مصطفى الدحدوح - النجاح الإخباري - يشهد قطاع غزة ولادة حديثة لقرابة (60) ألف طفل سنوياً، و المفلت للانتباه، أنَّ المستشفيات الحكومية تستقبل النسبة الأكبر من حالات الولادة، مما جعل الأمور سهلة المراد للحصول على إحصائيات رسمية توضح معالم خطورة الأعداد التي تشير إلى زيادة نسبة تشوهات الأجنة، لتفيد الإحصائيات التي حصلت عليها "النجاح الإخباري" من وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بأنَّه قبل عام (2006) كانت نسبة التشوهات ثابتة و تطابق الأرقام العالمية في دول العالم كافة،و التي كانت تبلغ (40) حالة تشوه لكل ألف مولود.

و بعد عام (2007) بدأت ملامح الخطورة تظهر، وبلغ التزايد مع بداية عام (2010)، وذلك حسب إفادة أخصائيين في قسم الولادة في مشفى الشفاء الطبي الحكومي، لتصبح النسبة حوالي (63) حالة تشوه لكل (1000) مولود في غزة، ولم تقف هذه الأرقام عند هذا الحد فقط بل بلغ تزايد آخر بعد عدوان (2012)، وزيادة أكبر بعد عدوان (2014)، لتصل إلى 100 حالة لكل ألف مولود، في مختلف أنواع التشوهات مثل انفلاق الحنك أو الشفة الأرنبية، أو تشوُّه اليدين أو القدمين والفتق، ولم تقتصر هذه التشوهات بل بلغت الأخطر منها مثل تشوهات القلب والدماغ.

و أشار  استشاري و رئيس قسم حضانة حديثي الولادة في مشفى الشفا الطبي الطبيب "علام أبو حامدة"، إلى أنَّ الواقع الذي تمر به حالات ولادة الأطفال ما بعد عام (2010) حالة غير مسبوقة من تشوهات الأجنة بشكل ملموس، مما يجعل الموقف يلوح بالخطوات الخطرة لكون النسب في تزايد عن سابقتها في ظل انعدام الحلول الجذرية لمصادر الإصابة بالأمراض، ليسجل ما بعد عام (2015) حتى العام الجاري نسب غير مسبوقة عن الأعوام السابقة.

وأوضح "أبو حامدة"، أهم المصادر المسببة للإصابة المتمثلة في التربة و الهواء المحمَّل بأخطر المواد الثقيلة التي من شأنها أن تفتك بصحة المواطنين، والتي تعتبر مصدرها الأساسي الأسلحة التي استخدمتها القوات الإسرائيلية في عدوانها على غزة خلال الأعوام السابقة.

وسجَّلت الحالات الطبية عدداً من الحالات الغريبة من التشوهات التي لم يسبق رؤيتها داخل مشافي القطاع، ليكشف مدير قسم الأعصاب بمشفى "الرنتيسي التخصصي للأطفال" الدكتور محمد أبو ندى ، بأنَّ أهم حالات التشوه تأتي ضمن الحالات الآتية: بعض أنواع تشوه الدماغ "الاستسقاء" لافتًا إلى ظهور تشوه يعد من أخطر أنواع استسقاء الدماغ، بالإضافة إلى تشوه الأطراف أو نقصها المعروف بـ"حدوة الحصان"، إضافة إلى تشوه "فتاق العصعص" وهو من الأنواع الخطيرة الذي قد يؤدي إلى وفاة الجنين لاحقاً.

و قامت العالمة من جامعة "جنوا" في ايطاليا "باولا ماندوكا"، بإجراء دراسات في غزة بعد انتهاء عدوان (2009) و عدوان (2012) على التربة و المواطنين، لتؤكد نتائج دراساتها بتواجد علاقة مباشرة بين أسباب تزايد تشوهات الأجنة لدى مواليد قطاع غزة، لتظهر جملة من التشوهات الغير مسبوقة، لتضع في نتائج دراساتها بأنَّه يستلزم على مواطني القطاع الإخلاء والعمل على معالجة تربة و هواء القطاع كي يكون مؤهلاً للسكن.

وكشفت النتائج المنشورة لـ "مندوكا" في العام (2010) عن أنَّ ما نسبته (27 %) من أهالي الأطفال، الذين يظهرون عيوبًا خلقية، تعرضوا لقنابل الفوسفور الأبيض، وحسب دراسات وزارة الصحة فإنَّ قنابل الدايم والقذائف المشحونة بالفسفور الأبيض، إضافة إلى معادن مثل الزئبق والسيلينيوم والقصدير، تعتبر من أكثر العناصر تسببًا للتشوهات، و لم تتمكن وزارة الصحة من إجراء فحوصات بعد انتهاء عدوان (2014) لمنع الجانب الإسرائيلي الطواقم الأجنبية لدخول القطاع.

و بيَّن رئيس دائرة هندسة المتفجرات في الشرطة الفلسطينية في غزة المقدم "سمير النجار"، أنَّ الأسلحة التي أطلقتها إسرائيل كانت تحتوي على مادة الدايم، التنغستون، الكوبالت، الكبريت و التي تصنف من أخطر المواد الثقيلة المستخدمة في إنتاج الأسلحة المتفجرة، لكونها تهاجم البصمة الوراثية و التي تعمل على حدوث تفاعلات ضارة داخل الجسم لتكن سببًا في تزايد نسبة التشوهات لدى الأطفال حديثي الولادة.

في (نوفمبر/تشرين الثاني 2015) كشفت دراسة طبية أجراها فريق بحثي من مشفى النصر للأطفال، وجود زيادة ملحوظة في نسبة تشوهات القلب لدى مواليد غزة خلال الأعوام التي تلت الحروب التي تعرض لها القطاع، ويعزي الباحثون هذه الزيادة الملحوظة إلى تعرض الحوامل لمواد ناتجة عن الأسلحة المحرمة دولياً.

وأوضحت الدراسة أنَّ نسبة حالات تشوهات القلب الموجودة في قسم الحضانة بمشفى النصر للأطفال تتراوح بين (1.3% -4.8%)، مع ارتفاع نسبة الذكور المصابين مقارنة بالإناث.