منال الزعبي - النجاح الإخباري - 100 يوم من الصمود تصارع فيها غزة وحيدة ككف تلاطم المخرز، تعيش الفقد والدمار المجبول بالدم في حرب هي الأشرس في تاريخ إسرائيل.

 100 يوم من العزلة يدفع فيها الشعب ضريبة الدم لتجار السلاح بعد أن  لقنهم الفلسطيني درسًا بالعزة في السابع من أكتوبر الماضي، فصاحب الحق قوي، إلا أن العدو لم يتقبل الصفعة التي أذهلت العالم وأظهرت وهن هذا الكيان الهش، فجاء الرد وحشيا قاسيا، لم يبق شيء إلا قد حصل، دمار ونزوح وتشريد، قتل ودم  ومجازر لم تروِ شهوة المحتل الحاقد الناقم.

حرب جعلتها إسرائيل مراحل من العدوان الهمجي الممنهج في عملية عسكرية برية وجوية وبحرية، وبدعم أمريكي مطلق. استهدفت كل شيء في غزة ولم يسلم منها أحد: الأطفال والنساء والشيوخ والصحفيون والمسعفون والمدنيون، لم تفرّق بين المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد والمؤسسات والمراكز الإنسانية، حتى الخدج لم يسلمو منها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

 امتدت اليد الإسرائيلية المدججة بسلاح أمريكي لتطال كل بيت في غزة تحصد الأرواح وتزرع الموت، عائلات بأكملها مسحت من السجل المدني، جيل كامل من الأيتام ولد في غزة كما ولدت مخيمات جديدة داخل سجن بري كبير.

توغل بري بآليات ودبابات شطرت القطاع بعد أن محى القصف الإسرائيلي ملامح مدنه وأحيائه، قبل أن تدخل المرحلة الثالثة التي تلوّح بالإغتيالات عبر شن هجمات جوية دقيقة، حرب شرسة لا تكافؤ فيها حصدت قرابة 24 ألف شهيد من المدنيين وخلّفت أكثر من 60 ألف جريح معظمهم من النساء والأطفال وأعدمت الحياة لمن بقي منهم؛ ليعيشوا الخوف والجوع والتشريد والفقد وبتر للعائلات  والأعضاء.

 100 يوم من الغارات والقصف والمجازر ألقى الاحتلال فيها أكثر من 29 ألف قنبلة، ودمّر قرابة 70 % من المباني في الشمال و25% من المباني في الجنوب اختفت كليًّا.

حرب إبادة جماعية معلنة بهدف قتل الحق والحقيقة راح ضحيتها عشرات الصحفيين في انتهاكات وجرائم لم يشهدها التاريخ، خلّفت أزمة إنسانية خانقة، تفوق كل الأزمات السابقة التي عانى منها القطاع المحاصر منذ سنوات.

تداعيات نفسية واجتماعية واقتصادية وبيئية خطيرة على السكان والمجتمع والبيئة في غزة. الحرب تسببت في انتشار الرعب والاضطرابات النفسية بين الغزيين، خاصة الأطفال، الذين عاشوا مشاهد مروعة بين الأشلاء.

يضاف إليه الجوع والبرد في شتاء هو الأقسى على غزة في ظل انعدام أدنى مقومات الحياة الأساسية، وانتشار الأمراض والأوبئة وشح في الأدوية والعلاجات ومفاضلة بين حالات يتمنى أصحابها الموت.

100 يوم و الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا لم تتغير مواقفها من دعم إسرائيل وبعض الدول الأوروبية ما عادت مواقفها مؤثرة، تحركات خجلى على المستوى العربي لم تنجح في إيقاف عجلة الحرب الطاحنة، كما لم تنجح إسرائيل في تحقيق أي من أهدافها، مظاهرات مليونية تجوب العالم تطالب بالعدالة بينما تصمد غزة رغم النزف والأنين يركض الحفاة فيها نحو النصر ويتسلح مقاوموها بإيمانهم الحقيقي بعدالة قضيتهم، 100 يوم من الصمود ستحدد ملامح النهاية لحرب أرادها العدو إبادة ويصر الفلسطيني على جعلها ولادة.