غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - شهدت أسواق قطاع غزة خلال الأيام الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار مواد البناء والوقود،وذلك بعد قرار الاحتلال الاسرائيلي بوقف إدخال  هذه المواد عبر معبر كرم أبو سالم.

وقررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي بوقف ادخال مواد البناء لقطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم حتى اشعار آخر، بدعوى استمرار اطلاق البالونات الحارقة تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

وفجر الخميس، قرر الاحتلال الإسرائيلي أيضاً وقف إدخال الوقود إلى قطاع غزة فورًا وحتى إشعار آخر، بالإضافة لإغلاق معبر كرم أبو سالم.

انعكاسات خطيرة

قرارات الاحتلال بمنع ادخال مواد البناء والوقود لغزة له انعكاسات خطيرة على الوضع الاقتصادي المتأزم في القطاع خصوصاً مع استمرار الحصار، الأمر الذي أدى إلى تذمر تجار مواد البناء وأصحاب محطات الوقود وتخوفاتهم من الدخول إلى أزمة، بالإضافة إلى تخوفات المواطن الغزي من ارتفاع الأسعار الخاصة بمواد البناء الوقود.

وأعرب المواطن أبو شادي خليل (52 عاماً) عن تخوفه أن يلقي قرار الاحتلال بوقف ادخال مواد البناء بظلاله على المواطنين خصوصاً الذين يقومون ببناء منازل أو منشآت هذه اللحظات.

وقال خليل لمراسل "النجاح الاخباري": إن قرار الاحتلال منع دخول مواد البناء لغزة سيؤدي إلى أزمة كبيرة في عملية بناء المنازل والمنشآت، وذلك من خلال شح هذا المواد بالإضافة إلى زيادة التجار لأسعار هذه المواد".

وأضاف أنه يقوم الآن ببناء طابق جديد في منزله المكون من طابقين في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، متخوفاً من أن لا يستطيع اكمال بناء بيته جراء هذه الأزمة.

وتابع: "والأخطر من ذلك هو أن هناك تجار السوق السوداء، سيقومون ببيع مواد البناء بأضعاف مضاعفة في حال شح مواد البناء، ناهيك أيضاً عن احتكار بعضهم لهذه المواد، وهذا ما سيزيد من الطين بلة".

في هذا السياق، أوضح ابراهيم الحجار مهندس في شركة أبناء عبد الفتاح صافي لمواد النباء، أن قرار الاحتلال بمنع ادخال مواد البناء لغزة لم يكن في حسبان التجار، مشيراً إلى أن كميات مواد البناء الموجودة لدى تجار غزة لا تفي بسداد حجات المواطنين.

وقال الحجار لـ"النجاح الاخباري": "كان لدينا التزامات لدى الناس ببيعهم كميات من مواد البناء سواء حديد أو حصمة او اسمنت، وفي ظل منع ادخال مواد البناء لم نلتزم بوفائنا للمستهلكين، وهذا يسبب انزعاج وتذمر خصوصاً أن الكميات المتواجدة من مواد البناء لا كفي إلا ليوم السبت أو الأحد، بعد ذلك تكون الكميات شبه معدومة داخل المحلات".

وأضاف أنه " في حال تم طلب كميات مواد بناء من تجار آخرين فسيتم بيعه بأسعار أعلى من السعر الذي كانوا يحصلون عليه عند شرائهم مواد البناء عن طريق المعبر، لذلك هؤلاء التجار سيرفعون الأسعار مما أضطر من رفع السعر أيضاً من أجل توريده للمستهلك"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن أسعار مواد البناء ارتفعت بنسبة 10% بعد قرار الاحتلال الإسرائيلي بوقف ادخالها لغزة.

وأكد الحجار أنه في ظل استمرار الأزمة سترتفع أسعار مواد البناء، وأنه كل ما طالت مدة الأزمة كلما ستزيد الأسعار، منوهاً إلى أن سعر طن الأسمنت كان قبل قرار منع ادخاله حوالي 415 شيقل، وبعد القرار أصبح 500 شيقل.

وحذّر من أن بعض التجار سيستغلون هذه الأزمة لبيع مواد البناء من خلال السوق السوداء والاحتكار، وهذا سيزيد معاناتنا نحن كأصحاب محلات مواد بناء وكمواطنين أيضاً، مشدداً على أن هذا الأمر سيؤثر في عملية البناء في قطاع غزة.

وكانت حركة حماس حملت الاحتلال الإسرائيلي جميع نتائج وتداعيات أغلاقه لمعبر كرم أبو سالم، معتبرة منع دخول البضائع إلى غزة سلوك عدواني، وإمعان في الجريمة بحق مليوني فلسطيني في القطاع.

أزمة كبيرة

وفيما يتعلق بقرار وقف ادخال الوقود لغزة، أبدى المواطن مؤمن مطر وهو يعمل كسائق، تخوفه من دخول القطاع في أزمة وقود، الأمر الذي دفعه أن يطلب من محطة الوقود الذي يتعامل معها من  طلب كمية أكبر لتكفيه لسد احتياجات سيارته لمواصلة عمله.

وأوضح مطر في حديثه لـ"النجاح الاخباري" أنه في حال نفاذ كميات الوقود بعد قرار  الاحتلال سيؤدي إلى وقف عمل الكثير من السائقين، وهذا ما يتخوف منه السائق، الذي ليس بيده أي عمل آخر في ظل انعدام فرص العمل للشباب.

في ذات الإطار، أكد فتحي أبو قمر صاحب محطة أبو قمر للبترول، إن قرار وقف ادخال الوقود لقطاع غزة له تأثير كبير على أصحاب محطات الوقود والبترول، مشيراً إلى أنهم سيدخلون في أزمة كبيرة حال نفاذ كميات الوقود المتواجدة لديهم الآن والتي لا تكفٍ لسد احتياجات المواطنين إلا لأيام قلائل.

وقال أبو قمر لـ"النجاح الاخباري": إن هناك تسعيرة من قبل الحكومة للوقود ونحن نلتزم بها، ولم نخالف الحكومة في هذا المجال، مستدركاً "لكن هناك تجار سيستغلون هذه الأزمة في احتكار الوقود وبيعه في السوق السوداء".

وأضاف أن الطلب الآن يزيد على الوقود من قبل المواطنين لتخوفاتهم من نفاذ الكميات، خصوصاً من قبل سائقي التاكسيات، لافتاً إلى أن يتم بيع المستهلكين بكميات محدودة لعدم الدخول في أزمة.

ويتعرض معبر "كرم أبو سالم" لإغلاقات متكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث يعد المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة مع الكيان الإسرائيلي تجاريًّا.

الاقتصاد تحذّر

من جهتها، حذّرت الاقتصاد في قطاع غزة تجار مواد البناء والوقود من استغلال المواطن الفلسطيني، سواء في احتكار السلعة أو في زيادة الأسعار بعد قرار الاحتلال منع ادخال مواد البناء والوقود لغزة.

وقال الناطق باسم الاقتصاد في غزة، عبد الفتاح موسى لفي تصريح خاص لـ"النجاح الاخباري": إن " وزارة الاقتصاد بغزة حذّرت التجار وعممت على جميع المكاتب الفرعية التي ينشط فيها جميع المفتشين والذين يعملون على ضبط الاسعار، بعدم الاحتكار في أي سلعة، وسيتم فتح محاضر ضبط واجراءات صارمة قانونية للمحتكرين ومستغلي المواطنين".

وأضاف موسى أن " اقتصاد غزة وجّهت نداء للمواطن الفلسطيني بأن يتواصل معها فوريا، في حال استغلال أي تاجر له"، مشيراً إلى أنه في حال تقديم المواطنين شكوى سيتم معالجة المشكلة والشكوى ميدانياً في جميع محافظات قطاع غزة.

وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بابتزاز الشعب الفلسطيني من خلال اغلاق لمعبر كرم أبو سالم الذي يعتبر المعبر الوحيد الذي يُدخل جميع مستلزمات 2 مليون فلسطيني واكثر بشكل يومي واحتياجاتهم اليومية والسكنية والمعيشية التي تدخل عبر هذا المعبر، مشدداً على أن اغلاق معبر كرم أبو سالم ومنع ادخال الوقود ومواد البناء سيؤثر بدرجة كبيرة على الحالة الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار مستمر لأكثر من 14 عاماً على التوالي.

عقاب جماعي

في السياق ذاته، يرى الخبير بالشأن الاقتصادي ماهر الطبّاع أن قرار الاحتلال بمنع ادخال مواد البناء والوقد لغزة؛ يندرج تحت العقاب الجماعي لقطاع غزة، مؤكداً أن هذا قرار يمثل استمرارا للإجراءات والسياسات الاسرائيلية المستمرة منذ ما يزيد عن 14 عام.

وقال الطباع لـ" النجاح الاخباري": إن "توقف ادخال الوقود لقطاع غزة يعني توقف الحياة في قطاع غزة نتيجة لتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة"، مشيراً إلى أن قرار ادخال الوقود ومواد البناء له انعكاسات خطيرة على كافة الأنشطة الاقتصادية بالقطاع.

وأضاف أن أي ارتفاع سيطرأ على اسعار مواد البناء والوقود سيكون له انعكاسات سلبية على المواطن الغزي، خصوصاً في ظل معاناة المواطن في غزة من قلة السيولة النقدية وانعدام في القدرة الشرائية.

الجدير بالذكر، ان قطاع غزة يعاني من حصار إسرائيلي لأكثر من 14 عاماً على التوالي، الأمر الذي أدى لتدهور الحالة الاقتصادية للقطاع، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر.