نابلس - النجاح الإخباري - شكل رفض حركة حماس لزيارة المنتخب السعودي لفلسطين لملاقاة نظيره الفلسطيني، ووصفها بـ "التطبيعية" تناقضا كبيراً في مواقفها إزاء زيارات العرب لفلسطين، في الوقت الذي تشجع فيه الزيارات المكوكية للسفير القطري محمد العمادي لقطاع غزة متجاهلة نزول طائرته في مطار بن غوريون الإسرائيلي، ومكوثه في تل أبيب.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب أن موقف حركة حماس المتناقض يعكس حالة من "البراغماتية" التي تعيشها الحركة في اتخاذ مواقفها منذ سنوات.

وقال حرب في تعليق لـ "النجاح الإخباري" :" إن صمت حركة حماس على حرية حركة السفير القطري ودخوله محملا بالأموال إليها في أي وقت كان عبر "تل أبيب" يعكس أيضا الأزمة التي تعيشها حركة حماس لجهة الكيل بمكيالين في ملف "التطبيع" مع الاحتلال بزعم أن ما يقوم به العمادي ينطبق عليه تعريف التطبيع القسري وفق لرؤية حماس."

مي جانب آخر، رأى حرب أن موقف حماس يتناقض أيضا مع المصلحة الوطنية الفلسطينية التي يتطلب تحقيقها الانفتاح على العمق العربي وحث الجميع على زيارة فلسطين للاطلاع على الوضع على الأرض.

وأشار حرب إلى أن زيارة المنتخب السعودي التاريخية تأتي أيضا في مقدمة المصالح الفلسطينية لتتجاوز أهدافها الرياضة المعلنة الى أهداف عربية وقومية.

وربط حرب موقف حماس من زيارة منتخب السعودي لفلسطيني ووصفها بالتطبيع وبين ما تمر به علاقات الحركة مع (الرياض) من فتور كبير على ضوء مواصلة السلطات السعودية اعتقال عدد من نشطاء حماس وقياداتها في السعودية.

حق مشروع

في سياق متصل، قال مدير مركز الإعلام بجامعة النجاح الوطنية م. غازي مرتجى إن مباراة المنتخب الفلسطيني مع نظيره السعودي على أرض فلسطين حق مشروع وفق فتوى دينية، وأخرى وطنية مشهود لها، وثالثة وفق نظرية القياس لمن في قلبه ذرة من شك، وفق فتوى دينية، وأخرى وطنية مشهود لها.

وأكد مرتجى في تغريدة له على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) :"وفق نظرية القياس والذي يعتبر مصدر من مصادر التشريع في الدين الإسلامي، فإن المعارضين لإقامة المباراة في فلسطين ودخول المنتخب السعودي لفلسطين دون مرور على أي جندي إسرائيلي هم أنفسهم وافقوا أو لم يعترضوا على مكوث سفير قطر العمادي في تل أبيب ومروره المميز عبر بن غوريون وإيرز".

وأضاف مرتجى: "السعودي هي أكثر الدول التزامًا مع فلسطين منذ انطلاق الثورة الفلسطينية، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي كان يرأسه يوسف القرضاوي أفتى مؤخرًا بأن زيارة المسجد الأقصى ليست تطبيعًا".

ولفت إلى أن حركة المقاطعة للاحتلال (BDS) أفتت بأن لعب المنتخب السعودي في ضواحي القدس ليس بتطبيع أيضا.

وفي وقت سابق علقت حركة مقاطعة (إسرائيل) "BDS" على زيارة المنتخب السعودي للأراضي الفلسطينية بالقول: "اللجنة الوطنيّة الفلسطينيّة للمقاطعة، وهي أوسع ائتلاف في المجتمع المدني الفلسطيني، تفرّق في معايير التطبيع بين الزيارة من خلال تأشيرة صادرة عن سفارات دولة الاحتلال، التي تعدّ تطبيعا، وبين تصريح من سلطات الاحتلال يتم استصداره من خلال السلطة الفلسطينيّة، ولا يعدّ تطبيعا رغم مساوئه الواضحة. وعلى هذا الأساس، لا تتعارض زيارة المنتخب السعوديّ مع معايير مناهضة التطبيع التي أقرّها بالإجماع المؤتمر الوطني الأول لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS) في العام 2007، بشرط ألا تقام خلال هذه الزيارات أي علاقة مع دولة الاحتلال أو مؤسساتها".

وخلافا لفتوى سابقة من هيئة علماء المسلمين برئاسة يوسف القرضاوي الذي كان يعتبر زيارة العرب لفلسطين "تطبيعا" دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني المسلمين في كافة أنحاء العالم لزيارة القدس ودعم المقدسيين والمرابطين ماديا ومعنويا، مشددا أن “ليس كل من زار القدس مطبعا أو داعيا للتطيبع، موضحا أن الغرض والمقصد من الزيارة كفيل بمعرفة الموقف الشرعي والسياسي منها”.

حماس ترفض المبررات

وكانت حركة حماس وصفت في بيان صحفي زيارة المنتخب السعودي لفلسطين بـ "التطبيعية" مهما كانت المبررات، والمستفيد الحقيقي هو الاحتلال لتبييض صفحته السوداء وكسر عزلته في المنطقة. وطالبت السعودية بالتراجع عن هذه الخطوة واستبدالها بإجراءات تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ودعم القطاع الرياضي.

رسائل للتاريخ

واعتبر رئيس الاتحاد لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب أن استضافة المنتخب السعودي الأول على أرض مدينة القدس يعد "حدثا رياضيا بامتياز يكتسب أهمية من خلال الرسائل التي ستترتب على هذا اللقاء التاريخي".

وقال الرجوب :" إن الاستعدادات لاستقبال المنتخب السعودي ستكون بحجم وأهمية الحدث التاريخي، وقال: “هذه الزيارة تحظى باهتمام كبير لدى القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، ولدى لحركة الرياضية الفلسطينية بكافة أطيافها، وكافة أبناء شعبنا".

وكانت الهيئة العامة للرياضة السعودية أعلنت خوض المنتخب الأول للمملكة مباراته في التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأس العالم 2022 بقطر وكأس آسيا 2023 منتصف الشهر الجاري أمام المنتخب الفلسطيني بمدينة رام الله في الأراضي المحتلة، وذلك بعد أن رفض رفضا قاطعا اللعب هناك في التصفيات الماضية للبطولتين نفسهما، مما عدّه البعض تطبيعا مع الاحتلال الاسرائيلي.

ومن المقرر أن يصل المنتخب السعودي إلى الضفة الغربية، الأسبوع المقبل، للعب مباراة مع نظيره الفلسطيني يوم 15 من الشهر الجاري.

وسبق أن رفض الاتحاد السعودي قبل ذلك لعب مباراة مع منتخب فلسطين ضمن تصفيات آسيا في الضفة الغربية، ما أدى إلى نقل المباراة وقتها لتلعب على أحد ملاعب الأردن.

في ذات السياق رحب عبدالسلام اسماعيل هنية مسؤول الشباب والرياضة في قطاع غزة تحت إدارة حركة حماس، بزيارة المنتخب السعودي لفلسطين وأكد دعمه للمنتخب الفلسطيني (الفدائي)، ولكنه سرعان ما حذف منشوره عن صفحته على الفيسبوك على خلفية الضغوط التي تعرض لها.

وأمام التناقض في المواقف لدى حركة حماس، في رفضها لزيارة المنتخب السعودي لفلسطين بناء على طلب رسمي من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وبين اعتبار زيارة السفير القطري الذي تحل طائرته في مطار بنغوريون للوصول لحماس بالأموال أمراً طبيعياً، يبقى السؤال، هل لو دعمت السعودية حماس بالمال وحل المسؤولون السعوديون لغزة عبر البوابة الإسرائيلية لا يكون تطبيعاً؟