خاص - النجاح الإخباري - إسقاط المساعدات من الجو كإجراء مؤقت لمعالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة يعترف القائمون عليه بعدم فعاليته الكبيرة وتكلفته الباهظة، لذلك فهو يكشف مدى عجز المجتمع الدولي أمام إسرائيل التي تستمر في  فرض سلسلة "قيود تعجيزية" على معابر القطاع، ومعارضتها لأي خطط تؤدي إلى وقف الحرب، وبحثها عن حلول وخطط لإدارة غزة من خلال العشائر، وهي خطة يجمع كل المحللين والخبراء على فشلها.

ويتضح مدى عجز المجتمع الدولي مع تجاهل إسرائيل لكل الدعوات الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار، بل أنها تهدد باجتياح مدينة رفح المعقل الأخير للنازحين من شمال ووسط قطاع غزة، وهي خطة يقول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه سيتخذها على أي حال لكنه سيؤجلها قليلاً في حال تم عقد صفقة تبادل مع حركة حماس.

وأعلن الجيش المصري اليوم الاثنين أن القوات الجوية نفذت بالتعاون مع نظيرتها الإماراتية عمليات إسقاط لأطنان من المساعدات الغذائية ومعونات الإغاثة العاجلة على عدد من المناطق بشمال قطاع غزة.

كما قامت الأردن بالخطوة ذاتها على عدة جولات، وحتى الولايات المتحدة -  الحليف الأقرب لإسرائيل- والوحيدة القادرة على التحكم بدفة الحرب قامت هي أيضا السبت الماضي باسقاط 38 ألف وجبة جاهزة عسكرية الصنع على غزة.

ودعا المجلس في بيان الأحد، إسرائيل إلى تسهيل وصول المعونات الإنسانية الكافية للمدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة بشكل فوري.

وأضاف أن هناك قلق إزاء مواجهة سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يواجهون انعدام الأمن الغذائي بسبب الحرب.

وحث المجلس إسرائيل على إبقاء المعابر الحدودية مفتوحة لإدخال المساعدات لغزة وتيسير فتح معابر إضافية لتلبية الاحتياجات الإنسانية.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، في حين اتهمت منظمات حقوقية إسرائيل باستخدام السلاح أداة للتجويع، وهي اتهامات نفتها الأخيرة، وتصر على مواصلة حربها على غزة ضاربة كل الدعوات الدولية بعرض الحائط.

ويقول المواطنون في القطاع إن عمليات الانزال الجوي للمساعدات تمثل جزءاً صغيرًا جداً من السلع الأساسية التي يحتاجونها.

وكان المواطنون في شمال قطاع غزة قالوا إنهم يأكلون علف الحيوانات من أجل البقاء، لكن حتى العلف نفد.

وحذر برنامج الأغذية العالمي في أواخر فبراير من أن نصف مليون فلسطيني في القطاع معرضون لخطر المجاعة. 

وقال نائب المدير التنفيذي للمنظمة، كارل سكاو، في تصريحات أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، إن غزة تعاني من أسوأ مستوى من سوء التغذية بين الأطفال في أي مكان في العالم.

ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن أزمة الجوع تؤثر بشدة على الأطفال. 

وقال سكاو إن واحدا من كل ستة أطفال في غزة دون سن الثانية يعاني من “سوء التغذية الحاد”.

وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الأحد إن ما يصل إلى 15 طفلا توفوا بسبب الجفاف وسوء التغذية في الأيام الأخيرة في مستشفى كمال عدوان.

وقالت أديل خضر، المديرة الإقليمية لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن هذه الوفيات المأساوية والمروعة هي من صنع الإنسان، ويمكن التنبؤ بها ويمكن منعها بالكامل".

وقالت بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات في منظمة أوكسفام الخيرية لمكافحة الفقر: "نحن بحاجة إلى تجاوز حلول المساعدات المؤقتة.. ونحن بحاجة إلى العمل على إنهاء استراتيجيات الحرمان الممنهجة المتمثلة في التجويع والعقاب الجماعي التي أصبحت مجرد واقع يومي للفلسطينيين".

وتقول الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية إن وقف إطلاق النار في غزة هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لاستعادة عمليات توصيل المساعدات بشكل كامل في جميع أنحاء القطاع - والتي بلغت، وفقًا للأمم المتحدة، ما متوسطه 500 شاحنة يوميًا قبل الحرب.

وتضغط إدارة بايدن على كل من إسرائيل وحماس لقبول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في محادثات غير مباشرة بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر. 

وتواجه الإدارة الأميركية انتقادات من البعض داخل حزب الرئيس بايدن لاستمرارها في تزويد إسرائيل بالأسلحة اللازمة للحرب في غزة، بدلاً من وضع شروط على نقل الأسلحة للضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها.

ويستعد بايدن لإعادة انتخابه هذا العام، وسط انقسام الرأي العام الأمريكي بشأن الحرب. 

وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال في أواخر فبراير أن عددا متزايدا من الأميركيين يعتقدون أن الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفي لمساعدة الشعب الفلسطيني.

يقول جوناثان كريكس، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إن "عمليات الإنزال الجوي لا ينبغي أن تحل محل أو تصرف الانتباه عن أهمية زيادة المساعدات المقدمة مباشرة إلى المحتاجين عبر الطرق البرية، والتي تظل الطريقة الوحيدة لتوصيل الإمدادات على نطاق واسع".

وتقول وكالات الإغاثة إنه أصبح من الصعب على نحو متزايد توصيل الغذاء والإمدادات إلى الناس في غزة في الأشهر الأخيرة بسبب القصف الإسرائيلي وعمليات التفتيش المطولة والقيود التي تفرضها إسرائيل على شاحنات المساعدات عند المعابر الحدودية وعمليات التفتيش العسكرية الإسرائيلية داخل غزة والقتال مع المسلحين الفلسطينيين.

وتسيطر حالة من اليأس على المواطنين في قطاع غزة بسبب زيادة حالات النهب والسرقة وانتشار الفوضى وعدم توزيع ما يصل من مساعدات على السكان المحتاجين بالفعل.

وبعد يومين من هجمات حماس على مستوطنات ومعسكرات غلاف غزة، قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت متوعدا غزة: "لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود...كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك”.

وجاءت تصريحات غالانت بعد سنوات من فرض إسرائيل لحصار على قطاع غزة من خلال تحكمها بما يدخل ويخرج من القطاع، مما جعل غزة معزولة إلى حد كبير عن باقي العالم.