النجاح الإخباري - على الرغم من توجُّه وفد إسرائيلي أمني إلى العاصمة القطرية الدوحة لاستكمال مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس الفلسطينية، فإن حالة توتر تخيّم على المواقف الإسرائيلية المختلفة، وسط عدم رضا من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن أداء الوفد المفاوض الذي يقوده رئيس الموساد دفيد برنياع.

وقالت القناة (13) في هيئة البث الإسرائيلية مساء أمس الأحد إن نتنياهو وبّخ برنياع بسبب ما سمّاها تنازلات لحركة حماس في صفقة التبادل المنتظرة، مشيرة إلى أن نتنياهو عقد اجتماعا عبر الهاتف ضم عددا من الوزراء وبرنياع ورئيس جهاز الشاباك رونان بار.

وخلال الاجتماع، انتقد نتنياهو طريقة عمل الوفد، قائلا إن "هذه ليست الطريقة التي ينبغي أن تتفاوضوا بها، عليكم أن تكون صارمين".

وعلى الرغم من أن نتنياهو قال الكلام بصيغة الجمع، فإن من الواضح أنه كان يقصد برنياع بشخصه، كونه هو من يدير المفاوضات، وفق ما ذكرته القناة.

وعوضا عن إرسال الوفد ذاته إلى قطر، تقرر في إسرائيل إرسال وفد وُصف بالفني للاتفاق على التفاصيل المتعلقة بالصفقة المحتملة.

وبشأن الخلافات التي طرأت بين الإسرائيليين حول الصفقة، ذكرت القناة (13) أن "هناك مصادر إسرائيلية تدّعي أن الخلاف دار حول حجم المساعدات الإنسانية التي ستسمح إسرائيل بدخولها إلى قطاع غزة؛ لكنها أشارت إلى أن مصادر أخرى مطّلعة على المفاوضات قالت إن نتنياهو طالب في عدة نقاشات بمعرفة مَن مِن المختطفين الإسرائيليين في غزة على قيد الحياة، وهذا لم يتحقق".

وما يزيد الأمور تعقيدا بشأن الصفقة المرتقبة هو المطلب الجديد الذي طرحه نتنياهو، والمتمثّل في إبعاد المعتقلين الفلسطينيين من ذوي الأحكام المرتفعة الذين سيُطلق سراحهم إلى قطر، وألّا يُفرج عنهم ليعودوا إلى الضفة الغربية وفق ما ذكرته القناة (12) في هيئة البث الإسرائيلية.

- الفخ-

واعتبر عصمت منصور، المتخصص في الشأن الإسرائيلي، هذه المطالب بمثابة عرقلة لجهود إبرام الصفقة، محذرا الفصائل الفلسطينية من الوقوع في فخ، خاصة في المرحلة الأولى من الصفقة، وهو ما يجعل إسرائيل تتمسك بالشروط ذاتها في المراحل التالية.

وقال منصور لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن نتنياهو ذهب مضطرا إلى صفقة التبادل، وبالتالي يضع العراقيل أمامها.

ويواجه نتنياهو كذلك معارضة مع عدد من وزرائه للصفقة، وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، واللذان يرفضان عقد صفقة تكون نتيجتها وقف الحرب.

وهدد سموتريتش، الذي يتزعم حزب (الصهيونية الدينية)، بالتصويت ضد أي صفقة مرتقبة مع حركة حماس لإطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين وتؤدي إلى وقف الحرب على قطاع غزة؛ وقال في مؤتمر في القدس أمس الأحد "سأصوّت ضد أي اتفاق ينص على عودة جميع المختطفين مقابل إنهاء الحرب".

وأضاف "هناك ترتيب للأولويات، وأوّلها الانتصار على حماس؛ والهدف الثاني هو عودة المختطفين".

وعلى الرغم من ما يطرأ من تطورات سلبية في المواقف الإسرائيلية، فإن القناة (12) في هيئة البث الإسرائيلية قالت إن تفاؤلا حذرا تشهده إسرائيل، وهناك إمكانية للوصول إلى الصفقة بشكل فعلي.

وقالت القناة "في إسرائيل، عبّروا عن تفاؤلهم؛ لكنّ حماس غيّرت لهجتها قليلا في اليوم الأخير، وحتى الآن لم تردّ بعد بشكل رسمي على الخطوط العريضة التي تم وضعها في باريس يوم الجمعة".

وبحسب القناة، فإن حركة حماس تبثّ رسائل أقل تفاؤلا تؤكد على مطلب وقف الحرب كشرط للوصول إلى تهدئة. وقد ذكرت أن الوفد الإسرائيلي سيعقد مباحثات في قطر ابتداء من اليوم الاثنين مع وفود مماثلة لبحث قائمة أسماء المحتجزين الإسرائيليين وهويّة المعتقلين الفلسطينيين الذين سيُطلَق سراحهم.

كما ذكرت القناة أن المباحثات ستشمل أيضا شروط وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن في غزة، ووقف جمع المعلومات الاستخبارية من جانب إسرائيل، بالإضافة إلى عودة محدودة للفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى شماله.

- المزاج الحربي

ويرى أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية، أنه على الرغم من الحديث عن التهدئة والصفقة المتوقعة، فإن إسرائيل لم تُغمض عينها عن عملية عسكرية متوقعة في رفح.

وقال يوسف في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن "معركة رفح ما زالت قائمة، وهناك توجه قوي داخل مجلس الحرب بتنفيذ هذه العملية على اعتبار أن رفح هي القلعة الأخيرة أو المنطقة الوحيدة التي لم يدخلها الجيش الإسرائيلي حتى الآن".

وأضاف "إسرائيل ما زال مزاجها حربيا حتى الآن، وشخصية نتنياهو هي لعوبة وتحاول أن تُرضي جميع الأطراف المتناقضة في إسرائيل".

وبحسب يوسف، فإن إسرائيل قد تمضي فعلا نحو اتفاق تبادل أسرى، كونها بحاجة إلى هدنة إنسانية تكتيكية تُريح الجيش وتعطيه فُسحة قبل العودة إلى القتال. ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن توافقا أميركيا إسرائيليّا يتشكّل حول الخطوط العريضة للهدنة الإنسانية التكتيكيّة.

من جانبه، قال إيتمار آيشنر، المحلل الإسرائيلي في صحيفة (يديعوت أحرونوت) إنهم في إسرائيل ما زالوا يؤكّدون أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا سيتم التوصل إلى صفقة على وجه اليقين.

وأضاف "هناك حلقة مفقودة، وهو زعيم حماس في غزة يحيى السنوار؛ فلا أحد يعرف ما يدور في رأسه؛ وبالتالي، سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تنضج الصفقة؛ لكن الاتجاه إيجابي".

ونقل آيشنر عن مصادر مطّلعة على المفاوضات قولها إن الصفقة الجديدة على عكس السابقة، مشيرا إلى أنه يجري الحديث عن صفقة مغلقة تضم 40 مختطفا فقط، بينهم نساء وبالغون ومرضى بأمراض مزمنة. وتنوي إسرائيل الضغط من أجل إضافة الجنود، لكن ليس من المؤكد أن يتم تضمينهم في هذه الصفقة.

وأضاف "في الوقت نفسه الذي تجرِي فيه المحادثات، يلوّح نتنياهو بالعملية المخطط لها في رفح لزيادة الضغط على حماس؛ لكن مصادر مطّلعة على المفاوضات للتوصل إلى اتفاق تخشى أن يؤدي الحديث عن عملية قادمة في رفح تحديدا إلى إخراج المفاوضات عن مسارها والتسبب في تصلّب مواقف حماس".