نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري -  الطفولة أرض خصبة تُغرس فيها بذور الشغف والإبداع وتُرعى حتى تبزغ وتتفتح فيفوح عبيرها.. بيسان اشتية (27)عامًا، تنضج اليوم كاتبة، وتضج أنوثة هي التي كانت محظوظة بطفولة درج فيها الحرف على لسانها فدوّنته، وجد شامخ كجبل أمسك بيدها فأبصرته.
سلكت بيسان ابنة قرية تِل جنوب نابلس درب الكتابة دون أن تدري، وجدت شيئًا خفيًّا يشدها للورقة والقلم، تعبِّر من خلالها عن رؤاها الشخصية، وما تحتويه من انفعالات، وما تكتشفه من حساسيتها تجاه التجارب الإنسانية.
عن بداياتها تقول بيسان لـ"النجاح الإخباري": "كنت أكتب فتنتابني سعادة لحظيَّة لا ألبث بعدها أن أمزِّق الورق وأحرق ما كتبت، لا أدري ما السبب، وكأنَّني أبتلع الكلام بعد أن يصيح على الورق".
وكما الجسد بحاجة لغذاء لينمو كذا هي الكتابة، رويدًا رويدًا بدأت الموهبة تُصقل، وتلك اليد الصغيرة التي قبض الجد الأستاذ محمد سمير زيدان  عليها وهو يسير بدرب الثقافة والخطابة والحضور البهي اشتدت ونمت، بالقراءة والمراس والاطلاع على تجارب الآخرين. 
دخلت بيسان كلية العلوم التربوية في جامعة النجاح الوطنية، واختارت تخصص التربية الابتدائية، أما الشرارة فكانت بموقف عادي يحدث كلَّ يوم لكنَّه بالنسبة لها شكَّل نقطة تحوَّل، بعيون لامعة مليئة بالأمل روت بيسان الموقف: "في إحدى محاضرات الدكتورة منى شعث سألتنا، هل يكتب أحدكم؟
لم أتردد بالإجابة، رفعت يدي فطلبت مني أن أقرأ لها شيئًا، وبعد أن قرأت، أبدت إعجابها، ما كسر رهبتي وفتح بروحي نافذة من الأمل، شعرت بالتميُّز، كلماتها حفزتني وشجعتني، بل طلبت مني نصوصًا أخرى، في المرات القادمة أرشدتني لمواطن قوتي وضعفي، فكانت كمن وضعني على الطريق الصحيح، عدت للبيت شعلة من شغف، شعرت بجوع قاتل للقراءة والكتابة وانفردت بنفسي أترك روحي تفيض على الورق، كنت أعرف أن الكلام من القلب يجد طريقه لكل القلوب، كما أنَّ كلمة واحدة قادرة على إحياء روح".

كلمات بيسان شقت طريقها عبر كتابين رأيا النور، التجربة الأولى كانت بالمشاركة مع كاتبة أخرى بعنوان في قلبي هذا الكتاب يعيش، أما الثاني والذي حمَّلته مواضيع حياتية واقعية تلامس كلَّ نفس مهما كانت تجربتها، فكان شهقتها الأولى، كشهقة طفل توّه استقبل الحياة.
وعن تجربتها قالت بيسان: " الكتابة الإبداعية ابتكار وليس تقليد، تأليف لا تكرار، فهي تختلف من شخص لآخر حسب فكره وقريحته، وخبراته، وقدراته اللغوية، وعمق موهبته الأدبية، تبدأ بالفطرة و تنمو بالتدريب والإطلاع".
وحول انعكاس الكتابة على شخصيتها وحياتها أوضحت أنَّها عززت شخصيتها وفتّحت مداركها، وقالت الكاتبة الشابة بيسان اشتية إنَّ الكتابة أبرزتها وجعلتها من النماذج التي يستفاد من تجربتها، حيث تشارك اشتية للمرة الثانية في ورشة عمل ( المرأة تستطيع ) التي تهدف لنقل تجارب فتيات قياديات في مجالات متنوعة .
وأضافت اشتية أنَّ الكتابة جعلت منها فتاة مختلفة قوية قادرة على الاجتياز، وأنَّه بفضلها أصبحت نموذجًا للشباب الطموح، ولكل الساعين نحو معرفة أهدافهم وإطلاق العنان لأرواحهم. 
وعن نصائحها قالت الكاتبة الشابة: "أكيد الكاتب الجيد نتاج لقراءة مكثفة ومُعمقة، ولأن اللغة العربية تستحق أن نُتقنها ونكوّن اهلًا لها فهي اجمل لغة وِضعت على الأرض، وما الأرض سوى الوطن الذي يجب أن نقدسه ولو بالحرف.. كل شي عملته تطوع لأنَّ فلسطين تستحق وأطفالنا يستحقون؛ لنزرع فيهم الأمل ونضعهم على الطريق الصحيح من خلال دخولي المدارس والتشجيع على القراءة وصقل المواهب اكتشفت إنه في شباب مبدعين وشابات مبدعات لكن لا يوجد من يدعمهم ولو بكلمة! 
بيسان معلمة في مدرسة "راهبات مايوسف" في مدينة نابلس توظف كتاباتها بتعليم الطلاب  
لتشجيعهم على المطالعة الخارجية تدعمها مديرة المدرسة "دينا دواني" التي قرَّرت إدراج كتاب خارجي لكلِّ مرحلة عمريَّة مع المنهاج

تقول بيسان: "الخواطر، والنثر، والقصص القصيرة، وأناشيد الأطفال موضوعات أطرقها تتحدث عن الطموح والأمل، والمرأة، والمشاعر الجميلة، وفلسطين، والأسرى، والشهداء، لافتةً إلى أنَّها عملت على كتابة نصوص مسرحية لطالبات من كلية الإعلام بجامعة النجاح الوطنية لمشاريع تخرجهم، وتم تمثيل النص وعرضه في الجامعة
كما انضمت بيسان  لرابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين، ولا زالت تحثّ الخطى نحو أي نشاط ثقافي، و تعمل الآن ضمن مشروع رنين الأمل الذي يضم نشر كتاب يجمع 15 كاتبا فلسطينيا من مختلف محافظات الوطن بما فيها غزة، وكأن فلسطين في قلب الكتاب.