احمد الشنباري - النجاح الإخباري - ان تحصل على فرصة عمل في قطاع غزة امر معقد ويحتاج لجهد، فالظروف الاقتصادية التي تطبق على غزة منذ عشر سنوات ومايزيد جعلت من تفاصيل الحياة مأساة انعكست على شرائح المجتمع، فحلم الخريج الجامعي خلال سنوات دراسته التي أنهكت أيامه من دراسة متواصلة على مدار أربع سنوات، قد يبدد في اول أيامه تخرجه مصطدماً بواقع مزري.

وهذا ما ينطبق على الخريجات اللواتي يحلمن بما يُزين حياتهن العملية من راتب قد يسهل عليهن مستلزمات الحياة، فتاره تتطوع في مؤسسة تقضي جل وقتها بلا فائدة، وتارة كُتبَ عليها العمل في رياض الأطفال بما لا يكفي أحيانا لمواصلاتها الشهرية.

هو واقع قد لا يُخفى على أحد في غزة، إذا ما سألته عن معلمات رياض الأطفال المحرومات من الحد الأدنى للأجور.

وقام مراسل النجاح الإخباري في غزة بدق باب المعلمات في رياض الأطفال متعرفاً على واقعهن في العمل الذي يرهق النفس ويحتاج الى طول بال في المعاملة مع الأطفال.

فالشابة مها محمد (26 عاما) خريجة الاجتماعيات والتي تعمل معلمة رياض أطفال في شمال القطاع، وتقول " يبدأ يومنا من الساعة الثامنة صباحاً، وهو يحتاج إلى تركيز وجهد وعناية، فالأطفال يحتاجون لعناية خاصة وتركيز تام لتبقى عينيك مفتوحة عليهم، وهذا متعب، ولكن العمل مع الأطفال  يحتاج إلى طول البال ومتابعة كل طفل على حدا"

وبخصوص الرواتب التي يتقاضونها تضيف "راتبي الشهري لا يتجاوز 220 شيكل، ثم تمت زيادته بناءً على سنوات الخبرة تدريجيًا حتى أصبحت أتقاضى 280 شيكل".

وحول مدى الرضا قالت "هذا ما يتوفر لنا، العمل قد يكون أحيانا أفضل من الجلوس في البيت لكن لابد من تطبيق قانون الحد الأدنى للأجور".

أما سامية المصري  والتي تعمل أيضاً في إحدى رياض الأطفال، فتقول "كان حلمي منذ الصغر أن أصبح معلمة، ولكن بعدما تخرجت حالت ظروف غزة البائسة وفرص التوظيف النادرة بيني وبين حلمي فرضخت وعملت مربية في روضة ".

مؤكدةً "لا تكفي مرتبات العمل فيها لأدنى متطلبات الحياة حتى أصبحت أبغض حلمي الذي تمنيته".

وتقول مديرة إحدى رياض الأطفال ميرفت عبد الحميد "الظروف الاقتصادية في قطاع غزة هي من تحكم علينا ان تبقى الأجور منخفضة والميزانية الخاصة بالرياض لا تتحمل نفقات الايجار والرواتب".

وتضيف ميرفت " كما ان أهالي الأطفال يماطلون في دفع المستحقات المالية لأبنائهم وهذا ما يؤثر على الوضع المالي للروضة ويدخلها في ازمة مالية تتوجب دفع الرواتب بما هو موجود".

"تشترط بعض الرياض في المعلّمة المتقدّمة للتوظيف الحصول على شهادة بكالوريوس أو دبلوم في إحدى مجالات التدريس في رياض الأطفال، ومنها تخصصات تربية طفل، تعليم أساسي، لغة عربية، لغة انجليزية أو دراسات إسلامية، بالإضافة للحصول على دبلوم تربية أو خبرة في رياض الأطفال" هذا ما أكدت عليه مديرة الموارد البشرية في جمعية الشابات المسلمات التي تضم مجموعة رياض أطفال نبيلة الملاحي.

وفي حديث لنا مع رئيس قسم التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم العالي في غزة فادي الأشقر  يقول "إنّ تدني أجور المربيات في رياض الأطفال هو أمر عام في كافة رياض القطاع، مُرجعاً السبب إلى ضعف تحصيل أرباح الرياض الخاصة، وندرة الدعم المالي للعديد منها، إضافة إلى امتناع جزء كبير من أولياء الأمور عن الإيفاء بالأقساط الشهرية والالتزامات المالية الخاصة بأطفالهم بدعوى الأوضاع الاقتصادية والمادية الصعبة التي يعاني منها مُختلف سكان قطاع غزة".

ويتابع الأشقر "أنّ الوزارة قد تتدخّل في حالات محددة وتقف في جانب المعلمات منصفةً إياهن في أوضاع كمكافئة نهاية الخدمة التي تتخاذل العديد من الرياض الخاصة بتسديدها أو تقوم بدفعها على أقساط، كما تتدخل أيضًا في حالات العلاوات أو الامتيازات نتيجةً لسنوات الخبرة".

يذكر ان وزير العمل مأمون أبو شهلا قد أصدر قرارًا يُلزم أصحاب العمل ببدء تطبيق الحد الأدنى للأجور في كافة المحافظات، وذلك بأن يكون الحد الأدنى للأجر الشهري 1450 شيقل، وأن يسري القرار اعتبارًا من الأوّل من آذار 2017، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.