البناء الاستيطاني هناك ومصادرة الأراضي.

وأضافت "لطالما حلمت أن أعيش في منزل فوق الأرض، لكنني أعيش مع أسرتي في كهف تحت الأرض. جئت إلى هنا للدفاع عن أرضي وعن إخوتي".

وعلى الرغم من العيش في ظروف بالغة التعقيد، تصر بيلسان وعائلتها على البقاء في المكان.

ومضت تقول "هناك أفاعي وعقارب في المكان الذي نعيش فيه، وأنا أخاف منها لكن لدي إصرار على البقاء".

وتضم مسافر يطا 38 تجمعا سكنيا يحاول الإسرائيليون السيطرة عليها منذ سبعينيات القرن الماضي، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

وفي 1999 أجبر الجيش الإسرائيلي سكان 14 تجمعا سكنيا من أصل 38 على مغادرة المنطقة، ودمرت منازلهم البدائية وخيامهم بعد تصنيف المنطقة على أنها "منطقة إطلاق نار".

وقال محمد إعمر، والد بيلسان، إن ظروف العيش في الكهوف بالغة القسوة في ظل منع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من تشييد أي بنايات في المنطقة.

وأبلغ إعمر وكالة أنباء العالم العربي بأنه كان يعيش في مدينة يطا، لكن بعد زيادة وتيرة هجمات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين قرر العودة إلى منطقة المسافر والإقامة في كهف للدفاع عن أرضه.

وأضاف "قررت أن أعود مع عائلتي إلى الكهوف لإعمارها من جديد بحيث لا يكون هناك مصادرة للأراضي".

وتابع إعمر متحدثا عن ابنته بيلسان "قررت دراسة المحاماة لتدافع عن حقوق الناس وحقوق الأطفال التي انتهكت في هذه المنطقة"، مشيرا إلى ابنته لم تستمع بسنوات طفولتها مثل إخوتها "لكن لم يكن هناك أي خيار سوى العودة للأرض والكهوف وإعمارها".

وقال الناشط في الدفاع عن أراضي مسافر يطا فؤاد إعمر إن قرية الركيز مستهدفة مثل بقية التجمعات في المنطقة.

وأضاف "القرية قدمت على ثراها الشهيد هارون أبو عرام في سبيل الدفاع عن الأرض"، مؤكدا أن الكهوف باتت الملجأ الوحيد لإيواء السكان في ظل منع عمليات البناء والإعمار.

وأوضح أن الفترة الأخيرة شهدت مبادرات من أجل هجرة عكسية باتجاه أراضي مسافر يطا، وهو ما فعلته عائلة بيلسان وعائلات أخرى بهدف الدفاع عن الأراضي.

وتابع قائلا "المخطط الإسرائيلي يهدف إلى تفريغ الأرض من الفلسطينيين لكن سيظل هناك جيل يسلم جيلا، وسيكون هناك المزيد من المبادرات لعودة سكان آخرين إلى المنطقة".