النجاح الإخباري - زادت إسرائيل من وتيرة قصف رفح في جنوب قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية، واستهدفت ثلاثة منازل الليلة الماضية استمرارا لضربات توجهها إلى منازل المدنيين الفلسطينيين، لكنها عادت إلى استخدام ما يسمى سياسة "القرع على السطح" لتحذير السكان لإخلاء مبنى أو منزل قبل تنفيذها ضربة وشيكة، على الرغم من أنها لم تلجأ لهذا التكتيك منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وفي الوقت الذي زادت فيه المخاوف من احتمال بدء إسرائيل هجوم بري على رفح على الحدود المصرية، على الرغم من التحذيرات الأميركية المتكررة، ثارت تساؤلات حول أسباب عودة إسرائيل لاستخدام تكتيك "القرع على السطح".

وعزا خبراء عسكريون وسياسيون عودة إسرائيل لاستخدام هذا التكتيك إلى الضغوط الدولية عليها، خاصة من جانب الولايات المتحدة التي امتنعت لأول مرة عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن في وقت سابق من الأسبوع الحالي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة في رمضان وإطلاق سراح كافة المحتجزين، بالإضافة إلى رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إطالة أمد الحرب لأغراض سياسية.

وبحسب خبراء تحدثوا إلى وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، يريد نتنياهو أن يبقي رفح نقطة ساخنة في الحرب والورقة التي يلوح بها في كل مرة ليناور في أي مفاوضات أو خلافات خلال الفترة القادمة.

وقال المحلل السياسي سليمان بشارات إن سياسة إسرائيل في استهداف لرفح اتخذت اتجاها مختلفا بسبب الضغوط الأميركية والتي تشير إلى عدم إمكانية تنفيذ عملية عسكرية واسعة في البلدة الحدودية، وإنما تركيز الضربات من خلال القصف الجوي.

وأضاف "إذا تمت عملية عسكرية بريا قد تكون محدودة وتتركز بشكل أساسي في محور فيلادلفيا (صلاح الدين) والشريط الحدودي بين رفح والحدود المصرية".

وتابع قائلا "استخدام الجيش الإسرائيلي تكتيك القرع على السطح قبل عمليات القصف ربما استجابة للمطلب الأميركي بتجنب استهداف المدنيين خلال العمليات العسكرية".

وأردف "إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان لأن تظهرا للعالم أنه وعلى الرغم من عدم استجابة إسرائيل لقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، فإنها ستخفض استهداف المدنيين وبالتالي امتصاص الانتقادات من دول مثل كندا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا".

ووفقا لبشارات، فإن كل التغيرات في التكتيك لا تغير من وضع الحرب "فإسرائيل ماضية في الحرب والولايات المتحدة توفر غطاء لاستمراريتها، لكنهما ربما تريدان أخذ منحى مختلفا، هما متفقتان على استمرار الحرب والاختلاف في التفاصيل وآلية الاستمرارية".

ومضى يقول "استخدام إسرائيل تكتيك التحذير قبل القصف قد لا يشمل العمليات العسكرية كافة، فإذا وجدت إسرائيل مبررا لضرباتها، كأن تقول إنها استهدفت مسلحين وبنية تحتية، فإنها لن تتوانى عن تنفيذ هذه العمليات".

* ورقة سياسية

يعتقد المحلل السياسي بشارات أن إسرائيل تسعى لإبقاء رفح نقطة ساخنة وورقة سياسة في تعاملها مع أكثر من جانب، سواء في أي اتفاقيات لتبادل الأسرى أو مع محيطها الإقليمي وخاصة مصر وممارسة ضغط سياسي عليها لعدم اتخاذ أي خطوات أحادية. 

وقال بشارات "استخدام إسرائيل تكتيك القصف المركز في رفح يمنحها حجة لإطالة أمد الحرب، وهذا ما يرغب فيه نتنياهو ليبقي الحرب مستمرة لأطول فترة ممكنة، وبالتالي هذه الضربات بهذا الشكل ستعطي غطاء وشرعية دولية لاستمرار الحرب".

والليلة الماضية، قصفت إسرائيل ثلاثة منازل على الأقل في رفح مما أسفر عن استشهاد 11 شخصا من عائلة واحدة، في بلدة يحتمي بها حاليا ما لا يقل عن مليون فلسطيني فروا من الضربات الإسرائيلية في كافة أرجاء القطاع. 

ويقول الخبير العسكري المصري سمير فرج إن نتنياهو يسعى لإطالة أمد الحرب لأن نهايتها تعني انتهاء مستقبله السياسي. واستخدام تكتيك "القرع على السطح" هو أحد أساليب تجنب انتقادات استهداف المدنيين في الحرب التي استشهد خلالها ما لا يقل عن 32 فلسطيني في ستة أشهر بالإضافة للآلاف الذين يعتقد أن جثثهم تحت أنقاض المنازل المدمرة في القطاع.

وأضاف فرج "يأمل نتنياهو في إطالة أمد الحرب حتى الانتخابات الأميركية القادمة وأن يعود (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب، الذي لا يرى أن حل الصراع من خلال حل الدولتين".

وأضاف فرج "نتنياهو يدرك حجم الضغط العالمي خاصة بعد قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار والإدانات الدولية، فبدأ يسعى لتقليل حجم استهداف المدنيين ليمتص الضغط الدولي، وخاصة الأميركي".

وتابع قائلا "نتنياهو يراهن على ورقة رفح، وأنه سيدخلها إذا لم يحصل على ما يريده، كما يحاول الضغط من خلالها للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، وبالتالي هو يرى أن رفح ورقة مهمة خلال الفترة المقبلة".

وحذر البيت الأبيض من أن تنفيذ إسرائيل لأي عملية عسكرية في رفح دون مراعاة سلامة المدنيين ستكون عواقبه كارثية، مؤكدا أنه لا يمكنه دعم عملية عسكرية واسعة النطاق بطريقة لا تضمن أمن أكثر من مليون فلسطيني هناك.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده لم تتسلم أي خطة إسرائيلية قابلة للتنفيذ بشأن حماية المدنيين في جنوب قطاع غزة.