هبة محمود منصور - النجاح الإخباري - عند وصولك إلى المنطقة يتسلل إلى أنفك رائحةَ عراقةٍ وأصالة، تاريخ أجداد بذلوا الغالي والنفيس للمحافظة عليه،  فللوهلة الأولى تشعر أنك عدت آلاف السنين إلى الوراء، فسورها المنيع يروي كل حجرٍ فيه حكاية معارك وحروب خاضها، فما أن تتجذر قدماك داخل المكان تجد نفسك في وسط مدينة كنعانية قديمة "شكيم" أو ما تسمى ب " تل بلاطة".

فتل بلاطة موقع أثري يعود تاريخه إلى ماقبل 5.000 قبل الميلاد أي إلى العصر النحاسي والبرونزي، ويقع تحديدا في منطقة بلاطة البلد شرقي نابلس، ويتربع على تلةٍ شامخةٍ بين جبلي جرزيم وعيبال على تقاطع طرق الشرق والغرب والشمال والجنوب، ويمتاز موقعه بخصوبة الأرض نظراً لوفرة مصادر المياه ولسقوط الأمطار الغزيرة طوال فصل الشتاء.

تاريخ تل بلاطة

وللتعرف على تاريخ هذا التل فقد أكدت رئيس قسم الإستقبال في مركز تفسير تل بلاطة رهام عيسى للنجاح الإخباري :" بدأت الحفريات في تل بلاطة بالفترة الممتدة بين 1913_1934م على يد بعثة ألمانية، ومابين الفترة 1965_1969م على يد بعثة أمريكية، وفي عام 2011م على يد جامعة لايدن الهولندية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، وتم إنشاء مبنى مركز التفسير الذي يحتوي على مكتب ومتحف وقاعة عرض."

يذكر أن موقع تل بلاطة قبل الحفريات كان مطموراً كلياً تحت الأرض بعد ما مر عليه العديد من الحروب والمعارك، حيث تم اكتشاف أسلحة برونزية فيه بعثت إلى هولندا، وتم عرضها في متحف بهولندا ومن خلالها تنبأ الأثريين بوجود موقع قديم ومهم في هذا المكان.

وخلال عمليات التنقيب تم الكشف عن الجناح الغربي الذي يعتقد العلماء أنه كان يضم معبداً يعود للعصر الحديدي يضم أعمدة، إضافةً إلى بعض المنازل والبوابة الشرقية والمعبد المحصن والساحات المقدسة التي تشتمل على جدار كبير يفصل العديد من المباني عن باقي أجزاء المدينة، عدا عن العثور على مدخل قاعة يؤدي إلى مجموعة ساحات يعتقد أنها كانت أماكن مقدسة.

وأضاف الحاج أبو أحمد، أحد سكان المنطقة : " اختار الكنعانيون المكان على مساحة 56 دونم ضمن الطرق التجارية القديمة، وبالقرب من عين دفنه التي كانت تزودهم بالمياه."

وتابع:" أول ما يلفت نظر الزائر هنا هو السور المنيع الذي يحيط بالمكان، فحجارته الضخمة المنتشرة في كل الإتجاهات كانت درعاً حامياً من هجمات القبائل الأخرى، وعن الجهة الأخرى فالجزء البارز فيها هي البوابة الشمالية الغربية الفريدة من نوعها حيث تحتوي على 3 مداخل لزيادة الدفاع، يتبعها الجناح الغربي للمدينة ويعود جذوره للعصر الحديدي، وختامها المعبد المحصن الذي كان يعتبر مكاناً للعبادة والتقرب للإله."

واختتم أبو أحمد حديثه: " الجزء الأساسي بالمعبد هو المذبح حيث كانت تقدم فيه الأضاحي للإله، وأمام قصر الملك تقع ساحات مقدسة كان يعيش الطبقة الحاكمة ورجال الدين."

ورغم المكانة والأهمية السياحية للموقع الذي بناه أجدادنا الكنعانيين إلا أنه يبقى دليلاً أثرياً على أحقيتنا وأقدميتنا على هذه الأرض، لذلك يجدر بنا العمل على إيصاله لكل مواطن فلسطيني ليكون على معرفة بتراث أجداده شامخاً بها.