نابلس - النجاح الإخباري - الشيخ جراح هي قرية مقدسية  فلسطينية تتبع لمحافظة القدس وهي في الجانب الشرقي لمدينة القدس الذي وقع تحت الاحتلال الإسرائيلي في حرب 1967.

واخذ حي الشيخ جراح بالقدس اسمه، من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب صلاح الدين الأيوبي، القائد الكردي المسلم، الذي تحول إلى رمز لأجيال عربية متعاقبة منذ نحو 900 عاما.

ويتهدده الآن مخطط إسرائيلي استيطاني تم الإعلان عنه ويتضمن بناء 200 وحدة سكنية لاسكان مستوطنين يهود فيها، وسط هذا الحي العربي الواقع في القدس الشرقية المحتلة عام 1967م.

ويعد حي الشيخ جراح من الأحياء الفلسطينية العربية التي تحيط بالبلدة القديمة للمدينة،نشأ الحي ضمن الأحياء التي نشأت خارج أسوار البلدة القديمة في القدس ونذكر من بين هذه الأحياء حي القطمون، وهو الحيّ الذي عاش ودفن فيه الشيخ حسام الدين الجرّاحي طبيب صلاح الدين الأيوبي قبل 900 عام تقريبًا.

 سكنت الحيّ عائلات فلسطينيّة معروفة مثل عائلة النشاشيبي وينحدر منه إسعاف النشاشيبي الأديب الفلسطينيّ الذي ما زال قصره ماثلًا هناك، وله مكانة علمية وثقافية عبر التاريخ فهو يتسم بالعراقة والرقي فقد سكنته عائلات مقدسية مشهورة بالعلم والأدب، وهو ما جعله مقصدا للعديد من المثقفين والأدباء والشعراء؛ فقد استذكره الشاعر العراقي "معروف الرصافي" في إحدى زياراته إلى مدينة القدس، فقال:

وكان فيها النشاشيبي يسعفني

وكنت فيها خليلا للسكاكيني

حيٌ تفوح منه رائحة الأدب والثقافة حتى أسماه الكثيرون «ذاكرة القدس الثقافية»، فمن معالمه الثقافية القصر الذي كتب وعاش فيه أديب العربية إسعاف النشاشيبي 1882-1948م، وكان مقصدا للكثير من الأعلام والعلماء إلا أنه بفعل الاحتلال أصبح مهددا بفقدان هويته في ظل استمرار السيطرة على بيوته بيتا تلو الآخر.

خلال معارك النكبة عام 1948، نال حيّ الشيخ جراح الواقع شمال البلدة القديمة للقدس، نصيباً وافراً من القتال بين العرب والفلسطينيّين من جهةٍ والغازين الصهاينة من جهةٍ أخرى.

 كان تحقيق السّيطرة على الحيّ يعني بالنسبة للصهاينة فتحَ الطريق من أماكن تمركزهم غرب المدينة نحو مستوطنة الجامعة العبريّة الواقعة إلى الشّرق، وهو ما قد يؤدّي تدريجيّاً إلى السيطرة على الجهة الشرقيّة كاملة من القدس. سالت دماءٌ كثيرة صدّاً لهذا الهدف، وسلِم الحيّ من الاحتلال حتى عام 1967.  

في العام 1967، سقط الشيخ جرّاح، وتوالت مشاريع الاستيطان فيه، وكلّها تسعى لتحقيق الهدف ذاته: تطويق البلدة القديمة بالاستيطان وفصلها عن امتدادها الشمال3، ومنع اتصال الأحياء الفلسطينيّة واختراقها بامتدادٍ استيطانيٍّ طويل يُشيّد في غالبه على أنقاض الفلسطينيين، يبدّأُ عند الجامعة العبريّة شرقاً حتى يتصل مع شارع رقم 1 وأطراف غرب القدس. "المستوطنة في قصر المفتي، وحيّ استيطانيّ في "كبانية أم هارون"، وحيّ استيطانيّ آخر في "كرم الجاعوني"، ومبنى جمعية "أماناه" الاستيطانيّة، وغيرها من المعالم الإسرائيليّة كالوزارات الحكوميّة ومقرّ الشرط5، كلّ تلك معالم استيطانية وبُنية تحتية للاستيطان تعمل على تحقيق ذلك الهدف.

ما يحدث في حي الشيخ جراح يعد نموذجا على إصرار الكيان الصهيوني على تحقيق ما يسمى بالحسم الديموغرافي لصالح اليهود, حيث تتسارع وتيرة عمليات الهدم والإخلاء لمنازل الفلسطينيين، ويرافقها صمت المجتمع الدولي منذ ستين عاما والنتيجة واضحة: الحسم الديموغرافي فالكيان اليهودي يتبع خطة أعدها ونشر أجزاء منها لتكون القدس خالية من السكان العرب.

المشروع.. من يدعمه ويموله؟

تزعّم الجماعات اليهودية التي تسعى لإقامة حي يهودي في حي الشيخ جراح عضو الكنيست بيني إيلون الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد الوطني «المفدال»؛ مبرراً ذلك بأنه «لخلق تواصل سكاني يهودي يحيط بالبلدة القديمة» - حسب تعبيره – حيث تزعم بنفسه، عندما كان وزيرا للسياحة عمليات طرد السكان الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، كما حدث في شهر 4/ 2003، عندما تم طرد 20 شخصا من عائلة غاوي من منازلهم، وصرح إيلون بوضوح بأنه من أجل تنفيذ المخطط «ينبغي هدم المنازل الفلسطينية الموجودة في الحي، ووجوب ضم المناطق المفتوحة هناك إلى خطة البناء المقترحة»!!

ومما يذكر أن تمويل هذا المشروع تبناه رجل الأعمال الأميركي اليهودي إيرفينغ موسكوفيتز الذي يمول خصوصا منظمة عطيريت كوهانيم التي تريد «تهويد» أجزاء كبيرة من القدس ومنذ سنوات يتعرض الحي إلى هجمة «إسرائيلية» تهدف للسيطرة عليه وكسر الحلقة العربية التي تشكلها هذه الأحياء حول البلدة القديمة من مدينة القدس، وبلغت أشدها في الربع الأول من عام 2009 وكان أحدثها تسليم الاحتلال 28 أسرة فلسطينية إخطارات للرحيل عن بيوتهم.

وللاحتلال مقاصد في تهويد الحي؛ لأنه من الأحياء العربية الملاصقة للبلدة القديمة، وكذلك السيطرة عليه يتحقق للصهاينة قطع التواصل السكاني بين الأحياء العربية وكسر طوق الأحياء العربية حول البلدة القديمة للقدس.