نهاد الطويل - النجاح الإخباري - توجه جديد أطل برأسه على ضوء ما يفرضه الواقع المعاش من ركود اقتصادي وأزمات تطال بيوت الفلسطينيين، نتيجة استفحال الاحتلال وعوامل داخلية متنقلة يطول الحديث عنها.

فعندما لم يكتب للشاب أيهم ابن الثلاثين ربيعا جمع ما يكفي من المال ليتزوج، ذهب الى الحل من بوابة البنوك ليدخل القفص الذهبي ويبدأ بعد ذلك حياته الزوجية قصة مطاردة جديدة عنوانها " سداد الديون " التي انهكته، فهو لم يعد قادرا أيضا على العيش بكفاف قوت يومه.

يقول أيهم لـ"النجاح الإخباري" إن السبب المباشر الذي دفعه للإقترض: " ما برميك على المُر إلا الأمر منه."

ولعل أيهم واحد من ضمن عشرات آلاف الشبان الذي يواجهون قدرهم بسبب شبح البطالة والفقر المدقع، فحاولوا جاهدين الإلتفاف على الواقع "المر" عبر القروض لمواصلة دورة الحياة.

وتؤكد ابتسام منصور - موظفة سابقة - أن الظاهرة باتت بالفعل تغزو حياتنا بسبب الفقر المدقع، في ظل الغلاء الفاحش وهشاشة الرواتب، اذ تصبح الجيوب فارغة قبل منتصف كل شهر.

ورأت منصور لـ"النجاح الإخباري" أن الحل بيد الحكومة فقط، وذلك من خلال العمل على رفع الرواتب الخاصة بالموظفين ومراقبة الأسعار وتقليص الضرائب الى جانب تعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد لضرب جشع المسؤولين".

وشددت منصور على ضرورة توظيف الكفاءات لجهة حل الأزمات الإقتصادية بدلا من استبعادها.

وأعدت الناشطة ( أم سارة الكايد) القروض بالحل المناسب للمواطنين.

فالأزمات الاقتصادية المتدحرجة كما تقول لـ"النجاح الإخباري" تعطي الشباب مبررا قويا للمضي قدما في مسيرة الحياة بشكل طبيعي عبر بوابة الإقتراض رغم ما تحمله من مخاض عسير لتدبير الأمور لجهة الإلتزام بالسداد فيما بعد.

وتتابع :" الراتب الشهري لم يعد يكفي المواطن لسد احتياجاته ما يؤثر سلبا ويضطر بتسديدها مع الفوائد وهنا تدمر المواطن."

وباستطلاع آراء عدد من الشباب فقد وجدوا في الحصول على قرض من احد البنوك المحلية حلا لمشكلتهم في شراء منزل يحلمون به، طالما أن من يلجأ لهذا الطريق الطويل يستطيع ان يلتزم في السداد مع نهاية كل شهر مالي.

وفي هذا الصدد يقول الشاب الجامعي خالد عبد الكريم " التوجه الموجود لدى الشباب هو التقسيط او القروض في كل شيء ( الزواج وشراء بيت العائلة، وحتى الأثاث والسيارة."

وتكشف بيانات وأرقام مالية، غير محدثة وصادرة عن جمعية البنوك في فلسطين، إجمالي القروض والتسهيلات التي قدمتها البنوك في فلسطين، ارتفعت بنسبة 11.8٪، خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، مقارنة مع الفترة المناظرة من العام الماضي.

وجاء في الأرقام، التي أوردها تقرير بعنوان المؤشر المصرفي، أن إجمالي التسهيلات والقروض المصرفية، استقرت عند 5.359 مليار دولار، نهاية أغسطس/آب الماضي، ارتفاعاً من 4.785 مليار دولار، في نهاية أغسطس/آب من العام الماضي.

وعادة ما يرجع خبراء الاقتصاد تهافت المواطنين على أبواب البنوك وجمعيات الإقتراض المتناهي الصغر بسبب قلة فرص العمل، حيث يلجأ الكثيرون للإقتراض للحصول على الأموال بشكل سريع  لتغطية تكاليف المشاريع الصغيرة،وذلك تسهيلا لأوضاعهم المعيشية ومحاولة لتحريك عجلة الاقتصاد الميت.

ومن المعروف أن أكثر شريحة مجتمعية تقترض هي الموظفين.

الجمعيات الشهرية .. ملجأ آخر 

وثمة ثقافة جديدة يتردد صداها في بيوت العائلات وجيل الشباب وتتمثل بما بات يعرف بـ"الجمعيات الشهرية" وذلك هربا من الارتباط بقرض "لا يرحم سداده" او التزام قانوني أمضى من السكين.

وفي هذا الصدد يقول الباحث والمرشد الإجتماعي معين اشتيوي لـ"النجاح الإخباري" إن اللجوء الى هذا الأسلوب يعد الطريق الأسلم والأقصر حتى لجيل الشباب وذلك في محاولة للمناورة وسد عجز المصاريف الشهرية التي يتحملها الكثيرون في ظل دخل محدود لا يسمح للإقتراض من البنوك.

ويقوم مبدأ الجمعية على دفع مبلغ من المال شهريا يتم الاتفاق عليه مع عدد من المساهمين ثم يوزع شهريا بـ"بالقرعة" او حسب التوافق على واحد منهم بشكل دوري.

وترى رشا أحمد أن أكثر سببين بارزين للاشتراك بالجمعيات، اولا :كون الشخص يحتاج مبلغ من المال لشراء شيء معين او عمل مشروع معين ولا يرغب باللجوء للقروض والديون،أما السبب الثاني فيكمن بدافع ادخار المال، فالكثير كما تقول رشا لا يستطيعون الاحتفاظ بالمال بالمال او ادخاره ولكن في حال الالتزام بجمعية يكون مجبر ومضطر ان يدفع اشتراكه الشهري.

وأضافت رشا لـ"النجاح الإخباري": " لقد تشاركت مع 13 فردا من أقاربي ومعارفي  حيث جرت العملية مداورة على كل واحدة مشاركة شهريا ولمدة 13 شهرا وفقا النظام المعمول به."

وتعتبر الثقة والإلتزام بدفع المبلغ شهريا شرطان ملاكزيان للمشاركة في الجمعيات التي عادة ما تنشط في القرى والأرياف.

وتقول جواهر شناعة والتي تترقب جمعيتها انها حرصت على الدخول في هذا الطريق لتأمين جزء معقول من مصاريفها الجامعية خاصة وأن مبلغ الجمعية كان كبيرا (نحو 200 شيكل شهريا) يساهم فيه عشرة أعضاء

وختمت لـ"النجاح الإخباري" :" ليتنا ننعم بحياة أفضل بلا منغصات الواقع المعاش كي نتمكن من العيش بعيدا عن التقسيط والقروض وحتى الجمعيات الشهرية."