غزة - النجاح الإخباري - في ظل الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة، والتي باتت تشكّل عبئًا نفسيّا على الشباب انطلقت حملة مجتمعيَّة جديدة تحمل اسم “سامح تؤجر”، للعفو عن المديونين وشطب مبالغ مستحقة بعشرات آلاف الشواكل عن المتعسرين.

دوافع إطلاق حملة سامح تؤجر

حملة انطلقت من بلدة بيت حانون شمال القطاع، بعد الحادث المؤسف الذي حصل في حي الشجاعية شرق غزة، حيث تعرض شاب للاعتداء من قبل آخر له عليه دين بقيمة 120 شيكل (35 دولار)، وانتشر فيديو الاعتداء على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار غضب واستهجان الناس، وسبقتها حملات أخرى حملت الاسم ذاته قبل سنوات في تكافل اجتماعي متأصل بين أهالي قطاع غزة.

وكان أول من رد على هذا الفيديو هو رجب نصير، صاحب محل فواكه في بيت حانون، حيث مزق دفتر الديون المستحقة عليه من قبل زبائنه، وعفى عن مبلغ قدره 7000 شيكل، قائلا: “لازم نعمل حساب للناس ونحس ببعض، يعني لما تحبس شاب بحياته ما انحبس عشان مبلغ 200 ش، انت شو بتستفيد؟ الـ 7000 شيكل اعتبرتهن لوجه الله تعالى وما بكسروني".

وأضاف نصير في فيديو نشره على صفحته على الفيس بوك: “أنا رجب نصير من بيت حانون، صاحب محل فواكه، أسامح كل زبائني من الديون المستحقة عليهم، وأطالب كل التجار في غزة إلى التضامن مع هذه الحملة، وإلى التخفيف على المواطنين في هذه الظروف”.

ولقي فيديو نصير ردود فعل إيجابية كبيرة من قبل المستخدمين، الذين أشادوا بموقفه الإنساني والأخوي، ودعوا باقي التجار إلى الانضمام إلى الحملة، وإظهار روح التكافل والتآخي في المجتمع.

ولم تقف المبادرة عند حدود نصير فقط، بل امتدت لتشمل عدة قطاعات مختلفة، مثل التجار والأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين والموظفين والعمال، الذين قدموا خدماتهم مجانا أو بتخفيضات كبيرة للمحتاجين والمدينين.

وتم تسمية الحملة بـ"سامح تؤجر"، استنادا إلى حديث نبوي شريف، يقول فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “من سامح معسراً أو وضع له، ستره الله في الدنيا والآخرة”.

وقال مجدي حويحي، أحد القائمين على المبادرة: "مبادرة سامح تؤجر هي مبادرة مجتمعية شبابية، تستهدف الفقراء والمحتاجين في القطاع، نظرًا لظروفهم الاقتصادية الصعبة في غزة، فيديو الأخ نصير رجب كان ايجابيا لذا نشرته وعمملت الفكرة وأطلقنا  #حملة_سامح_ تؤجر بنية نشر الخير وروح التسامح بين الناس".

وأكد حويحي أن الحملة لاقت رواجًا كبيرًا في المجتمع الفلسطيني، وشاركت فيها عدة قطاعات مختلفة، وحظيت بنجاح كبير، وأصبحت نموذجًا للتكافل الاجتماعي في القطاع.

وأضاف أن المبادرة تهدف إلى نشر قيم التسامح والمحبة والإخاء بين أبناء الشعب الفلسطيني، والتخفيف من آثار الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة، والتغلب على التحديات بالإيجابية والإبداع.

وأشار إلى أن المبادرة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لها، والتواصل مع المستفيدين منها، والإعلان عن المشاركين فيها، من خلال هاشتاغ #سامح_تؤجر ، الذي انتشر بشكل واسع على موقع الفيس بوك.

رواد مواقع التواصل الاجتماعي انقسموا إلى قسمين، قسم أيّد الحملة وتفاعل معها، وشارك في نشر فكرتها، وقسم اعتبرها سلبية تفضح الناس خاصة من تم ذكر أسمائهم، سنعرض وجهتي النظر بعد الرد عليهما اجتماعيا ودينيا.

رأي المجتمع والدين في قضية الحملات وفعل الخير على الملأ

بحث "النجاح الإخباري" قضية هذه الحملات مع رئيس قسم علم الاجتماع في جامع النجاح الوطنية د. أسعد تفال الذي رأى أن هذه الحملة تعكس قيم التكافل والتآخي والتسامح التي يتحلى بها الشعب الفلسطيني، والتي تزداد أهمية في ظل الأزمات التي يواجهها القطاع.

وأضاف تفال أن عمل الخير يجب أن يكون عفويًا وصادقًا، ولا يستهدف الإظهار أو الإستعراض أو المصالح الخاصة، مشيرًا إلى أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر سلبًا على نية المحسنين والمستفيدين.

وأشار تفال إلى أنَّ الدين والعادات والتقاليد تشجع على المسامحة والإسقاط عن المديونين، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، مؤكدًا أن هذه المبادرات تسهم في تقوية الروابط الاجتماعية والحفاظ على الحميمية بين الناس.

ودعا تفال إلى نشر ثقافة عمل الخير والتبرع والزكاة في المجتمع، وإلى إقامة حملات دورية لإغاثة المحتاجين والفقراء والأسرى والجرحى، مؤكدًا أن هذه الأعمال ترضي الله سبحانه وتؤجر من يقوم بها.

وللدين أيضا وجهة نظر في الحملات التي تدعم عمل الخير الذي هو أساس الشريعة الإسلامية، وقد أوضح د. حذيفة بدير المحاضر في كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ الدين يؤيد حملة المسامحة في الديون، لكن ضمن ضوابط شرعية.

وقال د. بدير إنَّ هذه الحملة تحقق التكافل في المجتمع وتسهم في إغاثة الغارمين الذين يعانون من ديون ثقيلة، مشيرا إلى أن الغارمين من المستحقين لزكاة المال.

وأضاف د. بدير أنه يجب على الدائنين أن يسامحوا في ديونهم بدون ذكر أسماء المديونين، حتى لا يحققوا لهم حرجًا أو ضررًا نفسيًّا، وأن يتخذوا قدوة من قول الله تعالى: “وَإِنْ تُبْدُوُ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ” (البقرة: 271).

ودعا د. بدير إلى تعميم هذه الحملة في المجتمع، لكن مع تصويب بعض الأخطاء التي وقع فيها بعض المشاركين، مثل ذكر مبالغ الديون أو تفصيلاتها.

النجاح الإخباري تابع كيف تداول رواد التواصل الاجتماعي موضوع الحملة، والتي كان أبرزها: