النجاح الإخباري - يُدرك الفلسطينيون أن العقبات الماليّة التي تعترض طريقهم من أسبابها احتجاز إسرائيل أموال المقاصة، التّي تُشكّل المصدر الأهم لخزينة السلطة الفلسطينية.

لكن الشارع الفلسطيني يأمل أن تكون التغيرات السياسية التي تجري مقدمة لحلحلة كل التفاصيل العالقة، وعلى رأسها الشق المالي، وذلك في أعقاب وضع حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية استقالتها تحت تصرف الرئيس محمود عباس.

ويسود تفاؤل حذر بشأن إمكانية نجاح الحكومة القادمة في حلحلة هذه الأمور، خاصة في ظل أنّ ما يجري من تغييرات يتم في إطار مسار عربي ودولي قد يحمل حلولا لملفات عالقة على الساحة الفلسطينية، ومن بينها الموضوع المالي.

ويعاني موظفو القطاع العام الفلسطيني من عدم انتظام رواتبهم منذ نحو عامين؛ لكنّ الأمور زادت تعقيدا بعد الحرب على قطاع غزة.

ولم تتمكن الحكومة سوى من دفع سُلَف محدودة للموظفين، وهو ما انعكس على الحالة الاقتصادية الفلسطينية، التي ترافقت مع مغادرة نحو 200 ألف عامل فلسطيني مواقع عملهم في إسرائيل وانضمامهم إلى صفوف العاطلين عن العمل.

* آمال فلسطينية

وقال أسامة علي، وهو موظف حكومي، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "لم نعد نعرف متى آخر مرة صُرف لنا فيها راتب كامل؛ ظروفنا الاقتصادية معقّدة جدا، والأمور تنعكس بالركود على القطاعات الأخرى، كون الحركة الاقتصاديّة في فلسطين تعتمد بشكل مباشر على رواتب الموظّفين والدخل الذي يحصل عليه العمال الفلسطينيون في إسرائيل".

أضاف "نأمل أن يتغيّر الواقع مع تولي الحكومة الجديدة مهامها، وأن يكون ما يجري هو بالفعل في إطار توافق دولي يُنهي كل الأزمات المالية التي نعيشها".

ويعتقد محمد أبو صالحة، وهو أيضا موظف حكومي من مدينة نابلس، أن التغيير السياسي المرتقب وتشكيل حكومة جديدة من شأنه أن يُسهم جزئيا في تغيير الواقع الراهن.

وقال أبو صالحة "هناك حالة تفاؤل محدودة في صفوف الموظفين، مردّها أنه طالما ما يجري استجابة لمطالب دولية وأميركية بوجود سلطة متجددة تحدث إصلاحات، فإن الأمور ربما تكون في طريقها إلى الحل".

أما شادي عامر، الذي يعمل في محل لبيع الملابس بمدينة رام الله الفلسطينية، فقال في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي "الأمور هنا صعبة جدا؛ يمضي يوم كامل ولا نبيع شيئا، والحال مماثل في الكثير من المحال التجارية؛ فالواقع الاقتصادي صعب، ونأمل أن يتغير إلى الأفضل بفعل التغييرات الجديدة".

مصعب السلمان، الذي كان يعمل في الداخل الإسرائيلي، يأمل أيضا أن تسمح الظروف بعودة العمّال إلى العمل في إسرائيل وأن تكون هناك اتفاقات حول هذا الأمر.

وقال السلمان في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي "كنّا نعمل في إسرائيل؛ وشريحة العمال هي الأكثر دخلا، والتي كانت مصدرا رئيسا لضخ الأموال في السوق الفلسطينية".

* صورة اقتصادية قاتمة

يشير فراس ملحم، محافظ سلطة النقد الفلسطينية، إلى أن النشاط الاقتصادي في قطاع غزة تراجع بنسبة 80 في المئة، بينما شهدت الضفة الغربية تراجعا بنسبة 22 في المئة، مستندا إلى بيانات صندوق النقد الدولي؛ لكنّه توقّع أن تكون النسبة أكبر من ذلك في الضفة الغربية، وأن تصل إلى 30 في المئة.

وقال ملحم في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن البطالة في قطاع غزة ارتفعت إلى 74 في المئة، مقارنة مع 54 في المئة قبل الحرب؛ أمّا في الضفة الغربية، فقد ارتفعت البطالة إلى 29 في المئة، فيما كانت قبل الحرب 14 في المئة فقط.

أضاف "كان هناك 200 ألف عامل يعملون في إسرائيل ويضخون أموالا إلى السوق الفلسطينية، ما بين 18 إلى 20 مليون شيقل على أساس سنوي؛ لكن هذا الدخل توقّف بالكامل".

وتوقّع ملحم أن يصل الانكماش الاقتصادي إلى 30 في المئة، قائلا إن الرقم يعتمد في النهاية على الوقت الذي يمكن أن تنتهي فيه الحرب الدائرة في قطاع غزّة.